اعمق من استقالة الحامدي.. وطن تحت القصف

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/generalhamdi7202014.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

امر عجيب غريب في تاريخ الدول والجيوش، لم يحدث حتى في اكثر الدول اشتعالا بالحروب والقلاقل، واكثر الجيوش اضطرابا وانهيارا، ان تعلن استقالة رئيس اركان جيش البر، على امواج اذاعة خاصة، زيادة على ان هذا الجهاز الاعلامي معلوم انخراطه في منظومة نظام المخلوع التي لا تزال تهيمن على عديد القطاعات الحيوية واهمها الاعلام بالبلاد.





كان يمكن ان يمر الخبر، دون ان يحدث هذه البلبلة العميقة، لو كان صدر في الاعلام العمومي او تم بطريقة مباشرة عبر ندوة صحفية او نقطة اعلام او بيان اخباري موجه لكل وسائل الاعلام، ولكن ان يصدر بطريقة التأكيد، تحت عنوان حصري ومن مصادر جديرة بالثقة ، في وضع بدت فيه الاذاعة اما جهازا رسميا مفوَّضاً داخل وزارة الدفاع، او جهازا استعلاماتيا يضاهي اكبر الاجهزة العالمية الاستخباراتية قوة ودقة ولكن ايضا حصانة، او هي تابعة لاحداها تتلقى الاخبار منها مباشرة.

ما يبعث على الانشغال العميق ويثير الريبة الواسعة هو ان الاذاعة هذه، التي يترأس تحريرها احد العناصر السابقين للبوليس، اوردت كل التفاصيل حول تعيين شخصية لخلافة الحامدي و تاريخ الاعلان عنها ، موجهة اتهامات صريحة للقوات المسلحة بـ الفشل التكتيكي ، متهكمة على الحامدي التي اعتبرته جاء به الرئيس المؤقت المرزوقي ، في اهانة واضحة لاحد اركان المؤسسة العسكرية باشارتها الماكرة الى كونه تابعا للمرزوقي الشخص، وليس خادما للوطن ومدافعا على الراية الوطنية.

الخبر الدقيق في مضمونه، المدهش في شكله، حقق ارقاما قياسية في عدد المتابعين وعدد التعاليق والمشاركات، خاصة على شبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك ، وشغل كل الراي العام بل الشعب برمته الثلاثاء ليلا والاربعاء، خاصة وان التوقيت كان دقيقا وحساسا الى حد عال.

والسؤال الكبير، ما ابعاد هذا الاعلان على هذه القناة التي تمثل خطا سياسيا مرتبطا منذ المخلوع بالبوليس السياسي وبخط الحركة المضادة للثورة؟؟

أن يأتي التجسيم الفعلي، من الغد صباحا، للخبر وبكامل التفاصيل، فهو ما يعمق الانشغال، خاصة وان الاعلان تم عن طريق قناة خاصة جدا بوزارة الدفاع نقضت تكذيب، لمجد الحمامي، الثلاثاء ليلا، الناطق (الذي يبدو بل ثابت انه ظهر غير رسمي) باسم وزارة الدفاع، للخبر المعلن في القناة المرتبطة عضويا بالطرابلسية، وكأن هيكلا داخل هيكل هو الذي يمسك بالقرار وتمثل الاذاعة المعنية ذراعه الاعلامية، التي قصّرت فقط في اعلان اسم الخليفة ، خشية ان تنفضح الامور بشكل صارخ.

كنا ننتظر في الحد الادنى بفتح تحقيق علني وشفاف، حول تسريب اسرار عسكرية عالية الحساسية، تمثل جناية خطيرة تهدد الامن وتمثل اعتداء واضحا على القوات المسلحة، وحول تضارب التصريحات وتداخل الاجهزة و تناقض القرارات داخل وزارة الدفاع، الوزارة المصنفة سيادية والمؤتمنة على سلامة التراب الوطني وامن البلاد، ولكن على ما يبدو ان الامر يندرج ضمن حركة عميقة مسنودة وتتمتع بكل الحصانة، لم تتضح بعد اغلب اهدافها، ولكن لم يمنع الوقوف عند الكثير من اسرارها.

الكثير من التعاليق تحدثت عن وجود مكائد ومنها ما اشار الى وجود تواطأ و تآمر والبعض اثار وجود تصفيات ومنهم من وصل الى حد اعتبار وجود تخطيط لـ انقلاب على المسار الانتقالي، والحقيقة ان الاسئلة مشروعة وكلها لها ما يسندها، خاصة وان استهداف المؤسسة العسكرية كان واضحا وممنهجا واندرج ضمن حملة متناغمة متصاعدة قادتها اجنحة القوى المضادة للثورة الاعلامية، انطلقت من اتهام احد قيادات النقابات البوليسية بصفة مبطنة ولكنها صارخة في نفس الان للجيش بالتخاذل بتجاهل تقارير استخباراتية بحدوث الهجوم البربري على جنودنا بالشعانبي يوم 16 جويلية، وتبعها ظهور رئيس نداء تونس الذي مرر كلمات في طعم السم في جسم القوات المسلحة.

وما يؤكد وجود مخطط هو ظهور اصوات متجانسة متضامنة سياسية باجهزة اعلامية مشككة في الانتخابات وفي هيئة الانتخابات وصرصار، فشلت في هجمتها الاولى، وفجأة جدت بطريقة غريبة احداث الشعانبي الدموية، بشكل بدا فيه الحامدي رئيس اركان جيش البر المتهم الاول، خاصة وان المسألة تمت بطريقة غاية في الغرابة.

السهولة التي تمكن منها المهاجمون من مباغتة جنودنا، تدل على ان الامر اكبر من وجود اخلالات في التسيير والقيادة، الى وجود اختراقات جوهرية داخل الجهاز العسكري، في منظومته المعلوماتية. ما جعل الصورة تتضح باستهداف الحامدي الذي يشكل صمام الامان خاصة لضمان استكمال مسار الانتخابات، هذا الرجل الذي شكل مصدر استهداف لهذا الاعتبار الجوهري ولكن من منطلق انتمائه الجهوي (سيدي بوزيد) وعدم ارتباطه بمنظومة بن علي وغياب علاقات مع الحركة المضادة للثورة والارتباطات الدولية ولحيازته الرضى والاجماع داخل المؤسسة العسكري، الذي جعله لا يستجيب لـ مشروع مجموعة الاحزاب المرتبطة بالمنظومة النوفمبرية التي فشلت في ارباك المسار الانتخابي عبر محاولتها الاولى التي قادها رئيس نداء تونس.

المؤسسة العسكرية صارت في مهب التناحر السياسي، والتدخلات الدولية الاستخباراتية المرتبطة ظاهريا وباطنيا بقوى سياسية معلومة، ما جعل الامور داخلها تتعقد والتحكم يصبح الى حد ما غير واضح، وهو ما اوقع الحامدي في وضع المرتبك الذي فقد السيطرة والتحكم، خاصة وانه فقد التجانس مع معاونيه الذين تم تعيين بعضهم بشكل مضاد لتوجهه، وجعله دون سلطة فعلية مع تحمل اخفاقات ومسؤوليات كبيرة، لا ننسى ان بعض القيادات مرتبطة بالجنرال عمار الذي تم ارغامه على الاستقالة في سنة 2013.

عندما تصل التجاذبات والاختراقات الحزبية والدولية عمق المؤسسة العسكرية فالمستهدف يصبح الوطن، وبث البلبلة وارباك واضعاف معنويات الجيش صارت معلومة، والخيانة مطروحة بقوة، والتعتيم وعدم فتح التحقيقات الشفافة العلنية سواء السياسية او القضائية يصب في هذا الاتجاه.

لم تمر تونس بعد الثورة بوضع ادق من هذا الذي نعيشه بتعقداته وتشابكه، تقديم الترشحات للانتخابات تفصلنا عنه ثلاثة اسابيع فقط، والانتخابات في اقل من ثلاثة اشهر، والوضع الامني هش، والوضع الاقليمي متفجر في ليبيا، والموسم السياحي الذي سينقذ الاقتصاد في فترة ذروته، ولا ندري فعلا لماذا يحدث الذي يحدث صلب القوات المسلحة في هذا الظرف الحساس بالذات!!؟؟

مجموعة من الاسئلة المشروعة ترفع حالة القلق الى مداها، وتضع في تداعياتها المستقبل الامني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي في حكم المجهول، وتهدد في ابعادها السيادة الوطنية وتفتح الباب امام اشكال تدخل اجنبي بطرق قد تختلف حسب الظرف وموازين القوى وتقاطع المصالح بين مختلف الاطراف الدولية والوطنية المعنية!!

(*) قانوني وناشط حقوقي



Comments


16 de 16 commentaires pour l'article 89295

STERDEX  (Tunisia)  |Vendredi 1 Août 2014 à 01:27           
تاملوا فى نظرات الورفلى على يمين الجنرال هل يتطلب الامر خبير فى علم النفس ليحلل

STERDEX  (Tunisia)  |Vendredi 1 Août 2014 à 01:23           
الثوره المضاده تسعى بخطى حثيثه نحو الانقلاب وما كان على الجنرال الحامدى ان يستقيل وما كان على الرئيس قبول الاستقاله حب الوطن يتطلب الصبر والثبات والنضال لاادرى ان كان الجنرال قد فكر فيما يمكن ان تؤول اليه الامور بعد انسحابه

Jammoula  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 20:33           
A chaque époque son aboulahab et aboulahab de la Tunisie après la révolution c bksebsi . Tout le mal du pays ne provient que de cette ordures diabolique d'être humain. C'est le daech du pays a lui seul c'est un bas jbouj

Mhg_BN  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 19:38           
A l'administrateur de Babnet:
J'ai toujours suivi et parfois partagé les articles et commentaires de Babnet.
Mais depuis le mois de Ramadan, lorsque je me contacte à votre site, mon antivirus me signale bruyamment que Babnet est infecté.
J'ai essayé chez un parent, aucun signal de danger.
Aujourd'hui, j'ai forcé l'alarme, et je vous écris
Si vous pouvez m'aider à comprendre.
Merci.

Mhg_BN  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 19:29           
On s'attaque maintenant à notre institution militaire. Tout pour éviter les élections, n'est-ce pas Essebsi. Mais cela ne passera pas, comme en 2011.

Amara  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 15:59           
العدل أساس العمران ،أين رجال القانون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

KasserinePass  ()  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 15:22           
ما دام الورفلّي - الذي يبدو على يمين الجنرال - ورهطه في الحكم فلا خير يرجى

RobinHood  ()  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 13:35           
**************

BenMoussa  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 13:24           
قول الحق فضيلة فشكرا للكاتب أثابه الله خيرا
وشكرا للمعلقين النزهاء

Nibras  (Germany)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 13:15           
طفل سأل ابوه .... لماذا الدنيا عاهره ؟؟؟؟
فاجابه ابوه .... ﻷن مصر ام الدنيا

Essoltan  (France)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 11:16           
تونس غيرت رئيس جمهورية خلي رئيس أركان جيش ..

Lina  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 11:03           
إثر قبول إستقالة رئيس أركان جيش البر رسمياً، قال ياسين العياري، عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك، أن الجيش الوطني أصبح دون مدير أمن عسكري و بلا رئيس أركان جيش بر وأن المتفقد الأعلى للقوات المسلحة محاصر و المجلس الأعلى للجيوش مقزم.

وأضاف العياري أن وقفة يوم الأحد لا بد أن تحدث وذلك لأسباب عدة ذكرها في التدوينة التالية:

ألم أعلمكم أن من ينشر تثبيت المرزوقي للحامدي : يربح في الوقت.
مانا قلنالكم إستقال، و فسرنا علاش، و بالتفاصيل
أبشروا : جيشكم بلا مدير أمن عسكري، و بلا رئيس أركان جيش بر، و المتفقد الأعلى للقوات المسلحة محاصر و المجلس الأعلى للجيوش مقزم.
في المقابل، كملت دائرة حطان “متاعنا” في الضباط السامين، توة وقت حطان “متاعنا” في الضباط القادة.
بدون تحرك و ضغط شعبي واسع و كثيف و بدون مطالب لا رجعة فيها بالشارع : أبشروا، توة تعيشو ما صار في مصر و تخيرون بين اللا إنتخابات و الرئيس التوافقي، تزوير الإنتخابات، أو الإنقلاب العسكري.
فرض الإرادة الشعبية الآن و حالا، و مهما كان الثمن مادام ذلك ممكنا ماهيش أوبسيون و إلا لوكس : واجب أكيد.
وقفة نهار الأحد، لازم تصير، و تلم الجميع، و تتواصل في الزمن :
- فرض التمديد بسنة لبن طاوس، حتى يرجع الأمن العسكري يخدم.
- يرجع الحامدي يخدم و توفير كل الضروف للعمل الميداني
- مراجعة كل تعيينات و ترقيات و تمكميكات التكنوكرات، الي صارت على أساس جهوي و أساس الكلونات.
- المطالبة بإقالة وزير الدفاع و ترك الجيش خارج التجاذبات السياسية بكل أنواعها.
- تغيير مدير القضاء العسكري و تكليفه بالتحقيق في تآمر وسط الجيش، شبهات التخابر مع جهات أجنبية، و حجب معلومات إستخباراتية بقصد عن القيادة الميدانية مما أدى إلى موت جنود.
أنا عارفها آخرتي كرطوشة أو سكتة قلبية أو حادث مرور أو تلفيق قضية.
موش مشكل : نموت نموت و يحيا الوطن، ليس شعار : سأتبع خطى العقيد.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً.
أبو لينة

Cartaginois2011  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 10:22           
Les trois radios,entre les mains des trabelsi,ben ali et compagnie du temps de la dictature,à savoir mosaique ,shems et express,semblent se consacrer au profit de l'anti-révolution depuis janvier 2011.
Ce qui est intriguant c'est que ces radios,dont la grande partie de leur capital a été confisquée au profit de l'état,continuent à être gérées apparemment à distance par leurs anciens propriétaires au su et au vu des pouvoirs publics!
Il est temps,en l'absence du gouvernement dans cette affaire,que les élus posent sérieusement le problème de gestion de ces établissements,dont la manière de fonctionnement actuel va à l'encontre de la réalisation d'élections libres et transparentes dans le pays.

Observer14  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 10:16           
Mon Dieu ! Pourquoi cette démission ? Surtout, dans cette période "critique" ; En fait, trop de (???).

Dachamba99  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 10:13           
أين كان الخانونيَون و النَاشطون العقوقيَون حين استقال الزَبيدي و أجبر عمَار عل الإستقالة ؟

Dachamba99  (Tunisia)  |Jeudi 31 Juillet 2014 à 10:06           
الخبر إستقته موزاييك من الحاشية المقرَبة جدَا من الغراب، فبحيث ...


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female