نحو حلّ الشعب التونسي وتجميد نشاطه

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/wissemlatrach.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم وسام الأطرش

لم يعد أمر الشريعة مطروحا في الدستور لدى نخبتنا المثقفة، فهي تريد أن تنأى بأبناء الشعب عن الرجعية والتخلف بما يسهم في بناء مسار الحداثة المنشودة والديمقراطية المعبودة. ولم يعد مرغوبا لديها، عودة الإسلاميين إلى الحكم بالرغم من قدرتهم العجيبة على القبول بنتائج قرعة التوافق الوطني. ولم يعد للثورة وأهدافها ذكر على ألسنة هؤلاء إلا من باب احتكارها وادعاء تمثيلها، بما يطرح تساؤلات عديدة حول طريقة تفكير هذه النخبة التي صار واضحا أنها تعيش في قطيعة تامة مع أبناء شعبها فكرا وشعورا، دون وعي على حقيقة هذه القطيعة، ما يبقيها في حالة غيبوبة دائمة.





فبعيدا عن آلام الشعب وآماله، تم تأسيس مجتمع افتراضي مقدس، لا يعيش بين الناس، ولا يأكل مأكلهم ولا يلبس ملبسهم، وإنما يطل عليهم عبر عدسات إعلام لا يغادر في مجتمعهم المصون صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، حيث ينقل الندوات والمؤتمرات والاجتماعات لمن اعتبرهم أهل الحل والعقد، فيوقعون باسم الشعب التونسي صكوك الغفران، ويحتكرون قيادته وتمثيله، ويخوضون من أجله المعارك والنضالات الوهمية ضد فزاعة الإرهاب التي صنعت من أجل عيونهم، بل من أجل استمرار نزول الوحي على مبعوثي العناية الغربية.

وهكذا، صار الحل لدى أهل الحل، هو حل كل ما من شأنه أن يمس قداسة أهل الحل والعقد، أو يشكك في نزاهتهم، مع احتكار النشاط والحراك، بحيث يُفرَضُ تجميد نشاط كل من بقي خارج دائرة المجتمع المدني. فمن رابطات حماية الثورة إلى الجمعيات الخيرية إلى المدارس القرآنية إلى تحييد المساجد وطرد أئمتها من المنابر إلى غيرها من مقتضيات نبوغهم وحكمتهم، نحو حل كل ما يمكن أن يستغل كأداة لنزع القداسة عن هذا المجتمع الذي كاد يدعي النبوة بعد احتكار العلم والنور، والفسحة والسرور، وكأنه قد كتب لأبنائه الخلود في الأرض.

أخيرا، نطق بعضهم بضرورة حل حزب التحرير قضائيا وتجميد نشاطه، وذلك بسبب دعوته الصريحة لإقامة الخلافة التي تناقض الدولة المدنية، فضلا عن حملات تشكيكه بل رفضه للدستور التوافقي الذي وقع عليه المجتمع المدني إثر النزول من على ظهر الحمار الوطني.

دستور ينص على حرية المعتقد والضمير وحرية الرأي والفكر والتعبير، سقط في أعين الناس ابتداءً حين طرد نواب المجلس التأسيسي عند عرض بضاعتهم التشريعية في كل من سيدي بوزيد وقفصة وسوسة والمنستير وتوزر والكاف. ثم سقط مع أول اختبار، حين أصر حزب التحرير ضمن مؤتمره السنوي على رفضه جملة وتفصيلا، فثارت ثائرة بعض رموز هذا المجتمع الإفتراضي من وجود رأي وفكر وتعبير مخالف لآرائهم وأفكارهم وتعبيراتهم، فأشهروا سلاح الإقصاء وعاد الحل لدى أهل الحل والعقد، حلّ من سوّلت له نفسه إبداء رأيه في الدستور المقدس، بعد أن اكتشفوا فجأة وبعد ثلاث سنوات من نشاطه الجماهيري بل بعد عقود من تجذره في الأمة، أنه حزب يدعو إلى الخلافة ويرفض الدساتير الوضعية ويهدد الدولة المدنية ومجتمعها المدني، وكأنه يدعو إلى دولة بوليسية أو عسكرية لا إلى دولة بشرية، مشهرين في وجوه الناس فزاعة النموذج الداعشي المتسلط.

طبعا هذا الدستور الذي يُحاكَم حزب من أجله في آرائه وأفكاره، لم يعرض على استفتاء شعبي، إذ كيف يفكر مجتمعنا الإفتراضي في فضح نفسه وكشف حقيقة حجمه وتمثيليته للناس، لذلك لم نعد نعجب أن يطالب بعضهم استكمالا لمسار ممارسة الوصاية الفكرية على الناس، بحل الشعب التونسي وتجميد نشاطه، هذا إن لم يظهر من يطالب بتصديره وترحيله إلى بلد آخر أو ربما إلى كوكب آخر، من أجل عيون المجتمع المدني ودولته المدنية وحكومتيه المؤقتة والمؤبدة. أما الشعب المسكين، فلا يحق له أن يفكر يوما في استعادة سلطانه من فقهاء الدولة المدنية الحديثة أو يخلص نفسه من استبداد رجال كنيسة الديمقراطية !




Comments


6 de 6 commentaires pour l'article 88120

BenRhouma  (Tunisia)  |Vendredi 4 Juillet 2014 à 21:34           
يجب ان يفهم حزب التحرير اولا وبقية المسلمين بعد ذلك ان نظام الحكم في الاسلام لم يشرط تسمية خليفة للحاكم وتاريخيا رينا تسميات عديدة سواء امام او اميرا او رئيسا فالتسمية ليست هامة كما ان الدولة الاسلامية دولة كدنية فلا كهنوتية في الاسلام والحاكم ليس ظل الله في الارض فهو يسهر على تطبيق احكام الشرع في المعاملات والاقتصاد وغيرها تحقيقا للعدل الذي لا يتحقق الا بما اقره الله من اوامر ونواهي والدليل على ذلك جواز خلع الخليفة متى حاد عن العقد وقد تنبه
الصحابة الى ذلك ولنا في مقولة الصديق خير دليل عندما قال : اطيعوني ما اطعت الله فيكم
ان الدولة الاسلامية التي ستقوم ان شاء الله متى جاء وعده تعالى فيها من مقومات المدنية الكثير ومن شانها ان تعيد تشكيل الحضارة الانسانية من جديد وهذا ما يخشاه اصحاب المصالح الكبرى في هذا العالم الذي تحكمه الامبريالية المهترئة

Taiebmaaroufi  (Tunisia)  |Vendredi 4 Juillet 2014 à 13:49 | Par           
كل اﻷمر سياسي بإﻷساس من جاهلي الشريعة من جهة و الداعين إلى الديمقراطية من مفهوم خاص ﻻ يرتقي إلى العدالة و قبول الرأي المخالف من جهة أخرى

Tahrir  (Tunisia)  |Vendredi 4 Juillet 2014 à 12:58 | Par           
الي المسمي او المسماة درة هل قرات المقال ؟ الاصل فيك ان تقرا المقال وتنقد او تنتقد مافيه. فهو مقال موجه الي امثالك من الذين لا يفقهون في الاسلام شيئا فانت ذهبت الي محاولة التقليل من شان حزب التحرير والتهكم منه.
فالحزب اعلن صراحة بدعة داعش وادان كا تقوم لانه مخالف لاسس الخلافة علي منهاج النبوة ولذا لا تغضب عندما تنعتون بنعوت هي فيكم واوصاف الجهل والغباء هي تتملككم

Resa8112  (France)  |Vendredi 4 Juillet 2014 à 11:52           
Les Islamistes ont eu l'opportunité de prouver qu'ils étaient le bon choix. Ils ont déçu les Tunisiens.
Ils ont mis en faillite le pays, permis, protégés directement ou indirectement les intégristes et terroristes et manipulé tout le monde.
Maintenant que le masque est tombé, par pitié ne plus essayer de manipuler les gens par vos articles hypocrites et parler plus de démocratie, de retour à la paix, à la sécurité, à la croissance, au modernisme...

Dorra  (Italy)  |Vendredi 4 Juillet 2014 à 11:44           
يا سي وسام سيدنا أمير المؤمنين أب بكر البغدادي رضي الله عنه و ارضله دعا في خطابه الى الأمة ان يلتحقوا بدولة الخلافة الحديثة العهد اين يتسنى للمسلم ان يعيش في دولة تطبق شرع الله و قال: وارفعوا رؤوسكم عاليا فإم لكم اليوم بفضل الله دولة وخلافة تعيد كرامتكم وعزتكم وتسترجع حقوقكم وسيادتكم دولة تآخى فيها الأعجمي والعربي والأبيض والأسود والشرقي والغربي خلافة جمعت القوقازي والهندي والصيني والشامي والعراقي واليمني والمصري والمغربي والأمريكي والفرنسي والألماني والأسترالي ألف الله بين قلوبهم وأصبحوا بفضل الله إخوانا متحابين فيه واقفين في خندق واحد يدافع بعضهم عن بعض ويحمي بعضهم بعضا." إذن الإشكالية لا تطرح أساسا فحزب التحرير من فضل الله وصل الى مبتغاه و سوف يجد في الخليفة البغدادي ما كان يصبو اليه و نحن في تونس وقع توافقنا على دستور مخالف فلنا مانريد و للذين يريدون تطبيق الشرع لهم ما يريدون

Dachamba99  (Tunisia)  |Vendredi 4 Juillet 2014 à 11:33           
إلَي ما عجبوش عليه بداعش.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female