عن أي تاريخ للعرب يتحدث الصافي سعيد؟

بقلم وسام الأطرش
في تعليقه على تنصيب السيسي رئيسا جديدا لمصر، بدا الصافي سعيدا مستبشرا حين علق على الخبر بأن ذلك يعد بداية جديدة لتاريخ العرب!
في تعليقه على تنصيب السيسي رئيسا جديدا لمصر، بدا الصافي سعيدا مستبشرا حين علق على الخبر بأن ذلك يعد بداية جديدة لتاريخ العرب!
ليس غريبا أن يصدر هذا الكلام ممن شملهم الكتاب الأسود واعتادوا التسلق والتملق، ودأبت أنفسهم على التصاريح المأجورة والمواقف المفصلة على مقاس الأنظمة العلمانية، قبل لبس لبوس الثورة وبعده، وإن حرص الإعلام على تصوير أمثاله على أنهم قامات في الفكر والأدب واللغة، تبركا بأدبيات فصل الدين عن الدولة التي سطرتها أيديهم.
لا أقول هذا الكلام دفاعا عن الإخوان المسلمين الذين ظن الصافي سعيد أن عهدهم قد ولى ولن يعودوا إلى الحكم أبدا، مكتفيا بالمثال المصري ومصطدما في ذلك مع واقع اضطرار الغرب وأمريكا بالأساس إلى المراهنة على ورقة الإسلام المعتدل في أكثر من قطر، وليس أدل على ذلك من التجربة التركية التي أغمض عينيه عنها، فكان خارج التاريخ حين نسي أن العلة في فقه المصالح الغربية تدور مع المعلول وجودا وعدما.
وإنما أقوله رفضا ونسفا لثقافة الشذوذ الفكري التي أصابت بعضهم، فطفقوا يباركون انقلاب طاغية مصر ويشرعنون بطشه وجرمه، ويفرشون له الورود على أرض سقاها الرجال والأحرار من دمائهم الزكية.
لذلك ليس غريبا أن تعمى أعين هؤلاء الغرباء عن أمتهم، عن حجم الدعارة السياسية التي أصابت من تبنى أفكارهم الشاذة، فانعدمت القيم والأخلاق والمبادئ والتقلت المصالح والمكاسب فقط من أجل ضرب المشروع الإسلامي على ما في تجربة الإخوان من مآخذ.

وليس أدل على أن المستهدف مما يجري في مصر هو الإسلام في عقيدته ونظامه لا في أشخاصه ورموزه، مما حصل في ميدان التحرير احتفالا بتنصيب سفاح مصر السيسي بعد مهزلة انتخابه، حيث صارت تعرية بنات المسلمين بالكامل واغتصابهن بشكل جماعي متاحا مباحا في أبشع وأقذر وأسوأ مشهد يمكن أن يشاهده المرء في حياته، وسط صمت محلي ودولي مطبق وابتهاج إعلام العسكر بحالة الجنون النفسي والهوس الجنسي الذي وصل إليه أنصار السيسي.
ثم لا يستحي بعد ذلك البعض ممن يحسبون على فئة المثقفين -وأي ثقافة- وعلى نخبة المجتمع -وأي نخبة- لإشباع رغباتهم ونزواتهم من غض الطرف عن كل هذه الجرائم التي وصلت إلى حد استهداف انسانية الانسان، وإلى اعتباره مادة دون روح، ليس لها غاية لبقائها في هذا الوجود إلا أن يردد عشاق العبودية والمذلة: يحيا الرئيس، عاش الرئيس .
إنها جاهلية القرن الواحد والعشرين في أفظع مظاهرها، وطقوس تقديس صنم العلمانية في أبشع صورها، فعن أي تاريخ للعرب يتحدث الصافي سعيد؟
رحم الله شاعر الجاهلية الأولى عنتر بن شداد حين قال:
لا تسقني ماء الحياة بذلة = بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم = وجهنم بالعز أطيب منزل
Comments
17 de 17 commentaires pour l'article 86749