الجانب الآخر من استقالة الجبالي: حركة النهضة حزب علني يتحرك بآليات التنظيم السري

نورالدين المباركي
كل من يدعي فهم الآليات الداخلية لعمل حركة النهضة ، مخطئ، فرغم انتقال هذا الحزب من السرية الى العلنية و انكشاف هياكله و المشرفين عليها ، فإن الغموض مازال يلف عديد جوانب العلاقة بين هذه الهياكل و مراكز التأثير و النقطة الأخيرة عند اتخاذ القرار.
كل من يدعي فهم الآليات الداخلية لعمل حركة النهضة ، مخطئ، فرغم انتقال هذا الحزب من السرية الى العلنية و انكشاف هياكله و المشرفين عليها ، فإن الغموض مازال يلف عديد جوانب العلاقة بين هذه الهياكل و مراكز التأثير و النقطة الأخيرة عند اتخاذ القرار.

البعض يفسر هذا الأمر بأن النهضة حزب عقائدي ، وكل شيء ينتفي أمام الوحدة العقائدية ، فيما يذهب البعض الآخر الى أن هذا الغموض مقصود لفتح الباب أمام تقاسم الأدوار داخل الحزب ، وقد اتُّهمت النهضة دائما أنها تلعب جيدا على حبل تقاسم الأدوار ، كلما فرضت عليها متطلبات الواقع السياسي ذلك.
وما كان أن تثير استقالة السيد حمادي الجبالي من الامانة العامة للحركة كل هذا الجدل والبحث في خلفياتها و تداعياتها لولا الغموض في آليات عمل وعلاقة هياكل حركة النهضة ودور الأفراد فيها .
السيد راشد الغنوشي كرر في أكثر من مناسبة : لا مستقبل سياسي لمن هو خارج النهضة ، فرد عليه بشكل غير مباشر السيد رياض الشعيبي ( المستقيل بدوره منذ مدة) : عندما كنت في النهضة كنت أظن أنها العالم بأسره ، لكن بعد أن خرجت اكتشفت أنها ليست العالم بآسره ، بل مجرد نقطة في تونس .
بين نفي أي مستقبل سياسي لمن يفكر في الخروج من النهضة و بين اكتشاف عالم جديد ، تكمن اسس المرحلة الجديدة التي قد تدخلها حركة النهضة في علاقة مع من يحملون أفكارا و رؤى متباينة مع تلك التي تؤطرها الآلة التنظيمية الحالية.
في مرحلة السرية التي عاشتها النهضة ، مثل التنظيم الاطار الوحيد للمستقبل السياسي للنهضويين و فشل كل من ابتعد عنه و تجربة الراحل صالح كركر مثال حي ، وهذا ربما ما دفع السيد الغنوشي للقول دائما: لا مستقبل لمن هو خارج النهضة ، لكن المرحلة تغيرت، الحزب انتقل من السرية الى العلنية وخاض تجربة الحكم وفُتِحت آفاق أوسع أمام مناضليه و قياداته للتواصل مع الآخر ، لاكتشاف عالم غير عالم النهضة .
رغم ذلك يبدو ان ادارة الحزب بقيت بالآليات القديمة وتقوم على الأسس ذاتها في المرحلة السرية ،وهو ما يفسر التردد الطويل لمن يفكر في الاستقالة ( حمادي الجبالي و عبد الفتاح مورو)، وما يفسر أيضا الارتباك في التنظيم عند حصول أي استقالة.
السيد حمادي الجبالي ومنذ ابتعاده عن منصب رئيس احكومة حافظ على موقع الأمين العام للحزب ن لكن دون حضور علني واضح ، لا يشارك رئيس الحركة في استقباله للدبلوماسيين و لا يحضر الأنشطة العلنية للحركة ن وقد يكون سب ذلك تردده طول هذه الفترة في تقديم استقالته خوفا على مستقبله السياسي .
أما السيد عبد الفتاح مورو ورغم تشكياته من التهميش الذي يتعرض له داخل النهضة و كشفه للخلافات بينه وبين المواقف الرسمية للحركة وتلويحه بالاستقالة ، فإنه لم يقدم بعد على هذه الخطوة ، وقد يكون الأمر ايضا متعلقا بمستقبله السياسي .
استقالة السيد حمادي الجبالي و قبله السيد رياض الشعييبي ن ستفتح ثقبة كبيرة في آلة حركة النهضة ، ثقبة تبين أن الزمان أيضا خارج النهضة
Comments
11 de 11 commentaires pour l'article 82295