الامبراطور هولند وزيارته الى تونس

<img src=http://www.babnet.net/images/8/hollandecarthage.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم نزار بولحية
القدس العربي لندن



قبل ان تحط طائرة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند على مدرج مطار تونس قرطاج في زيارة هي الثانية في غضون ستة اشهر لحضور احتفالية ختم الدستور المقررة الجمعة المقبل في قصر الرئاسة بعثت لوبيات الاعلام في فرنسا رسائل مفتوحة ومشفرة في نفس الوقت تلتقي كلها على امر واحد وهو انه اصبح الان بمقدور المستعمرة السابقة ان تطمح للحصول على مقعد العضوية الشرفية في نادي الديمقراطية العريق والمغلق بعدما صادقت على الدستور وسلمت مقاليد الحكومة لفريق من التكنقراط .



المصالح وهي البوصلة التي تقود نخب السياسة ودوائر المال والاعلام في باريس دفعت برئيس يواجه عواصف هوجاء من الانتقادات بدءا بادائه المهزوز طوال العام الاول من عهدته الرئاسية وانتهاءا بمغامراته وغرامياته التي لا اول لها ولا اخر الى القدوم على عجل الى العاصمة تونس كي يقطف ما بدا ثمرة تغري رائحتها قبل طعمها الكثيرين في الشرق والغرب بالانقضاض على منطقة ظلت ردحا طويلا من الزمن تدور في فلك الامبراطورية الفرنسية وحدها .



الصحف الفرنسية وقنوات التلفزيون اصيبت بشلل جزئيء ادخلها في غيبوبة قصيرة افاقت معها وهي لا تكاد تصدق ما يجري في بلد وصفته قبل اسابيع قليلة بانه ينحرف شيئا فشئيا نحو حرب اهلية طاحنة توشك ان تاتي على الاخضر واليابس بفعل جنون الاسلاميين واندفاعهم نحو تخريب منجزات الحداثة والتنوير واصرارهم على فرض نموذج غريب وغير مقبول على ابناء بلدهم .
المفاجاة لم تكن فقط في عدم حصول شيء من كل ذلك بل ايضا وهذا الاهم في ان اصحاب اللحي كما يصفهم جزء كبير من ذلك الاعلام قطعوا خطوات جريئة وغير متوقعة نحو ترسيخ المكتسبات القديمة في الدستور وتجاوزها الى مراحل لم تبلغها حتى اعرق الديمقراطيات الغربية مثل دسترة التناصف بين المراة والرجل في المجالس المنتخبة وحتى التزام الدولة بحرية الضمير ومنع دعوات التكفير وهي مواضيع لم يسبق ان تم التنصيص عليها في الدساتير العربية.
اثناء مناقشة فصول الدستور لم تصدق مراسلة صحيفة لومند العريقة نفسها فكتبت بحماسة شديدة عنوانا يقول تونس تدير ظهرها للشريعة نشر على الصفحة الاولى وجعل نفس الصحيفة تكتب بعد ذلك بايام في افتتاحيتها للعاشر من الشهر الماضي مقالا مطولا تحت عنوان وعود النموذج التونسي .
ما اربك باريس وخلط اوراقها هي انها لم تحاول منذ فوز حركة النهضة في انتخابات اكتوبر2011 ان تستوعب امكانية التعايش مع حكومة ائتلافية تضم اسلاميين معتدلين للمرة الاولى فالحركات الاسلامية بنظرها وحسب التصريح الشهير لوزير الداخلية مانوال فالس الى اذاعة اوروبا 1 اياما بعد اغتيال الناشط شكري بلعيد تعني فاشية اسلامية لا غير.
التحول اللافت كان في الزيارة الاولى لهولند مطلع يوليو تموز الماضي ساعات فقط بعد ازاحة الرئيس المصري محمد مرسي من الحكم و قال وقتها امام نواب المجلس التاسيسي بان فرنسا لا ترى تعارضا بين الاسلام والديمقراطية وانها مستعدة للعمل مع اي طرف تفرزه صناديق الاقتراع في تونس.
بعد خطاب هولند وزيارته التي ظلت تتاجل عدة مرات بفعل البرود الواضح في علاقة باريس بتونس حدث الاغتيال السياسي الثاني في ظرف عام واحد وهنا لم تحاول فرنسا ان تنخرط في الازمة السياسية التونسية بنفس الحماس السابق بل حافظت على نوع من الحياد الظاهر رغم استقبالها لعدة قيادات من المعارضة و قدوم بعض النواب الفرنسيين لمساندة اعتصام الرحيل الذي نظم الصيف الماضي للاطاحة بالمجلس التاسيسي والحكومة.
ليس معروفا حتى الان ان كانت فرنسا قد لعبت دورا مباشرا في اللقاء الشهير بين الشيخ راشد الغنوشي وزعيم حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي في احد فنادق عاصمة الانوار والذي مهد الطريق فيما بعد للوصول الى توافقات خطة الرباعي وخارطة الطريق والتي قادت بدورها فيما بعد الى المصادقة على الدستور وولادة حكومة التكنقراط لكن الثابت انها ترى في التطورات الحاصلة في تونس خطوات مهمة للحفاظ على نفوذها الثقافي والسياسي الواسع فضلا عن مصالحها الاقتصادية والتجارية المتشعبة.
اماخروج الاسلاميين من الحكومة بالتحديد فهو يعني الكثير لباريس اذ يشعرها بالاطمئنان و بعودة الثقة بينها وبين حلفائها التقليديين في السلطة ممن تخرجوا من جامعاتها وتاثروا بثقافتها الفرنكفونية ويجنبها ايضا وجع الراس والتوجس من نوايا الوافدين الجدد على السلطة في الانفتاح على اقتصا دات دول اسيوية وامريكية لم يكن هناك مجال في السابق لاقتصاد تونسي وضع منذ الاستقلال تحت رحمة المستعمر ان يفكر او يحلم يوما بالوصول اليها.
لن يضخ هولند معه قناطير الذهب والفضة في ذلك الاقتصاد المازوم بالتاكيد لكنه سوف يقدم ايماءة مناسبة تدل على عودة الصفاء الى العلاقات التونسية الفرنسية بعد جفاء طويل . اما بالنسبة لحركة النهضة فهي تجد نفسها الان قد كسبت الكثير بذلك الخروج المشرف في الوقت المناسب لان نجاح حكومة المهدي جمعة سوف يحسب لها ولقرارها الشجاع اما فشلها فسوف يدعم رصيدها الانتخابي ويعزز فرص فوزها بالانتخابات المقبلة. وهو ما يدركه الجميع تقريبا بمن فيهم الفرنسيون ايضا و من اجل كل ذلك فسوف يكون الحذر هو الشعار الانسب لتعاملهم مع الوضع الانتقالي لتونس في انتظار توضح الصورة اكثر بعد الانتخابات.
ما حصل بهروب بن علي قبل ثلاث سنوات من الان قد يعيد بعض الرشد للسياسة الفرنسية فلا دعمها الاعمى لنظامه اثبت جدواه في السابق مثلما لن يكون عدائها المطلق للاسلاميين الان مفيدا لا على المدى القريب او البعيد.
مهمة الامبراطور هولند اذن لن تكون بالسهولة المتوقعة خصوصا وان الحشود التي ينتظر ان تصل تونس لنفس الاحتفال لن تكون مرتاحة بالتاكيد لاستعادة باريس لنفوذ ظن الجميع انه ذهب مع الامبراطورية القديمة ولم يعد ممكنا في ظل التحولات الجديدة ان يستمر بنفس الاسلوب والمنطق.فهل ينجح في حماية مكتسبات الامبراطورية ام يظل الطريق؟ لننتظر ونرى.




Comments


9 de 9 commentaires pour l'article 79432

Slimene  (France)  |Samedi 8 Février 2014 à 12:51           
@Mahrane (United Kingdom) تحب تونس تولي في فرنسا ?

Elwatane  (France)  |Samedi 8 Février 2014 à 11:07           
فرنسا حاليا كسفينة بلا ربان و هولاند لا يمثلها

Mahrane  (United Kingdom)  |Vendredi 7 Février 2014 à 11:27           
هذا الرّجل يتجوّل في عمق قصورنا وزبانية سفارته تختم بالحبر الأحمر الرفض تلو الآخر لمطالب التأشيرة لشبابنا. نداء إلى كل من به نخوة للذهاب إلى هذا الشخص وإعلامه بخطئه.

Observo  (Canada)  |Jeudi 6 Février 2014 à 17:46           
تحليل هادئ و يمتع عند القراءة

Sdiri  (Canada)  |Jeudi 6 Février 2014 à 14:35           
هل يُعقل استدعاء من يترأس دولة رفضت ثورتنا منذ البداية وترفض حاليا الإنتقال الديمقراطي في تونس ؟
هل يُعقل استدعاء هذا النجس ليُشاركنا احتفالنا بالدستور الذي يرمز إلى هذا الإنتقال الديمقراطي ؟
لو كان جات الدنيا دنيا يقوم الشعب بالتضاهر ضد وجوده بينهم كرد فعل على انحياز نواب من حزب هذا الرئيس إلى جانب أطراف في المعارضة ويصرخون في وجهه : "خـبـز و مـاء و فـرنـسـا لا"...

Ibnbathouta  (Switzerland)  |Jeudi 6 Février 2014 à 14:34           
Il ne reste qu'un seul empéreur (imbratour) dans le monde, c'est celui du Japon Akihito.
A ma connaissance, il ne prend pas son scooter pour aller voir sa concubine pour se faire attraper par la presse people et ridiculiser la France aux yeux de la planête entière.

AhmedFrance  ()  |Jeudi 6 Février 2014 à 14:29           
Pourquoi vous voulez toujours rabaisser la Tunisie.
La Tunisie est un pays indépendant. Il n' y a pas de base militaire Française en Tunisie.
La France est notre premier client et notre premier fournisseur et c'est tout à fait normal que la France s'intéresse et suit les événements en Tunisie.
Si vous vous êtes contre La France et ben c'est simple: n'acheter plus des produits Français, n'utiliser plus un mot de Français dans votre Langage.....
Ras le bol de ce genre de paroles faciles à dire "nabara" je veux bien fermer les guillemets mais je n'ai pas envie de fermer ma bouche face à ces destructeurs et des écrivains d'articles de malades

Jammoula  (Tunisia)  |Jeudi 6 Février 2014 à 13:16           
مقال طريف لا يخلو من عمق و موضوعية و استشراف منطقي فالمعقول أن فرنسا لا يمكنها أن تتنازل بسهولة مستعمرتها القديمة تونس إذ أن نجاح القوى العالمية الأخرى في إيجاد موطئ قدم في هذه الأرض سيعني ضياع المستعمرة و ما جاورها و ربما أبعد من ذلك و فرنسا إذا لم تراجع سياستها تجاه تونس فبالتأكيد ستطرد مرة و مرة مثلما أطرد عميلها بن علي و ليس ذلك بعزيز على الشعب التونسي

Houss13  (France)  |Jeudi 6 Février 2014 à 13:09           
لن يخدعنا لاهولاند ولاغيره فالشعب التونسي العظيم هوالحاكم والحكم


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female