المعارضة والمفهوم المتغّير لمعنى الحياد بين السياسة والدين

<img src=http://www.babnet.net/images/9/imtihannahdaouiii.jpg width=100 align=left border=0>


p
منجي المازني



اطلعت في غضون الأسبوع الفارط من خلال بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي على فحوى امتحان في مادة التربية المدنية قدمته ثلّة من الأساتذة من ولاية صفاقس إلى التلاميذ. أمّا مضمون الامتحان باختصار فهو: لم تحظ حركة النهضة بثقة الشعب التونسي بسبب فشلها في إدارة الحكم أمنيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. حرر فقرة مسترسلة بالاعتماد على الأسئلة التالية : (السؤال الثالث) لم يثق الشعب في السلطة الحاكمة فماذا يمكنه أن يفعل ليمارس هو أيضا مواطنته سياسيا ؟



ما نستشفّه دون عناء من مضمون الامتحان هو عدم حياديّة الاساتذة المعنيين بصياغة الموضوع ونزعتهم الواضحة لتسييس دور العلم وتحريض التلاميذ على الخروج على الحاكم المنتخب من قبل الشعب. وهنا لا بدّ من التساؤل المشروع حول ما إذا كانت مهمة الأساتذة ومهمة المؤسسات التعليمية هي تلقين الناشئة شتى أنواع العلوم أم تلقينهم بأن الحاكم المنتخب قد فشل فشلا ذريعا في الحكم وبالتالي تحريضهم على الخروج عليه ؟!!
بداية، من أين استقى هذا الأستاذ معلوماته هذه ؟ وهل هناك جهة أو مؤسسة مستقلة ومختصة في تقييم تجارب الحكم يمكن أن يرجع إليها الجميع ؟ فوفق ما أعلم، لا توجد جهة مستقلة يمكن أن نعتمدها في الحكم على الأحزاب وتجاربها في الحكم. والطريقة الوحيدة والشفافة المعتمدة إلى يوم الناس هذا في الحكم على الحكومات بالنجاح أو الفشل هي الانتخابات وصندوق الانتخاب. فلماذا يهرب بعض أساتذتنا إلى الأمام ويستقون معلوماتهم من إعلام العار ومن بعض أحزاب المعارضة المتطرفة ؟ ولماذا يحاولون وأد كل تجربة ديمقراطية إذا لم تأت بالأحزاب التي يتعاطفون معها إلى الحكم ؟



الغريب في الأمر أن هؤلاء الأساتذة وهؤلاء القوم يطالبون صباحا مساءا بتحييد المساجد ويطالبون بعزل كل الأيمّة المتميزين والنشطين بحجة أنهم ينتمون إلى حركة النهضة وأن حركة النهضة هي من عينتهم على رأس المؤسسات الدينية والمساجد وبحجة أنهم يدعون لحركة النهضة. وهو ما يتعارض في نظرهم مع مبدأ الحياد. والحقيقة أنّه لابد للمساجد أن تبقى محايدة. فغير مسموح شرعا وأخلاقا أن تستعمل المساجد كمنبر للدعوة إلى حزب معين أو إلى جهة معينة. قال الله تعالى : وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا . ولكن البعض من المعارضة أو إن شئنا المعارضة المتطرفة تنادي بتحييد المساجد لا لأن السلطة عيّنت أيمّة من حركة النهضة ولكن لأن الأيمّة المعينين يطرحون للناس الإسلام الذي درسوه وتعلموه في الجامعات والذي هو نفسه الإسلام الذي تتبناه حركة النهضة. في حين ترى المعارضة المتطرفة أن للإسلام فهوما وتأويلات عديدة. وعليه تستنكر على حركة النهضة احتكارها لفهم الدين الإسلامي. فإذا طرحت مسألة الدين والسياسة قال أهل الذكر من حق الدين أن يتدخل في الشأن السياسي ويسعى لإصلاح الوضع السياسي بما يتناسب والمقاصد العامة للدين الإسلامي. فيكون ردّ المعارضة بأنه ليس من شأن الدين التدخل في المجال السياسي، وانّ الدين مجاله الوحيد هو إصلاح الفرد، وهو صلة بين العبد وربه وليس له دخل في السياسة وفي شؤون الحكم. وإذا قال الأيمّة للناس لا تشربوا الخمر فإن الله قد حرمها عليكم قالت المعارضة المتطرفة لا : إن الله لم يحرمها وإنما قال اجتنبوها فقط. وإذا طلب الأيمّة بالتيسير على الناس وفتح باب تعدد الزوجات لإيجاد حلول لعديد المشاكل الاجتماعية والنفسية واستشهدوا بالآية الكريمة وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ردت عليهم المعارضة وقالت : إن الإسلام لم يجز لنا التعدد بدليل أن الله تعالى قال : فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً وقال أيضا وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُم . لذلك و من باب درء الشبهات فإن المعارضة تقترح وتطالب بتحييد المساجد. بمعنى تطالب بتعيين أيمّة لا يثيرون الشبهات ولا يثيرون مسائل فيها اختلاف بين علماء الأمة وتأويلات علماء المعارضة حتى لا تختلف الأمة وحتّى يمكنها التحدث والتعمّق فقط في القضايا والمسائل المتفق عليها كمسائل الحيض والنفاس والوضوء والنظافة وحقوق الجار ... وتترك بالتالي كل المسائل الخلافية ربما للجولة القادمة من الحوار الوطني. ولكن بعض رموز المعارضة لا يستطيعون إخفاء نواياهم الحقيقية إلى ما لا نهاية رغم براعتهم في فن الجدال والمناورة. ففي خضم النقاشات الحادة يمكن للاشعورهم أن يفضحهم في لحظة صدق ويعبر عما يختلج في نفوسهم. ففي حلقة في قناة نسمة خصصت لمناقشة قانون الأوقاف قال سفيان بن حميدة : لقد كشفت الجماعة عن نواياها الحقيقية. إنهم يريدون أسلمة المجتمع ! ! ! بما يعني أن المعارضة لا تدافع عن وجهة نظر إسلامية وإنما تدافع عن وجهة نظر علمانية تريد سلخ المجتمع عن دينه وقيمه وحضارته. ولكي لا يفتضح أمرها تتستّر المعارضة بالدين وتتخفّى في لباس إسلامي حداثي. قال أحمد شوقي

برز الثعلب يوما في ثياب الواعظين
يمشى في الأرض يهدى ويسب الماكرين
و يقول الحمد لله إله العالمين
يا عباد الله توبوا فهو كهف التائبين
إلى أن قال :
بلغ الثعلب عني عن جدودي الصالحين
عن ذوى التيجان ممن دخلوا البطن اللعين
أنهم قالوا و خير القول قول العارفين
مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا





Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 76920

Mongi  (Tunisia)  |Mercredi 25 Decembre 2013 à 16:35           

@BENJE
إن كان هناك تقصير في علوم العصر فهو ينطبق على الجميع. أما العلماء الذين يجب أن نأخذ عنهم تعاليم الدين فهم العلماء المشهود لهم بالكفاءة والتقوى والذين تخرجوا من المؤسسات الجامعية المعروفة (كلية الزيتونة – الأزهر...).
أنا أردت أن أبين في هذا المقال أن بعض الناس يدعون الإسلام ويحاربونه بالمتشابهات. وكل المسائل التي أوردتها معروف حكمها في الإسلام وهي لا تنتظر نهاية الخلاف بين العلماء والإسلاميين الحداثيين حتى ينظر فيها. فمثلا موضوع تعدد الزوجات ثابت بالكتاب والسنة وعديد الصحابة تزوجوا أكثر من امرأة. ولسنا في وارد انتظار ما يقول لنا الإسلاميون الحداثيون
@"FreeSpirit"
لا يستطيع كل الناس أن يكونوا متشابهين وبديهي جدا أن يكونو مختلفين قال الله تعالى : " وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ" ولكن الاختلاف بين المسلمين لا يكون حول أصول الدين. فالاختلاف بين الحكومة والمعارضة يكون على طريقة معالجة المسائل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ... مثل كيفية الحد من البطالة وكيفية الرفع من مستوى المعيشة ... وليس في مدى صحة
تحريم الخمر أو في مدى صحة تعدد الزوجات. فهذه المسائل موجود حكمها في الكتاب والسنة وليست بحاجة لاتفاق الحكومة والمعارضة أو بحاجة لإجراء تصويت حولها.
مع العلم أنا لست صحفيا.
وبارك الله فيكم.

FreeSpirit  (Tunisia)  |Mercredi 25 Decembre 2013 à 09:07           
Le problème avec ce "journaliste" c'est qu'il pense qu'il y a une opposition.
Son cerveau ne peut pas concevoir que l'opposition est différente.
Cette différence est une richesse qui laisse au peuple le choix contrairement au régime du parti unique qu'on vécu depuis l’indépendance.
Il est temps d’arrêter de ne regarder que les chaines arabes (Aljazira et cie)des pays de la dictature et commencer a regarder les chaines des pays démocratiques

BENJE  (France)  |Mardi 24 Decembre 2013 à 14:13 | Par           
@ Mongi (Tunisia) |Mardi 24 Decembre 2013 à 13h 23m|
Mais qui sont ces savants infaibles? sont ils des savants des sciences religieuses et dans quelle école ou universités on été formées car il y a en plusieurs et c'est le problème !
De plus même si leurs formations religieuses peuvent être poussées elles n'est pas suffisantes sur d'autres plans pour expliquer et confronter leur prêches aux questions sociales et le progrès technologiques , la connaissance et l'expertise de scientifique leur manquent
Et de ce faite ils doivent écouter et prendre conseils auprès des scientifiques rationnels souvent laïques!
Non monsieur il ne faut prendre les extrémismes ou autres philosophies pour discréditer l'ensemble des musulmans de gauche et laïque et je dirais la même chose a ceux qui se basent sur les islamistes intégristes salafistes pour discréditer les musulmans pratiquants


Mongi  (Tunisia)  |Mardi 24 Decembre 2013 à 13:23           
@BENJE
الإسلام واحد والفقه متعدد. الفقه يتغير بتغير الزمان والمكان والحال.
الفئة العلمانية المتطرفة لاتدين بالإسلام ولكن تتخفى وراء الإسلام لكي تقصيه عن إدارة شؤون البلاد والعباد. وتستشهد بالآيات القرآنية وتفسرها بما يتماشى وتطرفها. ولكن الإسلام لا يأخذ من هؤلاء القوم وإنما يأخذ من العلماء المشهود لهم بالعلم والتقوى.

BENJE  (France)  |Mardi 24 Decembre 2013 à 12:33 | Par           
Vous voyez Monsieur l'analyste
L'islam contient souvent deux versions sur le même sujet : une version dure qui plait au islamistes extrémistes l'autre plus souple qui plait aux musulmans ordinaires quoi humains et laïques pour certain
Le tout c'est de se mettre d´accord sur un minimum de consensus et de formuler et voter des lois indiscutables par qui que se soit et ou que l'on soit !
Exemple la polygamie, la séparation des sexes, les hbous , l'heritage ....tout ça c'est actuellement interdit par la loi donc les imams n'ont plus a aborder cette question dans leur prêches. On sait que le gouvernement veulent changer ces lois mais cela doit être discute dans le parlement et les mosquées doivent d'abstenir a s'insérer dans le débat et donner leur avis c'est dans l'urne que ça si passe !
Enfin laisser l'imam traiter des questions et mettre en cause les lois selon son inspiration et son appartenance (sunnites, chiites , szlfiste , hanbaliste , Wahhabites ..) n'est toujours pas acceptable par les tout fidèles plus graves ils n'ont même pas le droit de réponse ! Car on ne pas imaginer un fidèle lever le doigt et demander la parole sans s'exposer a le vindicte des religieux !
Moralité il faut préserver et écarter les mosquées de le politique , des interprétations religieuses ( 7 mathehabs voire plus ...)

Machmoumelfol  (Tunisia)  |Mardi 24 Decembre 2013 à 11:34 | Par           
يجب البدء بتحييد المنظمات الكبرى التي اصبحت لعبة بيد اليسار المتطرف والثورة المضادة و هي اتحاد الشغل واتحاد بوشماوي ورابطة حقوق الانسان وجمعية قضاة الوطد والمحكمة الادارية وجمعية الحمروني للصحفيين
وكلها منظمات انخرطت في العملية الانقلابية على الشرعية وشاركوا بكل ثقلهم في اعتصام الرحيل وكل المظاهرالاضرابات والمظاهرات التي دعت الى اسقاط الحكومة والمجلس التاسيسي

Elmejri  (Switzerland)  |Mardi 24 Decembre 2013 à 10:40           
معــــــــــارضــــــــــــــــــة فاشــــــــــلـــــــة و بائـــــــــــســـــة و يائــــــــســـــــــة ....


babnet
*.*.*
All Radio in One