المعارضة و الحوار و الحمّارة و الحمّار

<img src=http://www.babnet.net/images/6/taoufikphoto.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: توفيق بن رمضان

من المفروض أنّ الحوار و الحوارات، والمحاورة و المحاورات لا بدّأن توصل إلى التّوافق و التّفاهم و التّقارب في وجهات النّظر و التّوجهات.

و لكن إذا كان أحد أطراف الحوار أو أحد المحاورين مضمرا عدم التّفاهم و التّوافق، فعندها و لو امتدّ الحوار إلى أشهر وسنوات فلن يحصل التّوافق و التّفاهم، و أقصّ عليكم ما قاله لي أحد الأصدقاء من الشّيوخ الدّستوريين وهو من المنسحبين من النّداء بعد إطّلاعه على ما يحصل داخله، حيث أنّ جماعة اليسار يعربدون و يصولون و يجولون، فقد قال لي هل تتصوّر أن حزب الدّستوريين الأحرار هو حزب سياسي؟ فقلت له و مذا هو إذا؟ فقال لي لا يا سيدي هو مجرّد نادي من نوادي حركة نداء السبسي، أسّس خصّيصا للدّساترة الذين لا يطيقون التّعامل والاحتكاك باليساريّين، فانظروا أيّها اليساريون كيف أن كبراء و رموز الدّساترة وبرجوازية التّجمّع يتعاملون معكم باستعلاء و احتقار.




أما ما قاله لي صديقي العجوز الدّستوري عن الحوار، فقد قال هل تتصوّر أن النّداء و النّهضة هم جادون في الحوار؟ و هل هناك إمكانية التّوافق والتّفاهم بينهم؟ و هل هناك أصلا حوارا؟ فقلت له و ماذا هناك إذا؟ فقال لي لا ياسيّدي هي معركة، هي إمّا أنا أو أنت، هي معركة وجود بين الطّرفين، فهل تتصوّر أنّ الدّساترة الذين هم التّجمّعيّون طبعا سيقبلون بالخروج من السّلطة و الحكم ويسلّموهما للنّهضة أو غيرهم من الأحزاب، و قال لي إنّ الحكاية بين النّداء والنّهضة تتلخّص في أنّها لعبة مصارعة بجانب حفرة عميقة و من يسقط صاحبه الأول في الحفرة سيرد عليه التراب في حينه ليضمن عدم خروجه منها و عودته للمشهد السّياسي من جديد.

أمّا في ما يخصّ الحمّارة و الحمّار المقحمان في عنوان المقال، فبلغة المختصّين في قيس الأراضي يطلق اسم الحمّارة على اللّوحة المرقّمة التي يستعملونها في عملهم، أمّا الحمّار فهو السّيد الذي يتنقّل باللّوحة أي الحمارة من مكان إلى آخر يراد قيسه.

فالحمّار المكلّف بالحمّارة تجده كامل اليوم تحت سلطة و تسلّط الخبير في قيس الأراضي، يأتمر بأوامره و يطبّق تعليماته بدقّة متناهية من أجل القيام بقياسات دقيقة لا تشوبها أخطاء، فهو يطبّق تعليمات الخبير في قيس الأراضي ويتحوّل من مكان إلى آخر، و في أغلب الأحيان تكون الأماكن صعبة الوصول بين الأشواك و طوابي الهندي و الحفر و الصخور و بأعالي الجبال، و في آخر النّهار يعود الحمّار إلى منزله منهك و مخضّب بالدماء من الجروح و الكدمات، هذا إن لم يسقط مع حمّارته في هفهوف أو بئر مهجورة مخفيّة بين الأعشاب والأشجار، إنّ مهمّة الحمّار دقيقة و خطيرة و يمكن أن تسفر عن كوارث و مصائب، ونرجو من الله أن لا يحصل للمشاركين في هذا الحوار ما يمكن أن يحدث للحمّار و حمّارته.

و استعارة لقصّة الحمّارة والحمّار، يمكننا أن نقول في التّرويكا أنّهم يلعبون دور الحمّار، أمّا السبسي وندائه و من تحالف معه فهم يقومون بدور الخبير في قيس الأراضي الذي يريد شرّا بالحمّار فهو يوجّهه يمينا و يسارا و يأمره بالتّحرّك إلى الأمام و إلى الوراء ليوقعه في هوّة سّحيقة ليتخلّص منعه نهائيّا أو يلحق به أضررا كبيرا لا تقوم له قائمة بعدها.

و أخيرا أقول لكم أيّها المتصارعون أيّها المتناحرون، حلّوا عنّالقد كرهناكم و سئمنا وجوهم، إنّ الوطن لم يعد يتحمّل المزيد من الكوارث و المصائب، و المماطلة و التّسويف و التّناحر الحزبي، أيّتها الزّعامات المزعومة و النّخب الغير منتخبة إنّكم أنتم من صنعتم هاته المشاكل و الأزمات، و أنتم أنفسهم اليوم تتحاورون من أجل إيجاد حلول لها، إنّه لعجب عجاب هل سيحلّ المشاكل و الأزمات من صنعها و تسبّب فيها، و في النّهاية أقول لكم استحوا على أنفسكم و سيبونا وسيبوا تونس و بذهابكم بحول الله ستزول كلّ المصائب والأزمات، إنّكم فاشلون وفاسدون مفسدون، لا يرجى منكم صلاح و لا إصلاح، يا صنّاع الكوارث المدمّرة للاقتصاد و الوطن، يا صنّاع الأزمات المهدرة للجهود و الطّاقات، والمتلفة للوقت و الثّروات، ألا تنتهون و عن وجوهنا تغربون.




Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 74541

Dagbaji  (Tunisia)  |Mercredi 13 Novembre 2013 à 08:53           
صدق صاحب المقال في ان المتحاورون هم من خلقوا المشاكل:
- الاتحاد العام التونسي للشغل اولا بانبطاحه لليسار وتسيير آلاف الإضرابات والمطالبة بزيادات في الأجور مما عكر صفو العمل وهروب مئات الشركات الأجنبية وهذه جريمة ترقى الى درجة الخيانة العظمى
- الباجي قائد السبسي والطيب البكوش ورضا بالحاج وباقي أعضاء حكومة الباجي المتواجدين في حزب نداء تونس بسبب تخطيطه ملما يحدث حيث تبين ان عدم ترشحهم في الانتخابات السابقة لم يكن من باب النزاهة بل كان عن سباقية إضمار لكي يظهروا بمظهر النزهاء بعد ما وضعوا ألغام في عمل المجلس التأسيسي بتحديد مدة عمله سلفا وبزيادة أجور الوزارة الأولى وبتر قضية وتسمية مئات الإداريين أواخر حكمهم وبتغيير رئيس المحكمة الادارية (هواكم تشوفوا في المحكمة الادارية الان)
- النهضة بسبب سذاجة قيادييها : لم تقم بالمحاسبة وهادنت المعارضة الى درجة انها اغلتطها في روحها ...

Miaoumiaou  (Tunisia)  |Mardi 12 Novembre 2013 à 15:43           
المشكلة الكل مرهونة في تغيير الإتفاق الأول للترويكا و سحب البساط ممن يضع ساق من هنا و ساق من هناك بطريقة مفاجئة و تغيير بعض الوزراء طالما هناك اخلال و عزوف عن الإستمرار و خلق اتفاقات اخرى و الإنطلاق نحو التاسيس و المصادقة و التحضير للأنتخابات بنسق سريع و طاح الكف على ظله.

TOUTOU  (Tunisia)  |Mardi 12 Novembre 2013 à 15:08           
أليس الحمّار هو مربّي الأحمرة أو بايع الأحمرة و الحمّارة هي زوجة الحمار

Zoulel  (Tunisia)  |Mardi 12 Novembre 2013 à 14:33           
Le peuple est convaincu de toutes ces vérités mais il lui faut un vrais encadrement pour se débarrasser de ces nullards opportunistes de gauche comme de droite.

BenMoussa  (Tunisia)  |Mardi 12 Novembre 2013 à 13:34           
مقال جميل يقدم حقائق مرة عن رجال السياسة في تونس
اعترته بعض الإطالة في التعريف بالحمّار ودوره ونحن نرى الحمّار في مواقع عدة
واللبيب بالإشارة يفهم
فشكرا على كل حال


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female