النهضة و خطة اعادة الانتشار في تونس

<img src=http://www.babnet.net/images/9/ennahdale221.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم نزار بولحية

في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر “العالم في ظل الانقلاب على ارادة الشعوب“ والتي عقدت اواخر سبتمبر الماضي في فندق بمدينة اسطمبول التركية تطلع الكثيرون داخل القاعة وحتى خارجها للكلمة التي سيلقيها الاستاذ عبد الحميد الجلاصي لمعرفة الصورة الحقيقية للوضع في تونس و الطريقة التي سيواجه بها الاسلاميون هناك تاثيرات انقلاب العسكر في مصر وارتدادتها المرتقبة على المشهد السياسي في بلدهم. غير ان نائب رئيس حركة النهضة فاجىء المنتظرين بعدم تقديمه لوصفة سحرية جاهزة في كيفية التعامل مع الاحداث الطارئة التي استجدت و الغموض الذي يكتنف الانتقال المؤلم نحو الديمقراطية مفضلا على ذلك التعليق بان السياق التونسي يظل مفتوحا على كل الاحتمالات.

الايام والاسابيع التي عقبت ذلك بقيت مثل سابقاتها مشحونة بكثير من التوجس اما المشهد الذي جرى تسويقه للداخل والخارج فقد اختزل في كون الغاية الوحيدة للنزال الشرس والحاد في “جزيرة السياسيين“ على حد وصف الشيخ راشد الغنوشي هو مجرد الهوس بالسلطة بين من يمسك بها خشية ان تفلت منه ومن يتلهف للقبض عليها بشتى الوسائل بعد ضياعها منه في غفلة من الزمن بحسب ما يتصور و بفعل ما افرزته انتخابات اكتوبر 2011 من نتائج.




الشك في ما تضمره نفوس وصدور الاسلاميين قبل الوصول الى الاقوال والافعال لم يقترب بعد من نقطة النهاية غير انه امكن في الايام الماضية لنقاط ثمينة ان تحدث بعض الانفراج المؤقت وذلك عندما وقع الشيخ راشد الغنوشي في مناسبة اولى على خارطة طريق الرباعي ثم تبعه بعد ذلك رئيس الحكومة علي العريض في مرحلة موالية على تعهد بالاستقالة وفقا لنفس الخارطة.
مصدر الشك ليس حديثا بل يعود الى ماض يرغب البعض الان في استحضاره والاخر في تجاهله وفي كلا الامرين فقد ظل وقودا لازمة اطلت براسها بقوة قبل عامين لما فاز الاسلامييون في اول اقتراع حر ونزيه في تاريخ تونس وبدا في ذلك الوقت ان المازق الاساسي هو وعورة وثقل دخولهم لتلك المناطق المحرمة التي يتركز فيها الحكم قبل ان ينقلب في حيز زمني قصير اشهرا بعد ذلك الى البحث عن البوابة الانسب لخروجهم الامن او العنيف منها تحت مبرر الفشل الذريع والشامل في ادارة الشان العام .
ومن الواضح ان صناعة الفشل بصدد تحقيق اكتساح غير مسبوق وانها تلقى رواجا لافتا في تونس وتعتمد تكتيكا فائق الدقة وبالغ التعقيد مستفيدة في نفس الوقت من ضعف فادح على الجانب المقابل في مناهج الدعاية والاتصال . لكن بموازاة الالة الاعلامية القديمة التي حافظت على تكلسها ولا تملك القدرة و الرغبة في تحقيق اي انفتاح فان الترويج المستمر منذ عدة اشهر لانقسام التونسيين الى معسكرين احدهما تقدمي حداثي والاخر رجعي محافظ والحرص على تقديم بعض المواقف اوالتصريحات اوحتى الاحداث العابرة لتكريس تلك الصورة النمطية الغريبة هو جزء اساسي في لعبة تدار خيوطها من خارج البلد وتختار اهدافها بعناية شديدة وحرفية عالية وعلى راس تلك الاهداف قطع الطريق امام الاسلاميين لاخذ الفرصة الكاملة في الظروف العادية المستقرة لتطبيق برامجهم ودفعهم في افضل الحالات الى منطق التقاسم غير المتكافىء للسلطة تحت ذريعة التوافق الوطني المطلوب.
للتجربة التونسية هنا خصال تميزها عن غيرها من التجارب وبخاصة تجربة الاخوان في مصر لان حركة النهضة استشعرت تلك الاخطار في الوقت المناسب وعملت وفقا لذلك على ادخال ما تفرضة الضرورة من تعديلات بدت للبعض تراجعات او تنازلات ولكنها في واقع الامر مجرد انسحابات تكتيكية تسمح باعادة الانتشار فيما بعد في وقت تهدا فيه العواصف وتضعف فيه تاثيرات الازمة.ولذلك لم تتمسك بالشرعية الانتخابية تمسكا اعمى وهي تعلم ان ادوات الحكم خارج سيطرتها بل تناصبها العداء وتتحين الفرصة لاسقاطها .و حتى حينما استدرجت الى ما يعرف بالحوار الوطني تحت ضغط دولي رهيب استعملت فيه بعض الاطراف ورقة التمويلات المالية المطلوبة لاقتصاد منهك كوسيلة للابتزاز اظهرت الى الان مهارة بالغة في التفاوض والمناورة بل احدثت ارباكا وانشقاقا في صفوف خصومها .
غير ان حجم التحديات يظل بالرغم من ذلك كبيرا ويتركز بالاساس في جانبين اثنين الاول قدرة المنظومة الامنية القديمة التي تحركها بعض رؤوس الاموال المشبوهة على المضي في عمليات العصيان الى حد الانقلاب الكامل على المؤسسات الشرعية والثاني تواصل محاولات التخويف والارهاب من خلال توسع نطاق العمليات الاجرامية والتخريبية الى مناطق لم تطلها في السابق كالذي جرى مؤخرا في الساحل التونسي.
حالة الانسداد السياسي مع اشاعة الهلع والخوف وحتى القلق على لقمة العيش والترويج على ان الخلاص الوحيد من كل ذلك هو في رحيل الحكومة يعطى اجنحة جديدة للنظام المتهاوى لبن علي ولمن يحن الى ايامه و لذلك فان ما ينتظر حركة النهضة اليوم لم يعد فقط مجرد كسب اصوات الناخبين في الانتخابات المقبلة او الصمود في مواقع الحكم بل كسب العقول والقلوب معا ولن يكون ذلك متاحا بالسهولة التي يتوقعها البعض و هنا قد تكون كلمات الاستاذ عبد الحميد الجلاصي من ان السياق التونسي يظل مفتوحا على كل الاحتملات اشارة رمزية بالغة الدلالة على صعوبة المهمة وتعقيداتها لكن عدم استحالة فرص نجاحها ولو بعد حين.





   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 74456

Chebbonatome  (Tunisia)  |Lundi 11 Novembre 2013 à 19:25           
يجب نشر هذا الكلام على اوسع نطاق حتى يفهم بعض المحبطون حقيقة الامر
ان ما يحدث في تونس هو موجة للتحرر الشعبي من المرابين مصّاصي دماء الشعوب
وهذه الموجة مصيرها الانكسار امام حائط الدولة العميقة التي تخدم مصالح اوساط صهيوماسونيّة بنهب ثروات البلاد في غفلة عن شعبها مقابل بعض الفتات و الوجاهة الزائفة التي لا يعتزّ بها الا الطماعين
انا لا ارى مخرجا من شراك الماسونيّة غير انتشار هذا النفس الثوري في عقر دار الماسونيّة بمعنى الغرب حيث خلافا لما يعتقده كثير منّا هناك شعوب مغلوبة على امرها تكدح ليتمتع بارونات المال و الاعمال اصحاب الكاك اربعون و خبراء الاتحاد الاوروبي في بركسيل فانا انتظر ثورة شعبيّة بفرنسا و بريطانيا و امريكا لتتمكن الثورة التونسيّة من بلوغ اهدافها الماديّة وهذا بعيد المنال
لقد اجتهد الشعب التونسي و سطر الطريق امام الشعوب المقهورة الاخرى فان اصاب فله اجران و ان لم يصب فله اجر واحد
و الى اللقاء في الحاولة الثوريّة القادمة التي ستكون قريبة
المهم ان لا يصيبنا الاحباط اذا فشلت هذه المحاولة حتى نهيئ انفسنا لمحاولة انضج

SOS12  (Tunisia)  |Lundi 11 Novembre 2013 à 16:23           
مفارقة
وإن حافظت النهضة عن الدولة والمجتمع وقادت الإنتقال بليونة
فلا تزال هرسلتها ومحاولة إقصاءها وابتزازها مستمر بأي ثمن
من معارضة مدعومة من الإتحاد و الإعلام وأطراف خارجية
وأضيفت لهم المحكمة الإدارية

Dagbaji  (Tunisia)  |Lundi 11 Novembre 2013 à 12:21           
وما لم يتطرق اليه الكاتب ان النهضة لها حلفاء غير معلنين
موضوعيا الكتلة الجديدة التي تضم 36 نائبا والتي مغيبة في ذهنية المعارضة التي تدعي الحوار
وهذه لوحدها مفاجئة للباجي ولحمة الهمامي وزياد لخضر ونجيب الشابي والتحالف الديمقراطي والتي وراء مجموعة 47 نائب المنسحبون العائدون (ويصدق فيهم قول الصغار"كلب الشلة غضب وولا")
ما لم افهمه هو تركيز المعارضة على حركة النهضة دون غيرها وتحميلها كل الفشل حتى في الحوار وهم الذين أعلنوا تعمدهم رفع سقف المطالب والعناد من جهة وتجاهلهم المتعمد أيضاً لبقية النواب غير المشاركين في الحوار وكأنهم أصبحوا يملكون إدارة اللعبة
ومما يثير الاستغراب استعمالهم لاستقالة الحكومة وتعمد هم استخدام عبارة الحكومة المستقيلة ورئيس الحكومة المستقيل في إستبلاه لعقول المواطنين
انظروا الى نداء تونس كيف يعتبر نفسه ويروج على انه الحزب الأكبر دون دليل سوى سبر آراء ممول ومزيف
هكذا تسرق اختيارات الشعوب

MOUSALIM  (Tunisia)  |Lundi 11 Novembre 2013 à 12:01           
يبدو وأن عجز المعارضة على الإطاحة بالنهضة من السلطة رغم إعتمادها النزول إلى الهجوم الجماعي رفقة حارس المرمى يعود لاعتماد النهضة للخطط التكتيكية الثماني مجتمعة لكرة القدم حسب ما تمليه لحظات الدربي في محاولة لإبقاء الوضع على هو عليه من التعادل وهو بمثابة إنتصار ساحق وماحق في الدربي ....

Zoulel  (Tunisia)  |Lundi 11 Novembre 2013 à 10:21           
UN EXCELLENT ARTICLE qui traduit la réalité tunisienne.


babnet
*.*.*
All Radio in One