النّهضة تخوض معركة الوجود

<img src=http://www.babnet.net/images/7/rachedtop2.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الأستاذ بولبابة سالم

عندما صرّح السيد محمد الهاشمي الحامدي رئيس تيّار المحبّة منذ أيّام بأنّه لو تنازلت النهضة عن السلطة و قبلت بحكومة كفاءات مستقلة التي اقترحتها المعارضة فتكون قد قطعت رأسها بيديها لم يكن يمزح و لا يهذي فالرّجل ذكيّ جدّا و داهية في عالم السياسة و لا ينكر ذلك إلا جاحد أو حسود. لقد عايش الحامدي الطبقة السياسية الحالية في الساحات الجامعية عندما كان قياديا بحركة الإتجاه الإسلامي و يدرك حقيقة مواقفهم في حقبة العهد البائد . طبعا لا يمكننا أن ننكر رفض تيار المحبّة لفكرة الإنقلاب على الحكومة الحالية بل دعا صراحة إلى انتخابات مبكّرة و العودة إلى الشعب رافضا وصاية من يعتبرهم فاشلين و متعطّشين إلى السلطة على الشعب التونسي .

تصريحات السيد راشد الغنوشي في قناة نسمة و استعداده للذهاب إلى قواتيمالا للقاء السيد الباجي قايد السبسي بل و حرصه على التعاون و العمل مع نداء تونس يؤكّد للمتابعين خطورة الأزمة و الحرص على تجاوز كل الخطوط التي كانت حمراء فلا ننسى أن بعضهم قد ذكر سابقا بأن نداء تونس أخطر من السلفيين . لو نظرنا من زاوية الجغرافيا السياسية و لما يحدث في المنطقة ندرك حجم الأخطار التي يتهدّد حركات الإسلام السياسي فما حصل بمصر من انقلاب عسكري على رئيس منتخب صفّق له بعض الديمقراطيين عندنا , و المسألة تتعلّق بمبدأ أساسي من مبادئ الديمقراطية وهو احترام نتائج صندوق الإنتخاب وهو موقف جسّدة السيد أحمد نجيب الشابي رغم اعتراضه على طريقة حكم الإخوان . من صفّق للإنقلاب في مصر فسيرقص له فرحا في تونس و هنا يصبح حديثهم عن الإنتخابات القادمة مجرّد هراء , أعتقد أن النهضة قد قبلت المبادرة المعدّلة للمنظمات الراعية للحوار التي تتضمّن تشكيل حكومة كفاءات مستقلة بعد ثلاثة أسابيع من انطلاق الحوار الوطني و تحديد مهلة زمنية لمهام المجلس الوطني التأسيسي , و حتى تحفظاتها فهي تخص الضمانات اللازمة لبعض قيادييها ممّن تحمّلوا مسؤوليات كبرى صلب الدولة و خاصة رئيس الحكومة السيد علي لعريض الذي بدأ البعض بتتبّعه قضائيا و آخرون أعدّوا ملفات أخرى ضدّ مسؤولين آخرين . هذه الهرسلة لبعض قيادات الحركة في ظل حالة التوتّر السياسي و الإستقطاب الإيديولوجي و اشتداد هجمة الإعلام في الفترة الأخيرة ضدّ الحكومة الحالية بعد موجة المحاكمات ضدّ الصحفيين جعلت النهضة تفكّر ألف مرّة قبل التنازل عن السلطة في ما تبقى من هذه المرحلة الإنتقالية فقد تعالت أصوات استئصالية متطرّفة تنادي بإعادتهم إلى السجون و المنافي و تهديدهم بإعادة محرقة التسعينات في عهد بن علي , طبعا هذه الأصوات مصدرها اليائسون من الإنتخابات و رفضتها المعارضة الديمقراطية التي اعتبرتها تصريحات غير مسؤولة و لا تساعد على تجاوز المرحلة الحرجة التي تمرّ بها تونس , فقد شدّد السيد الباجي قايد السبسي في أكثر من مناسبة أن حركة النهضة مكوّن أساسي في المشهد السياسي التونسي و أكّد على الإلتقاء حول المصلحة الوطنية .




في النهضة نفسها توجد أصوات متطرّفة وهو ما صرّح به السيد عبد الفتاح مورو مؤخّرا و تظهر تصلّبا واضحا رغم صعوبة الوضع السياسي و لا تتعامل بمرونة مع المتغيّرات الداخلية و الخارجية , يبدو السيد راشد الغنوشي في وضع دقيق جدّا في مواجهة رفاقه و منافسيه السياسيين للخروج من الأزمة و دفع الثمن باهظا في معركة الوجود التي تخوضها النهضة و لعلّ زيارات السفراء المتكررة هي للوقوف على موقفهم من موقع النهضة في المشهد السياسي التونسي , فلا ننسى أن الإطاحة بمرسي كانت بقرار خارجي إضافة إلى الأسباب الداخلية .

النهضة لا تخشى من يعتبرها منافسا سياسيا لكنها تخشى من يرى فيها عدوّا { و قد صرّح بعضهم بذلك } و هؤلاء لا يريدون الإنتخابات و لهم تأثيرهم في الإعلام و في قطاعات أخرى حساسة .

توجد أصوات عاقلة داخل النهضة كما يوجد تيّار ديمقراطي مناضل داخل المعارضة و نرجو أن ترتفع أصوات هؤلاء لتجاوز صعوبات المرحلة الإنتقالية من أجل مستقبل تونس .

كاتب و محلل سياسي



Comments


15 de 15 commentaires pour l'article 71481

Charif  (Tunisia)  |Vendredi 20 Septembre 2013 à 22:41           
يجب تشجيع القوى الديمقراطية و التعامل معها أما القوى الإستئصالية فيجب أن تترك على الهامش , و يجب على النهضة ان تقبل بمبدأ التداول على السلطة لتثبت أنها حركة ديمقراطية

David  (Tunisia)  |Vendredi 20 Septembre 2013 à 10:50           
اسال الفاهمين سؤالا...ما حكم الذي ليلة دخلته وجد عروسا غير التي عقد عليها الزواج...والفاهم يفهم

Elbanoun  (Tunisia)  |Vendredi 20 Septembre 2013 à 07:05           
لا شك ان حركة النهضة قد كسبت المعركة اخيرا عندما اعترف السيد راشد الغنوشي بخصومه في نداء تونس وقد ادى هذا الى تصدع في صلب الجبهة الشعبية وجبهة الأنقاذ .
وقد كانت النتائج ان حركة النهضة حققت هدفين هامين
1 هو عزل الجبهة الشعبية .
2 عودة المجلس التأسيسي للعمل .
ولكن المعركة مازالت مستمرة في مرحلتها الأخيرة والأمر يتعلق اساسا بالحكومة فهل ستقبل النهضة باستقالة الحكومة ام لا ؟.
اعتقد ان المفاوضات الرباعية لن تكون الفيصل في حلحلة الوضع السياسيي وانما هناك خيارات اخرى الا وهي سياسةالأكراه والمصالح فالفترة القادمة سوف تكون حاسمة خصوصا بعد ظهور اطراف اخرى تستعمل ادوات ضغط خطيرة الا وهي التسريبات الأمنية وعليه فان حركة النهضة ستعيد حساباتها و ولن ترضى بالمجازفة ولكن سوف تقدم القرابين السياسية لخصومها حتى تتجاوز هذه المرحلة الحاسمة ثم بعد ذالك سيجعل الله امرا كان مفعولا .........وتلك هي السياسة
فهي اكراه ومصالح .

Charif  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 22:59           
برافو سي بولبابة على هذا التحليل المتوازن و المنحاز للحقيقة .

UlyssWarrior  (France)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 11:48           
Brotherhood in Egypt, and Nahdha in TS are still popular. Accept it or not ....

Elmejri  (Switzerland)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10:48           
بالإنتخـــــــــــــــــــــــاب لا بالإنقـــــــــــــــــلاب...المعارضيــــــــــــــــــــــــــن...مــــــنافـــــــقيـــــــــــــن..وسياسيـــــــــيــــــن فاشـــــــــــليــــــــن

Ouldelkhadr  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10:45           
YA AMMAR TU EST TROP NAIF A L'IMAGE DU GOUVERNEMENT QUE TU DEFEND /////AMMAR GUEDIM YASSERhttp://www.babnet.net/commentaires/commentform.php?what=71481#

Nouri  (Switzerland)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10:35           
المثل المصري هو الدليل الواضح، كيف تعامل التيار الاسلامي مع الوضع المصري ومع العلمانيين بمحاولة وجود توافق والتباطء في محاكمة الفلول وكيف استغلوا العلمانين هذا الضعف وانقلبوا علي التيار الاسلامي بدون رحمة ولا شفقة وبرزت للعالم حقيقة اللعبة وبان العلمانيون العرب لا يملكون الا الدكتاتورية كوسيلة للحكم وان وجودهم هي لحماية الغرب من الاسلام والمسلمين.

Ammar  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10:32           
الشعب صاحب السيادة يعمل، الحكومة المنتخبة تعمل، المجلس المنتخب يعمل، المعارضة و الاتحاد والإعلام ماعندهم ما يعملو...

Meinfreiheit  (Oman)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10:12           
الورقة الوحيدة و التي تمثل الضمانة للنهضة هي الشعب لكن النهضة لم تلعب هاته الورقة بل تلاعبت بها و الدكتور الهاشمي الحامدي رقم صعب في السياسة التونسية و له خيوط كثيرة قادر على تحريكها و الايام ستثبت ذلك ...

Bambou  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10:04           
La GRECE ça vous dit quelque chose ?

MOUSALIM  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 10:00           
تنازل النهضة عن السلطة سينهي وجودها فالكل متربص لمحاكمتها من حمة لقسيلة للإعلام ومن كل الإتجاهات . وهو ما يلمح له الكاتب فهل أن النهضة إنتهت واستسلمت للهزيمة وإلى الأبد في الدربي المشوق أم ستعود في المنافسة .سنتابع ذلك في الشوط الثاني فلا تغيروا الموقع ....

Zoulel  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 09:54           
Ya si bouloubaba tous ce que vous avez dit est vrai mais vous avez oublié de mentionner que le peuple qui regarde et assiste à tout ce qui se passe dispose toujours du dernier mot à dire et de la dernière action à faire en dépit des manigances de cette petite élite aveugle qui l'ignore.

3IBROUD  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 09:07           
برهنت المعارضة عن فشلها في لعب دورها السياسي أثناء المرحلة الانتقالية في تونس و هي لا تعدو أن تكون إلا مجموعة من البلطجية تعامل الشعب معاملة الدواب. تكرس منطق الوصاية و لم تفهم بعد منطق الديمقراطية.

Ammar  (Tunisia)  |Jeudi 19 Septembre 2013 à 07:55           
الترويكا لم تزدها المحن و المؤامرات إلا تضامنا و تنسيقا في المواقف و خبرة في العمل المشترك... أداء الحكومة في تحسن مستمرعلى كل الأصعدة السياسية والأمنية والإقتصادية و أداء المعارضة أصبح لا يتعدى أن يكون صياحا و عويلا و وضعا للعصا في العجلة... أقولها عاليا : لو نجحت الثورة المضادة في فك ارتباط أحزاب الترويكا، ستنجح في إخماد الثورة


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female