تونس: وسائل الإعلام الجماهيرية المساهم الأكبر في تفاقم الأزمة

<img src=http://www.babnet.net/images/9/mohamedhammar.jpg width=100 align=left border=0>


محمد الحمّار

أعتقد أنه لن يتم تسريح الاحتقان السياسي في تونس بما يضمن الانتقال الديمقراطي السلمي والسليم ولن تقع حلحلة مشكلاتنا متعددة الأبعاد بالاكتفاء بتمرير أفكار سياسية مهترئة ومنتهية الصلوحية تُبديها أطراف منتهيةٌ صلاحياتُهم إن لم نقل لم يحرزوا أبدا على صلاحيات لدى الشعب العميق.

فهل بواسطة بث خطابات متلفزة لراشد الغنوشي ولعلي العريض وللباجي قائد السبسي أو حتى لحَمة الهمامي ستُحرر تونس نفسها من براثن أزمة أضحت تهزها ليلا نهارا إلى درجة أننا نتوجس خيفة من أن يفضي دوام الاهتزاز إلى حالة أخطر ألا وهي حالة التعوّد على الاهتزاز ومن ثمة التعامل مع الشأن العام وكأن هذه العلة غير موجودة؟



بينما هنالك في تونس معارضة وطنية، فكرية وسياسية، لم تلقَ بعدُ حظها في تبليغ صوتها للمجتمع وللسلطة ولا حتى للمعارضة الرسمية. ذلك أنها في حالة عزلة شبه تامة مع هذه الأخيرة من باب أولى ومع السلطة بطبيعة الحال ومع الشعب العميق وهو الأدهى والأمَر.
أما سبب عزلة هذه القوى النقدية والاقتراحية، وهي في مجملها غير منظمة لا في أحزاب ولا في جمعيات ولا في أية تنظيمات مدنية أو اجتماعية أو سياسية، هو عدم التفات العقل الوطني إليها لكي يتم التعريف بها وبأفكارها لدى الخاص والعام في المجتمع وذلك عبر وسائل الإعلام الجماهيرية وعلى الأخص عبر الإذاعة والتلفزة.
وتتكون هذه المعارضة المحجوبة، من مؤلفي الفيديوهات المنشورة على المواقع الاجتماعية، ومن كتاب الانترنت وصحافة المواطن وقلة قليلة من الجرائد الورقية، ومن كل الشرائح المتفاعلة معها.
إما أن الشعب بنخبه وبحكامه معتزٌّ بأنه يمر بمرحلة ثورية تستدعي حقا التضامن والتكاتف حول القضايا الجوهرية والتشارك في حلحلتها وذلك بضمان أقصى حظوظ النجاح لأصحاب المقترحات والتوصيات، وفي هاته الحالة نعجب لعدم انفتاح أجهزة الإعلام الجماهيرية على ما خَفي من النخب.
وإما أن الشعب بصدد الفرجة على مسرحية هو نفسه مساهم في التمثيل على ركحها، وفي هاته الحالة فليتفضل بارونات الإعلام بتحمّل مسؤولياتهم كاملة في الكشف عن المسرحية ومن ثمة في مصارحة الشعب بذلك وفي متابعة ما ستفضي إليه التحقيقات والاستقصاءات الصحفية من نتائجَ.
وفي كلتا الحالتين لن تخرج تونس إلا منتصرة من أتون الفوضى والانقسام، اللهم إلا إذا كانت هنالك حالة ثالثة، وهي تلك لا نرغب في الإيمان بوجودها، والتي تنذر بتواطؤ وسائل الإعلام الجماهيرية، من حيث تشعر أو لا تشعر، مع الدولة العميقة، في تجاهل صعود جيل جديد من الأفكار، لا تقاس بسن أصحابها بقدر ما تقاس بمدى أصالتها واتساقها مع تطلعات الشعب وتلبيتها لحاجياته الحقيقية.



Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 70642

Hammar  (Tunisia)  |Lundi 2 Septembre 2013 à 11:16           
@ Abou Lina: تحليلك منطقي واستشرافك في محله لكن الذي ينقصه لكي يقتنع القارىء والمتابع للشأن العام به هو البراهين على أنّ لقاء باريس أسفر بالفعل على اتقاق سري.

Ghiwani  (Germany)  |Lundi 2 Septembre 2013 à 09:08           
@abou lina
très bien dit. merci pour ce commenatire!

Meinfreiheit  (Oman)  |Samedi 31 Août 2013 à 18:21           
اعلام العار و سيبقى اعلام العار الى ان يقرر الشعب في شانه ماهو مناسب ....

SOS12  (Tunisia)  |Samedi 31 Août 2013 à 17:46           
الـــكاتب
رجـــــل وديع سياسيا ويتمنى قيادة الخط لاقلية فكرية على غرار منتسكيو وديكارت
لـــقد انتهى زمن البناء بالحجـــــــرة والكل مــستعـــجل ومــتسرع
رغم قرون المهانة لم يقبل العربي حق نفسه وحق اخــــيه وحق المفكر
الاستعمار الاعــــلامي هو الذي يـــصنف

Lina  (Tunisia)  |Samedi 31 Août 2013 à 14:19           
عندما نسمع ونرى في وسائل الإعلام العمومية لما بعد الثورة مذيعة اخبار ممن حاولت طواعية اجهاض الثورة مثلما ساهمت مع غيرها من "زملائها" في ترسيخ الدكتاتورية لعقود تسأل خبيرا إقتصاديا سؤالا يفضح عن مكنونات قلبها المتشبث بعرابها القديم عبد الوهاب عبد الله وتتجرأ على القول : متى تفلس الدولة (في شكل أمنية) ثم تعود هذه الدمية المبرمجة إلى الظهور وكأن شيئا لم يكن فيجب أن نتأكد أن لقاء باريس بين الغنوشي و السبسي برعاية رجل المخابرات سليم الرياحي لم يكن
قطعا لشرب كاس من الشاي أو حتى محاولة عفوية لإيجاد حل توافقي للأزمة السياسية في تونس
الأكيد أن اللقاء كان لعرض الادوار الجديدة في شكل تعليمات شديدة اللهجة وهذه التعليمات موثقة بأرقام و تواريخ وأجندات صارمة و الأكيد أنها ليست في مصلحة النهضة كما أنها ليست ضدها في المطلق كما أنها لا تمنح الباجي ومن خلفه شيكا على بياض للعودة بوقاحة إلى المشهد السياسي مما قد يفتح باب الشهية لثورة جديدة تقودها أطراف لا يمكن السيطرة عليها كالأحزاب المتشبثة بقانون تحصين الثورة وبعض الاحزاب السلفية وخاصة أنصار الشريعة التي تم تصنيفها تنظيما إرهابيا في
إطار تنفيذ المخطط القادم من باريس
لا يمكن التكهن بحقيقة التعليمات الجديدة ولكنها خارطة جديدة للمشهد السياسي قد يذهب ضحيتها العديد من الوجوه السياسية خاطة جديدة ستشهد تواجد النهضة في إطار حدود واضحة المعالم وستشهد عودة بعض الوجوه المحسوبة على النظام القديم بعد تطهيرها على الطريقة المسماة المصلحة العليا للوطن وفي إطار العدالة الإنتقالية كما سيشهد الملعب الجديد تراجع شعبية اليسار خاصة عندما يتبرأ منه الباجي طبقا للتعليمات الجديدة
نصيب النهضة لن يكون كبيرا من الكعكة السياسية القادمة ولكنه سيكون كافيا لضمان التواجد القانوني مع ضمان عدم تطبيق السيناريو المصري على قادتها و انصارها وقد تشهد النهضة انقساما هاما داخلها إما أن يكون انقساما تكتيكيا لتكون هناك شق دعوي وشق سياسي وإما أن ينسحب الرافضون لمخطط باريس ليكونوا حزبا جديدا لا يقبل التنازل عن ثوابت الحركة وقد يتحالف مع حركة وفاء و المؤتمر وحزب محمد عبو وبعض الأحزاب المتمسكة بنظرية التطهير و التحصين و لا يستبعد أن تحتضن هذه
الحركة الجديدة قواعد وأنصار لجان حماية الثورة إذا ما تم إجبار الحكومة على حلها قضائيا
إن لقاء باريس خطير جدا ومن يملك تفاصيله قد يفهم حقيقة التناقضات الراهنة و القادمة وقد يفهم شيئا من حقيقة المشهد السياسي القادم وهو غريب بعض الشئ
أبو لينة


babnet
*.*.*
All Radio in One