رسائل النهضة في ليلة القصبة

بقلم الأستاذ بولبابة سالم
يدرك الكثير من المتابعين و حتى من قوى المعارضة قدرة حركة النهضة على التعبئة و التنظيم , و لا أحد يمكنه التشكيك في عمقها الشعبي و قد صرّح السيد نجيب الشابي منذ أشهر على قناة التونسية بأنّها موجودة في كل ريف و قرية كما تؤكّد دراسات أمريكية موثوقة تجذّرها لدى الطبقات المتوسّطة و الفقيرة . لا يمكن تصديق أن من حضر في القصبة ليلة السبت /الأحد وقع تجنيده بالمال كما أنّ التنظيم الجيّد توفّر له وسائل النقل و هذا معمول به في كل الدول الديمقراطية إذا لم يكن فيه تجاوز للقانون أو استغلال نفوذ . هناك فرق بين أن ننقد أداءها في الحكم و ارتباكها في إدارة الشأن العام و هذه حقيقة و بين قدرتها على تجميع أنصارها . أداء النهضة الحكومي أفقدها الكثير من شعبيتها و غضب من صوّتوا لها لكن عودة الخطاب الإستئصالي و التهديد بالسيناريو المصري لدى بعض أصوات المعارضة المتطرّفة قدّم لها خدمة كبيرة فقد التفّ حولها أنصارها من جديد بسبب تذكّر محنة التسعينات الأليمة و جمع حولها كل الطيف الإسلامي الذي نسي خصوماته معها لأنّهم أدركوا بأنّهم سيؤكلون إذا أُكل الثور الأبيض . كلام قد يغضب بعض أصدقائي في المعارضة لكنّها الحقيقة , الخطاب المتشنّج يخدم خصمك السياسي و بعض الأحزاب بنت حملتها الإنتخابية في انتخابات 23 أكتوبر على مهاجمة النهضة و كانت النتيجة التي يعرفها الجميع .
يدرك الكثير من المتابعين و حتى من قوى المعارضة قدرة حركة النهضة على التعبئة و التنظيم , و لا أحد يمكنه التشكيك في عمقها الشعبي و قد صرّح السيد نجيب الشابي منذ أشهر على قناة التونسية بأنّها موجودة في كل ريف و قرية كما تؤكّد دراسات أمريكية موثوقة تجذّرها لدى الطبقات المتوسّطة و الفقيرة . لا يمكن تصديق أن من حضر في القصبة ليلة السبت /الأحد وقع تجنيده بالمال كما أنّ التنظيم الجيّد توفّر له وسائل النقل و هذا معمول به في كل الدول الديمقراطية إذا لم يكن فيه تجاوز للقانون أو استغلال نفوذ . هناك فرق بين أن ننقد أداءها في الحكم و ارتباكها في إدارة الشأن العام و هذه حقيقة و بين قدرتها على تجميع أنصارها . أداء النهضة الحكومي أفقدها الكثير من شعبيتها و غضب من صوّتوا لها لكن عودة الخطاب الإستئصالي و التهديد بالسيناريو المصري لدى بعض أصوات المعارضة المتطرّفة قدّم لها خدمة كبيرة فقد التفّ حولها أنصارها من جديد بسبب تذكّر محنة التسعينات الأليمة و جمع حولها كل الطيف الإسلامي الذي نسي خصوماته معها لأنّهم أدركوا بأنّهم سيؤكلون إذا أُكل الثور الأبيض . كلام قد يغضب بعض أصدقائي في المعارضة لكنّها الحقيقة , الخطاب المتشنّج يخدم خصمك السياسي و بعض الأحزاب بنت حملتها الإنتخابية في انتخابات 23 أكتوبر على مهاجمة النهضة و كانت النتيجة التي يعرفها الجميع .

لقد أكّد الحشد التي امتلأت به ساحة القصبة و ما حولها شعبية حركة النهضة ووجّهت رسالة قويّة لخصومها السياسيين الذين يتحدّثون باستمرار باسم الشعب دون تفويض منه أنّها قوّة رئيسية في تونس و هي تقبل باستفتاء الشعب على حكمها و لا تخافه, و أنّ من ينصّب نفسه وصيّا على إرادة الناس ليكون ناطقا باسمهم فهو يبشّر بدكتاتورية جديدة و لا مجال للحكم في تونس الديمقراطية إلا عبر صندوق الإقتراع .

كما استعادت النهضة في ليلة استعراض قوّتها الشعبية ابنها القديم الدكتور محمد الهاشمي الحامدي رئيس تيّار المحبّة الذي يشنّ هذه الأيّام في قناته المستقلّة حملة عنيفة ضدّ من وصفهم بالإنقلابيين على الشرعية و أطلق حملة بالإنتخاب لا بالإنقلاب لجمع 2 مليون توقيع , و لمن يقلّل من شأن الهاشمي الحامدي عليه أن يعود لنتائج الإنتخابات الأخيرة حيث كان الوحيد الذي هزم حركة النهضة في سيدي بوزيد و نافسها بقوّة في القصرين و تطاوين و غيرها كما تحصّل على أصوات تفوق ما تحصّلت عليه المعارضة مجتمعة و له قدرة عجيبة على مخاطبة أبناء الطبقات الشعبية . و لا يجب أن ننسى أنّ ذلك الحشد كان أيضا دعما قويّ للسيد علي العريض حيث اعتبره الشيخ راشد الغنوشي خطا أحمر مثل المجلس الوطني التأسيسي أي أنّ النهضة و حلفاؤها لن يفاوضوا على رئاسة الحكومة بل حول تركيبة الحكومة فحسب , لكن في المقابل كانت الكلمات التي ألقاها حلفاء النهضة كحركة وفاء و المؤتمر قويّة و فيها رسالة للنهضة نفسها بأنّ استمرار الدعم مرتبط بفتح الحكومة للملفّات الكبرى و خاصة كشف الأرشيف و تطبيق القانون بصرامة و دون تردد على كل من يهدد أمن البلاد و استقرارها و محاسبة الفاسدين .

و لا تفوتنا الإشارة كذلك الدعوات إلى الوحدة الوطنية من كل الأطراف خاصّة في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه بلادنا بسبب العمليات الإرهابية و الإغتيالات السياسية الأخيرة , إنّ تونس تتّسع لجميع أبنائها بكلّ ألوان الطيف و من يراها لنفسه أو على هواه و يخاطب الناس بلغة فاشيّة فقد تجاوزه التاريخ الذي لن يعيد نفسه إلا في شكل مهزلة , وهو ما نراه في خطابات بعض المراهقين السياسيين الذين لم يغيّروا خطابهم من زمن الساحات الجامعية رغم أن العالم تغيّر لكن ما بالطبع لا يتغيّر .
نقد النهضة و إحراجها و الضغط عليها وهي في الحكم مطلوب وواجب وهو ما تقوم به بعض قوى المعارضة الوسطية , أما لغة التهديد و الوعيد و دعوات الإستئصال فهو يفضح من تحالفوا ضدّها مع بن علي, و هؤلاء لا يمكن أن يكونوا بناة الديمقراطية , فالديمقراطية لا تبنى بالحقد و الكراهية .
كاتب و محلل سياسي
Comments
26 de 26 commentaires pour l'article 69421