نوفل الورتاني و حكاية القطّوس الأكحل

بقلم / منجي بـــــاكير
من غرائب الثورة و من مخلّفاتها السلبيّة و المحزنة أيضا هو تنكيب كثيرا من الأسماء إناثا و ذكورا تستّروا بمكتسبات هذه الثورة في الديمقراطيّة و الحريّة و التعبير و غيرها ليحوّلوها عن مفاهيمها الصحيحة و يستثمروها بوجه آخر و يركبوا على مدلولاتها ليغرقونا بتفاهاتهم و انحلالاتهم و ليمرّروا لنا صبحا مساء كثيرا من عقدهم و شذوذاتهم فيزيدوننا همّا و غمّا على الذي هو عندنا أصلا ...
نوفل الورتاني الذي لا يكاد يمرّ يوما حتّي يثبت أكثر أنّه أحد هذه الأسماء إن لم يكن في صدارة قائمتها ، نوفل الذي يصرّ كلّ مرّة في برنامجه التلفزي على السؤال ( تونس لاباس؟ ) يعرف جيّدا أنّه هو ومن شابهه يلحقون بتونس و كثيرا من شعبها بأسًا شديدا ...نوفل - تمترس - وراء هذا البرنامج البائس مع ثلّة من المهرّجين إختارهم و صنعهم على قالبه ليشنّفوا أسماعنا بارتجاليّات بائسة يشتركون فيها وحدهم تأليفا و إخراجا و عرضا أيضا ، ليمطرونا كلّ مرّة بوابل من المهازل و الرّداءة و كثيرا من – التّــييييتات –، و لم تسلم من حماقاتهم و بذاءاتهم هذه حتّى مؤسّسات الدولة و مقوّمات أركانها و أسس نظامها و أمنها ، حيث أطلقوا العنان للتنبير و التشهير في أدنى و أقلّ صوره ظانّين أنّهم يحقّقوا بذلك الطّرفة و يخلقوا الضحكة فتعسوا و أتعسوا و فرضوا على المشاهدين قلّة الحياء و سقاطة الذوق مع بعضِ من ضيوفهم المغمورين و المعروفين بموجة التغريب و التفسيخ و الإبتذال المجّاني ...
نوفل الوتاني أيضا تميّز بانّه لا يضيره و لا يتأثّر بلوم و لا نهيِ عمّا يجنيه كلّ مرّة متذرّعا باطلا بالأريحيّة و سِعة البال الذي يحاول جاهدا الظهور به عند أيّ نقد أو هجوم يتلقّاه من ضيف آثر الكرامة و التزم بحدود اللّياقة و الأدب و رفض استهجاناته و امتهانه لحرمات الغير ،،
طبعا هذه الموجة من الإنفلاتات الإعلاميّة يشارك فيها نوفل عدد آخر من أدعياء الإعلام و الفنّ و حتّى بعض المحسوبين على أهل الفكر و الكتاب ، هؤلاء من كان ديدنهم اللعب على الوتر النّشاز و توجيه أعمالهم لمحاربة الأخلاق و الفضيلة و الإستهزاء بخلق الله و فتح مواضيع من شأنها أن تلهي و تميّع الرأي العام لتصرفه عن شواغله الأساسيّة و تشتّت التركيز على ما ينفع البلاد و العباد ،،
هؤلاء الذين وجدوا في سوء إستغلال مفاهيم الثورة و الحريّة من جهة و تراخي الحكومة في الوقوف جدّيّا لهكذا سفسطات تستبيح المحرّمات و الحُرُمات و تؤسّس لفساد الذوق و الأخلاق ، وجدوا التقيّة التي يهرولون إليها في صراخ و وبكاء و رثاء لانتهاك الحقوق و الحريّات و اتّخذوا منها ذريعة حقّ ليمارسوا به باطلا أو لربّما هذه الفئة من النّاس يشملها المثل التونسي العامّي – (القطّوس الأكحل إذا ضربتو تتأذّى و إذا خلّيتوا ياكلّك عشاك )

Comments
10 de 10 commentaires pour l'article 67179