صحافة الهمّ و جرائد الغمّ

بقلم / منجي باكير
إنّ المتابع لمسار الصّحف الورقيّة في ما بعد الثورة ليجد أنّ أكثرها دخل في دوّامة سباق مجنون لصياغة مانشتات و مقالات و عناوين أقلّ ما يقال عنها أنّها مدعاة للإحباط و جالبة لليأس و محيّرة للسّكري و الأعصاب و الضغط ، فضلا عن أنّ جوهر أخبارها يمتاز بالمبالغة فيهوّل الأصل أو يتّخذ منطق التحريض.
إنّ المتابع لمسار الصّحف الورقيّة في ما بعد الثورة ليجد أنّ أكثرها دخل في دوّامة سباق مجنون لصياغة مانشتات و مقالات و عناوين أقلّ ما يقال عنها أنّها مدعاة للإحباط و جالبة لليأس و محيّرة للسّكري و الأعصاب و الضغط ، فضلا عن أنّ جوهر أخبارها يمتاز بالمبالغة فيهوّل الأصل أو يتّخذ منطق التحريض.

و كمثالٍ على هذا ما طالعتنا به مؤخّرا إحدى الأسبوعيّات ، هذه الصّحيفة و على صفحتها الأولى صبّت كل أنواع الهموم و –الدُّمّار- و جعلت في عناوينها الرئيسيّة كلّ مفردات اليأس و القنوط و ( تطييح الماء في الرّكايب) من أوّل عنوان إلى آخر عنوان و في كلّ مجالات الحياة ، حتّى أخبار الكوورة لم تسلم من هذا اللّون السوداويالمقيت ،، بدأت بالإعدام و الإتهام بالعقد الجنسيّة فموجة من الإغتصابات وانتحار شابّ ثمّ صراع مرير قبل الدّربي و لماذا يريد الكوارجي فلان تحطيم فلتان و من يسقط التعصّب الجهوي و ختاما عنوانا آخر يخصّ خبر فريقين رياضيين كلاهماحزين / إعدام ، إتهام ، موجة إغتصابات ، إنتحار، صراع مرير، يسقط و حزين ،، و لا عنوان واحد يحمل بصيص أملٍ !!
مثل هذه العناوين تملأ كثيرا من الصفحات الأولى لجرائدنا التي غالبا ما تزرع في قارئها الإحباط و تركّب فيه الأمراض المستعصية بل تحصد فيه كلّ أمل له في الخلاص خصوصا إذا أضاف إليها تخميرات المنابرالتلفزيّة الحواريّة .
هذا يدفعنا للقول: ألايكفي هذا المواطن التونسي الغلبان ما يعانيه من ضنك العيش و مكابدة مرافقه الضروريّة و تخصيص نصف مخّه للحسابات في الزيادة و الطرح و- القلبان - حتّى طغى تفكيره هذا على كثير من جوانب حياته الخاصّة فأهمل نفسه و عياله و لم يعد عنده متّسعا من البال لهم ، ألا يكفيه أنّ كلّ القنوات المحلّية لا تبرمج له إلاّ حوارات سياسيّة بيزنطيّة مقرفة يؤثّثها أشخاص لا همّ لهم إلأ صبّ الزيت و إشعال الفتيل ؟؟ ألا يكفيه كلّ هذا حتّى (( يتصبّح )) كلّ يوم على مثل هكذا عناوين من شأنها أن تحرّك فيه يوميا نفس الشعور القاتم ؟
Comments
15 de 15 commentaires pour l'article 62637