فروض صاحبة الجلالة


فروض صاحبة الجلالة
لطفي المسعودي : صحفي
السلطة الرابعة صاحبة حجة بقدر ما هي صاحبة موقف بل الحجة قبل الموقف بالضرورة لأن المواقف تأتي و تمضي و لا يدخل منها التاريخ إلا ما كان مبنيا على حجة قوية و مصوباً تصويباً دقيقا يحصنه ضد التأويل و إساءة الفهم و تلاعب المتلاعبين من هواة ركوب المواقف الشريفة لتحقيق الغايات الدنيئة ، و يجعلها تضمن لأهدافها أكبر قدر من فرص النجاح وينأى بها كل النأي عن
التوظيف في خدمة الطامحين في إعتلاء صهوة سلطة غيرها حذر أن يعود بها الأمر إلى مربع البدايات حين كانت مؤسساتها ، من صحفٍ و اذاعات و تلفزيونات ، مجرد أبواق يصرخ من خلالها الراعي في أذان الرعية. هنا استذكر شعار زملائنا في دار الصباح [لا يمين ولا يسار الصحافة للأحرار] الذي أراه ينزف بالوعي بحقيقة ما يجب أن تكون عليه هذه المهنة ، نزيف قلوبنا المتعطشة إلى أن نكون ، ما نستحق أن نكون عليه ، كشعب قبل صفتنا كصحفيين. فمن منا يرضى للحقيقة التي يحملها ويريد أن يوصلها للناس أن تكون لها هوية يمينية ضعيفة الحجة لدى اليساريين بل كاذبة على صدقها و إشاعة مغرضة في نظرهم رغم قوة أدلتها ، أو هوية يسارية مرفوضة من اليمينيين مكذبة ومصورة على أنها الحق الذي يراد به الباطل؟ و أي سلطة هذه التي نريد أن نتوج بها مهنتنا حين تكون شرعية في نظر قسمٍ من الشعب و فاقدة للشرعية في نظر البقية ؟ السلطة الرابعة أيها السادة لها فروضها و أطرها و لها ناسها و فنونها أيضاً فهي لا تقبل في بلاطها المؤدلج والمتحزب لانها تقوم بذاتها وتفقد صولجانها حين تتكؤ على غيرها! وأفشل الصحفيين في إعتلاء عرشها هم من لا يستطيعون التخلص من إنتماءاتهم أو ميولاتهم الحزبية اثناء تأديتهم لواجباتهم المهنية الصحفية فتراهم حين يميلون للأيديولوجيا أَو للهوى الحزبي أَو لانتهاز فرصةٍ وجني مصلحة ظرفية يسقطون تاج سلطتهم ويستسلمون لسلطة الجهة التي مالوا لها!!! أما الصحفي المتوج بتاج صاحبة الجلالة تراه يتحرك في خط مستقيم ثابت ، يسجل على هذا وذاك مواقفه وأفعاله وأقواله ، وينقلها نقل الشاهد إلى المتلقي دون أن يؤوّلها عليه أو يستثمرها لفائدته ، أو أن يقف بها منه موقف الضدّ أو يرتمي عبرها في أحضانه. و كلما عز على المغريات والهوى استمالته كلما ازدادت مصداقيته و اكتملت بازديادها سلطته وتعززت بها بين بقية السلطات سلطة صاحبة الجلالة. وعندها فقط يصبح الصحفي محل خشية صاحب التنفيذية و التشريعية و القضائية من حيث يكون عين الشاهد الصدوق لهذا الشعب عليهم جميعا . فما الحاجة لشبهة الإنتماء الإيديولوجي والحزبي طالما أن الصحافة سلطة أصيلة تستمد شرعيتها من الشعب مباشرة؟ و لماذا يتمسَّك بعض الزملاء بقبعاتِ الإيديولوجيا والأحزاب في الوقت الذي يفترض فيه أن لا مكان على رأس الصحفي إلا لتاج صاحبة الجلالة ، السلطة الرابعة؟
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 62108