فهمي هويدي : اللعب على المكشوف فى تونس

<img src=http://www.babnet.net/images/6/fahmyhowaidy.jpg width=100 align=left border=0>


فهمي هويدي
الشروق



اللعب فى تونس أصبح على المكشوف. طرف مجهول يقتل زعيما يساريا معارضا للإسلاميين ولحركة النهضة صاحبة الأغلبية فى المجلس التأسيسى، على الفور تسارع الأبواق الإعلامية والقوى المعارضة إلى اتهام الإسلاميين بقتل الرجل.



ويعبأ الشارع وتخرج المظاهرات منددة بحركة النهضة، ويلجأ البعض إلى إحراق بعض مقارها. ووسط الهيجان والتعبئة والتحريض يخرج وزير الداخلية الفرنسى مانويل فالز بتصريح ينتقد فيه ما أسماه «فاشية إسلامية تبرز فى كل مكان تقريبا»، ثم يضيف أنه «لايزال يعول على الاستحقاق الانتخابى حتى تفوز به القوى الديمقراطية والعلمانية التى تحمل قيم ثورة الياسمين». وبعد أن يطلق الرجل تصريحه من باريس يستدعى رئيس الحكومة التونسية وكذلك وزير الخارجية السفير الفرنسى وإبلاغه باحتجاج تونس على تدخل الوزير الفرنسى فى الشأن الداخلى التونسى.
هذه الخلفية تستدعى عدة ملاحظات هى:
•أن القوى المعارضة سارعت إلى اتهام حركة النهضة بعد ساعات قليلة من الحادث، وقبل أن تسفر التحريات والتحقيقات عن أية نتائج. كأن الاتهام كان جاهزا والقتل كان مطلوبا.
• أن وزير الداخلية الفرنسى أقحم نفسه فى الموضوع ونسب بدوره الجريمة إلى ما أسماه بالفاشية الإسلامية، ثم قال صراحة إن بلاده تعول على القوى الديمقراطية والعلمانية، التى ينتظر فوزها فى الانتخابات. علما بأن الخارجية الفرنسية أعلنت عن دعمها للرئيس السابق بن على فى بداية الثورة، ولم تكن تعنيها القوى الديمقراطية فى ذلك الوقت.
• أن بعض الأصوات الديمقراطية والعلمانية التونسية طالبت فرنسا بالتدخل فى تونس لإنقاذها من «الفاشية» المزعومة أسوة بتدخلها العسكرى فى مالى!
•أن الإعلام المصرى سار وراء خطاب المعارضة التونسية، فقامت أبواق المعارضة عندنا بما يلزم لاتهام حركة النهضة بالمسئولية عن القتل. ووجدنا أن كاتبا كبيرا تبنى ذلك الموقف ونقل فى عموده اليومى بالأهرام أمس نص عبارة زوجة الفقيد التى قالت فيها: حركة النهضة وبالذات زعيمها راشد الغنوشى بشخصه هم الذين اغتالوا زوجى. أما صحيفة «المصرى اليوم» فقد ذكرت فى عنوان أبرزته على خمسة أعمدة بصفحتها الأولى أن وزير الداخلية الفرنسى انتقد الفاشية الإسلامية فى مصر وتونس، علما بأن الرجل لم يذكر البلدين ولم يشر إلى مصر. صحيح أن تونس احتجت لأن حادث القتل وقع فيها، فضلا عن أن الوزير أشار إليها ضمنا حين تحدث عن ثورة الياسمين، لكن إقحام مصر لم يكن له ما يبرره خصوصا أن فرنسا تخوض معركة أخرى ضد المتطرفين المسلمين فى مالى. بالتالى فإن الزج باسم مصر كان يراد به استدعاء إسقاطات غير بريئة ومحاولة استثمار الحدث للتخويف والترويع من النظام القائم فيها.
•فى حين أن الموقف الفرنسى استبق وعمم الاتهام على الإسلاميين وحاكمهم بتهمة الفاشية، فإن صحيفة «الجارديان» البريطانية كانت أكثر انصافا ورصانة، حين استبعدت أى مسئولية لحركة النهضة فى الجريمة، وميزت بينها وبين غيرها من التيارات الإسلامية فى تونس، وهذه النقطة الأخيرة يكتنفها بعض الالتباس، وتحتاج إلى بعض الايضاح.
ذلك أنه يؤخذ على الحكومة التونسية أنها فتحت الأبواب واسعة للمشاركة فى العمل العام واكتساب الشرعية لمختلف التيارات السياسية. وقد استفاد السلفيون من ذلك لأنهم ظلوا محجوبين ــ هم وحركة النهضة ــ طيلة سنوات حكم بن على. فى حين كان للشيوعيين نشاطهم الشرعى، السلفيون انقسموا إلى فريقين فريق تبنى فكرة الدعوة وآخر انحاز إلى العنف. والأولون أتيح لهم أن يتحركوا فى العديد من الساحات، أما الآخرون فقد رفضت الحكومة ممارساتهم ولاتزال تلاحق من ارتكب منهم أية أفعال مخالفة للقانون. ووصل الأمر إلى حد الاشتباك معهم، حين حاولوا اقتحام السفارة الأمريكية مثلا، مما أدى إلى قتل خمسة من السلفيين، وحين حاولوا تهريب السلاح عبر الحدود وقع اشتباك مماثل قتل فيه اثنان منهم. وحتى الآن قتل من السلفيين 12 شخصا فى مواجهات مع الشرطة فى حين جرح عشرات.
فى اتصال هاتفى مع السيد راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة قال لى إن العلمانيين فى تونس يريدون من النهضة أن تحظر نشاط السلفيين وتضعهم جميعا فى السجون كما كان يفعل الرئيس السابق. لكن حكومة النهضة لا تحارب جماعات ولكنها تقف ضد كل من يخالف القانون من الأفراد أيا كانوا. وأضاف أن العلمانيين بذلك لا يريدون فقط قمع السلفيين ومصادرتهم، ولكنهم يريدون الإيقاع بينهم وبين النهضة لإضعاف موقف الحركة فى الانتخابات المقبلة.
إننا أمام مشهد يبعث على الحزن، ليس فقط لأن مناضلا تونسيا قتل غيلة وغدرا، ولكن لأن مختلف الأطراف فى تونس ومصر أرادت توظيف دم الرجل لتصفية حساباتها السياسية قبل أن يجف الدم وأن يعرف القاتل.




Comments


16 de 16 commentaires pour l'article 60433

Chokko  (Tunisia)  |Jeudi 14 Février 2013 à 15:26           
تخيلوا هذا السيناريو: حركة النهضة تعرف أنها ستخسر الانتخابات القادمة، الجبالي يتقدم للجميع كوطني غيور، يقترح حكومة التكنوقراط لإخراج البلاد من الأزمة وهو على يقين أن الناس عطشى للديمقراطية، و سيستقبله شعب في قمة السعادة بهذه المبادرة، لكن في نفس الوقت النهضة تعين رجالها في الولايات والمراكز الحساسة، و فجأة يستيقظ الشعب على فشل التكنوقراط و تتقدم النهضة من جديد كمنقذ، والشعب كالعادة في قمة السعادة



مبادرة الجبالي وتصادمه مع النهضة ليست الا مسرحية مكشوفة واخراج سياسي فاشل.. ورفض النهضة وقتي لتبين للراي العام انها ليست مسرحية ،لان حكومة الكفائات هي في صالح النهضة اولا وسوف تقبل بها وبعد مرور اشهر ينسى الشعب فشل حكومة النهضة وتعود لتنظيم صفوفها من جديد والتعبئة الشعبية وتنزل بكل قياديها في الحملات الانتخابية "





مع الأسف أفلحت النهضة و نجحت فعلا في مخططها الجهنمي فآنشغل الشعب بمسرحية الجبالي و تناسوا دم الشهيد شكري بلعيد، و باللهي فكوا علينا من هالمجلس و مضيعة الوقت اللي بكلنا نعرفوا اللي أغلبيتو نهضة و حلفائها.

Biladi2012  (Tunisia)  |Jeudi 14 Février 2013 à 13:46           
هو الصحافيين بالحق موش زياد الهاني الكاذب لملفق للتهم الجزاف وفاقد للنقد والإفادة

Kooping  (Slovakia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 21:11 | Par           
Mr houidi est un intellectuel a respecter.

Elwatane  (France)  |Mercredi 13 Février 2013 à 20:39           
Dans le monde arabe ,on a 3 ou 4 rédacteurs en chef et mer hwedi en fait parti ,cela va sans dire qu'ils ne sont pas tunisiens!

Kamelsaidi  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 16:52           
بالله الي ما يعرفش شكونو فهمي هويدي و مستانس يقرا للعلامة صالح الحاجة يسكر فمو ..؟

TITI2  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 14:19           
Zoulel @
أنى بو لبابة متاعك ! فرّق بين الغظ و السمين... هذا مفكّرعربي مرموق و ليس من الصحافة الحرباء.

Swigiill  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 14:00           
@ alhawa:
مداخلتك محلها و اشاطرك الرأى.

Scyf55  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:42           
اللعب بالمكشوف هو ما تقوم به النهضة من احباك مسرحية بطلها حمادي الجبالي وولكن ههات يا غنوشي

Amir1  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:33           
لا يختلف الأمر كثيرا عندما وجدت فتح حليفا موضوعيا إسرائيل، ضد حماس وكأن إبن الوطن أكثر هو العدو والمحتل هو الصديق. هذه ميزة عندنا نحن العرب...فقط

Zoulel  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:32           
Mr bouloubaba, vous avez des semblables dans le monde arabe....bonne continuation à tous les journalistes sincères.

AlHawa  (Germany)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:25 | Par           
@Swigiill: نعم قال تشك! و لم يقل ترمي بالأحكام هنا و هناك! و لم يقل أن تتقوقع لأنك تشك! و لم يقل أن ترفض و تعرقل من تشك فيه! لأن الشك يبقى شكا حتى يثبت و على الشاك أن يبحث عن الحقيقة بالوسائل المشروعة حتى يثبت شكه أو ينقضه!
الحاصل الآن في تونس الشك ينتاب جميع الفرقاء بعضهم من بعض و لا أحد يجرؤ أن يقفز فوق هذا الشك و يعمل مع الآخر حتى نتجاوز هذا الشك! و النظام السابق هو الذي سيعود بذلك و سيتشكل من جديد! و هو بمبادرة الجبالي في صدد ذلك! ننتظر بيان السابع من نوفمبر جديد يتلوه هذه المرة حمادي الجبالي! المنقذ كما تسوقه المعارضة و إعلامها و مجلس الحكماء

Averti22  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:14           
لقد فهم المفكر العربي فهمي هويدي اللعبة السياسية في تونس وما يحاك فيها من مؤامرات افضل بكثير مما يطرحه اعلامنا ومثقفونا

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:10           
تبا لمن خطط ونفذ جريمة الاغتيال لحسابات سياسية .قدموا شكري بلعيد قربانا لأهدافهم وبقي مكانه شاغرا ولا يمكن تعويضه .لقد كان بطل موقعنا ويدفع عنا الملل وكان حاضرا على مدار الساعة وقنصه لا يهدأ ولا يفتر من كل المتدخلين .رحم الله الفقيد ...

Swigiill  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:02           
رينيه ديكارت: اذا شئت ان تكون باحثا جاداً عن الحقيقة، فمن الضروري ولو لمرة واحدة في حياتك ان تشك في كل شئ ما استطعت.

Swigiill  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:01           
المشاكل الموجودة في العالم اليوم لا يمكن ان تحلها عقول خلقتها.

NuclearLotfi  (Tunisia)  |Mercredi 13 Février 2013 à 12:01           
Un grand journaliste...


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female