الترويكا بين السقوط السياسي والسقوط الأخلاقي

<img src=http://www.babnet.net/images/8/les3presidents3-presidents-.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

لا شكّ أنّه من الجور شيطنة بعض أطراف الترويكا لحساب أطراف أخرى ولا خلاف في أنّ التعثّر الذي يرشحه المناخ السائد إلى مستوى الفشل يتحمّل وزره المجسّم السّياسي بزواياه الثلاث، وحتى إن قدّم أحد الأطراف جملة من المبررات المقنعة وساق تباعا الشواهد التي تبرز صبره وحلمه، فإنّه وبحكم اختياره لنمط الشراكة يظلّ ضالعا في أيّة انتكاسة قد تصيب التجربة السّياسيّة التونسيّة الفتيّة، ولعلّ الإفراط في تنزيه بعض الأطراف يعد من الأساليب الهجينة التي يُستحسن من أصحابها الجنوح إلى التوازن والاعتراف بالدور السلبي وإن كان طفيفا محدود التأثير.





يمكننا تقسيم سقطات الترويكا إلى ثلاثة أقسام ، سقطات سياسيّة و أدبيّة وأخرى أخلاقيّة ، وبتفعيل النزاهة واستدعاء الحياد يمكن القول بأنّ حزب حركة النهضة كان أكثر الشركاء انغماسا في السقطات السّياسيّة ، ابتدءا من طرح فكرة أمدّ نفوذي على قدري كتلتي وما تعنيه من التمترس داخل وعائه الضخم في المجلس التأسيسي ومن ثمّ استعماله ككاسحة لتسهيل الاختراق وتمرير طروحاته في الوقت الذي كان عليه أن يتمترس داخل ثقافة الشراكة التوافقيّة التي تنزل على المطالب الملحّة لمرحلة دقيقة تتطلّب استنفار أقصى الجهود للحصول على حالة انسجام متينة وكفيلة بحمل التجربة إلى برّ الأمان، كما أنّ تغوّل الحركة بمحصولها النيابي وافتقار الأطراف الأخرى لمثل هذه الورقة جعل تلك الأطراف تفشل في التدافع والمغالبة السياسية بجسم غير متكافئ مع جسم النهضة ، الشئ الذي دفعها للانغماس في المحظور والجنوح الى استعمال أساليب أخرى لا تنتمي إلى جنس التجاذبات المشروعة والنظيفة.

السقطات الأدبيّة انطلقت مبكرا ولو بأشكال بسيطة لا توحي بأنها ممنهجة لكن سرعان ما اتخذت طابع المراكمة وقُنّنت وأصبحت تُنتهج بكثافة وفُرضت كعرف من الأعراف التي تستعمل لجني المكتسبات بين الأطراف الحاكمة، أهمّ هذه الاعراف وأكثرها شيوعا هو التلويح بالاستقالة واستعمالها كورقة ضغط ، هذا التلويح الذي زعزع الثقة بين المكوّن الثلاثي وأعطى إشارات بالغة السلبيّة للشعب انعكست على مؤسّسات الدولة ، كما أعطى للمعارضة مبرّرات إضافيّة لتصعيد هجماتها ومكّنها من منفذ خصب أحسنت استثماره في عمليات تشهير وتشويه واسعة ، وإذا كان انتقاد بعض تصرّفات وسياسات الشريك يندرج حتما ضمن حالة سياسيّة سليمة فإنّ ما اقدمت عليه رئاسة الجمهورية من وصم الشريك الرئيسي في الترويكا بالتنكب في جميع خياراته ووصف مجمل تجربته بالفشل لا يندرج ضمن السقطات السّياسيّة فحسب وإنما تعدّاه إلى تلك السقطات الأدبيّة المخلة.

لا يمكن بحال الإطناب في تلطيف العبارات أمام قضيّة ألفة الرياحي ويصعب استعمال توصيف ابلغ من مصطلح السقوط الأخلاقي، ولن نكون بحاجة إلى عملية بحث شاملة ودقيقة لنستخرج المعطيات والتفاصيل التي تعطي لهذا التصرف أبعاده البشعة ، ومن هناك إدراجه ضمن مربع الحرب القذرة، فالمؤشرات التي أعقبت اتهامات ألفة الرياحي إلى وزير الخارجيّة جميعها تدلّ على نيّة مبيّتة ، خاصّة طريقة اختيار الملفّ الذي تحركت به الجهات المشتركة في العمليّة وهو اختيار دقيق وثاقب لمعرفتهم بمكانة العفّة الماديّة والأخلاقيّة لدى الإسلاميّين، زيادة على التعقيب الجافّ للشريك الثاني في الترويكا وعدم إدانتة لاستهداف عرض مواطنة لا تنتمي إلى فصيلة الشخصيّات العموميّة التي يمكن تسليط الضوء عليها بشكل أو بآخر دون الولوغ في التلفيق ، ثم التجاهل المقصود من قبل رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية لواجب التنزيه الأخلاقي والمادي للوزير المستهدف ، بالمقابل تورط في مجاراة السّيدة ألفة واغدق على اتهاماتها بعض الدعم المعنوي وحاول تزكيتها ومنح تصرفاتها وسام الشرعيّة الإعلاميّة وشجع على إدراج ملفّ مشبوه يمسّ الأعراض ضمن صحافة الاستقصاء، كل هذه المؤشرات إذا تضامنت مع الاستماتة الغريبة التي تستهدف إقالة وزير الخارجيّة والتبريرات الجوفاء التي سوّغت هذا المطلب ، لن تقودنا إلا إلى عمليّة سياسيّة محظورة استعملت فيها أدوات لا أخلاقيّة من أجل أهداف سياسيّة حزبيّة ضيقة.

هل ستتمكّن الترويكا مدفوعة بمصلحة البلاد العليا من تجاوز السقطات السّياسيّة المتمثلة في تغوّل شريك على شركائه وهل ستتمكّن السقطات الأدبيّة التي استعمل فيها بعض الشركاء أساليب الابتزاز عن طريق التلويح الدوري بالاستقالات وفكّ الارتباك وإنهاء تجربة الترويكا ، ثم والأهمّ وربما الأصعب هو هل ستتمكن مختلف الأطراف من إدراج قنبلة ألفة الرياحي وشركائها في رفوف النسيان والتغاضي عن أحد أقذر أساليب الابتزاز ومن ثم الانطلاق نحو بعث شراكة سليمة خالية من الاستئثار والاستهتار؟




Comments


10 de 10 commentaires pour l'article 60045

Mouatinine  (Tunisia)  |Mercredi 6 Février 2013 à 10:45           
إخلاقيا أسقط عباد الله أما سياسيا فحدث ولا حرج

Jamelel2002  (Tunisia)  |Mercredi 6 Février 2013 à 09:23           
يا رئيس الحكومة اتوقع ايام سوداء على تونس من جراء حكومتكم و من جراء تحويركم الذي لن يولد و من جراء سياساتكم الاقصائية.ستنتحبون على هذا الوطن صدقني و ستندمون على سياساتكم التي انتهجتموها .انتم تتحملون مسؤولية اغتيال شكري بالعيد ليس لانكم انتم من اطلقتم النار عليه لكن لان سياساتكم هي التى اوصلت البلاد الى هذا المنعرج.

Tounsiassil  (Tunisia)  |Mercredi 6 Février 2013 à 09:14           
اسقط حكومة في التاريخ....افشل حكومة في التاريخ....اجبن حكومة في التاريخ

Jamelel2002  (Tunisia)  |Mercredi 6 Février 2013 à 09:08           
عاجل وفاة شكري بالعيد

SOS12  (Tunisia)  |Mercredi 6 Février 2013 à 05:03           
جـــــــــل عمليــــات الابتزاز والتحريــض والمؤامرات والقذارة والكذب

تقــودها الصحافة لمنع القــضاء من محاكمة ســامي الفهري ولاتـــــــزال

Manari  (Tunisia)  |Mardi 5 Février 2013 à 22:06           
جماعة النهضة من الجنوب الشرقي يحملون أحقادا و ضغائن ليس الا...هم يحملون اليوم قميص صالح بن يوسف ...و يريدون المحاسبة من سنة 1956 و لا يريدون العودة الى ما قبل ذلك...سنوات الجمر هي الثلاثينيات و الأربعينيات و خصوصا الخمسينيات عندما كان الغالبية الساحقة من ابائهم و أجدادهم قومية و مخازنية يتعقبون المناضلين الأحرار مثل مصباح الجربوع...

و هذا الشاعر صالح بن جامع التامزرطي يكشف حالهم...


في عام حزين *** في عقاب ثلاثه و خمسين
الفدائييييييييييين ***انباعوا شبحوهم بالعين
من قلال الدين *** اللي تخدم في ركاب الروم
جوهم في الحين *** قوم و مخزن تطاوين
ليه منعوتين *** جبل ميتر ظاهر معلوم

Manari  (Tunisia)  |Mardi 5 Février 2013 à 22:00           
في عام حزين *** في عقاب ثلاثه و خمسين
الفدائييييييييييين ***انباعوا شبحوهم بالعين
من قلال الدين *** اللي تخدم في ركاب الروم
جوهم في الحين *** قوم و مخزن تطاوين
ليه منعوتين *** جبل ميتر ظاهر معلوم

Gorgias  (United States)  |Mardi 5 Février 2013 à 21:52           
La fin tragique de cette alliance contre nature etait previsible des le depart connaissant la nature totalitaire opportuniste de l'un, le populisme de l'autre et l'immobilisme du dernier. il faut savoir quitter la table quand l'amour est desservi et laisser les technocrates gerer la fin de cette transition, afin de batir un etat de droit stable et respectant la citoyennete et liberte de ses citoyens.

Mandhouj  (France)  |Mardi 5 Février 2013 à 21:38           
Optimiste de nature, je pense que tout le monde sera seront à la hauteur des exigences de cette période, l'exigence politique, l’exigence que formule la construction des nouvelles institutions de la tunisie libre, l'exigence sécuritaire, l'exigence démocratique; ainsi on gagne le défit du développement et de la construction de notre nouvelle tunisie pour toutes et pour tous. nous n'avons pas fait une révolution pour rien. ben ali harab.
mandhouj tarek.

Langdevip  (France)  |Mardi 5 Février 2013 à 17:21           
? ????????????????
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female