لم يقدّم لنا الوطن شيئا و لم نقدّم للوطن شيئا

<img src=http://www.babnet.net/images/6/drapeau3.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم منجي باكير

سأقول اليوم أحاسيس ، و أصف إحباطات ، و أذكر حقائق هي موجّهة أساسا إلى الشريحة العمريّة التي جاوزت الأربعين سنة ، فقط لأنّه لن يفهمها إلاّ هم ...

هذا الوطن ، ولدنا فيه و ترعرعنا و كبرنا فيه ، أحببناه من كلّ قلوبنا و حيّينا علمه الكثير من المرّات و ردّدنا نشيده الوطني منذ كنّا لا نفقه معاني أبياته و لا زلنا نحفظ هذه الأبيات على ظهر قلب ، لكنّنا قلناه بقلوبنا قبل ألسنتنا لا كما يفعل السّياسيون في مهرجانات الخطابة و الإحتفال بالأعياد الوطنيّة ، تتلعثلم به شفائفهم و لا تعتقده قلوبهم و ذلك لأنّه طبعا يفضحهم ، و لأنّه يذكّرهم ب: لا عاش في تونس من خانها ،، وبعد قرون اكتشفنا أنّهم خونة و مرتزقة و ظلمة باعوا الوطن و اظطهدوا أهله بل سخّروهم لتكديس ثرواتهم ...



قلت كبرنا في هذا الوطن و لكنّنا لم نقدّم له شيئا غير الدّعاء ، نعم لم نقدّم له شيئا لأنّ حكّامه السّابقون كمّموا أفواهنا و كبّلوا أيدينا و صادروا أدمغتنا و قصّوا ألسنتنا و ضربوا علينا الحجْر و سفّهوا رأينا و تولّوا زمام أمورنا ، حتّى صرنا كالسّوائم التي ترعى الأرض و لا تملك لمصيرها شيئا ، كنّا نعيش على أرض الوطن بلا هويّة و لا انتماء ، كنّا نعيش بالإيجار ، ليس لنا الحق أن نفكّر لوطننا ، ليس لنا الحقّ أن نبدع لوطننا ، ليس لنا الحقّ أن نقرّر مصائرنا و لا مصير وطننا أمام عقليّة الرجل الأوحد و بإشرافه و بعنايته و بهْدي منه ،، و لولاه لما كنّا كما نحن ! ففرّ من فرّ منّا و بقينا هنا على الأرض صامدون برغم الحديد و النّار ، برغم البوليس الذي يحاصرنا ليل نها ر ، بقينا و تحمّلنا في الوطن أطواقا تطبق على أنفاسنا و تجرّدنا من إنسانيتنا من الحكّام و من أزلامهم بني جلدتنا ،،،
و كذلك لم يقدّم لنا الوطن شيئا و هذه بتلك ! لم يقدّم لنا الوطن غير الخوف و الجبن و الذلّة و الإستعطاف و العيش على منن الحاكم و الرضاء حتّى بما يؤلمنا ، كنّا نعيش مواطنين درجة ثانية أو حتى ثالثة ، في وطننا كانت الأولويّة للبلاط و أقاربه و أزلامه و كذلك الأولويّة للسّائح الأجنبي ( لأنّه يجلب العملة التي ينهبها البلاط و لا ينتفع بها الشعب ) ، كنّا نسمع عن ثروات الوطن لكنّنا لا نراها و لا نلمسها ، كنّا نتحرّك في المسموح لنا من رقعة الوطن و لا نتجرّأ على الإقتراب من أراضي الحفنة الحاكمة ، كنّا نعيش في الوطن و الوطن يبكينا (( خُفية )) خوفا من سياف الجلاّدين لأنّه لم يقدر أن يعطينا شيئا ...!

فجأة وقع الإستثناء ، حدثت الثورة ، ثورة صنعها الشعب بدمائه ، استبشرنا و تفاءلنا خيرا ، مرّت الأيّام و الأشهر لكنّنا لم نرَ ما صبوْنا إليه و لا ما تعلّقت به أمانينا ،،، طيلة هذه المدّة الفارطة دخلنا دائرة جديدة من التخبّط و الضياع .

صرنا نعيش الخوف ثانية و بأقوى وتيرة ،صرنا نعيش وسط الإضَرابات و الإضطرابات و قطع الطرق و ( البراكاجات)و تهريب أقواتنا و أدويتنا و خيراتنا إلى خارج الوطن ، أدخل لنا صعاليك الليل من وراء الحدود كثيرا من الموبقات و الممنوعات ، صار الوطن رهينة مجدّدا لكن في أيدي حفنة من سفهاء القوم و أزلام الأنظمة البائدة و دعاة التفسّخ و الإنسلاخ عن الهويّة و الدّين اغتصبوا وسائل الإعلام و صاروا يمطروننا بختلف تنظيراتهم العقيمة و اليتيمة ،،، حاصرنا غلاء المعيشة و كثرت مآسينا و حلّت بنا ضبابيّة المسار وسط ضعف حكومي واضح و عدم تحكّم بمجريات الأمور و تصارع و تجادل بين الأحزاب و الأفراد و كثير منهم من كان بالأمس يجلد الوطن و المواطنين و يتعاون مع الحاكم على سحقهم و تجهيلهم و امتصاص دمائهم ،،،ويستمرّ هكذا حالنا و حال الوطن ، لم يقدّم لنا الوطن شيئا و لم نقدّم للوطن شيئا

فهل يبقى في العمر بقيّة حتّى ننعم بوطننا و نحسّ بجمالية الإنتماء إليه و نستطيع أن نقدّم للوطن أشياء و يقدّم لنا الوطن أشياء !؟؟؟


Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 56647

Ghost  (Tunisia)  |Mercredi 14 Novembre 2012 à 11:23           
L'auteur a raison quand il a dit on a rien donné au pays a part les gréves

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mardi 13 Novembre 2012 à 19:51           
تونس أجمل وأروع عروس على المتوسط وينابيعها تتفجر بكل الخيرات الشافية وتتوزع عبر الكوكب بنكهات فريدة تدفع كل سكان القارات الخمس لأمنية الحج لربوعها والثورة حولتها لمحور العالم والبقية يدورون في فلكها وشعبها رغم بحثه عن توازنه فهو أروع الشعوب علم كل العالم كيف يطهر أرضه من أعتى الديكتاتوريات وأضحى التونسي مرفوع الهامة داخل وخارج وطنه .تونس أجمل الأوطان غاية في الروعة لا تضاهيها أي باقة ورد في العالم وستبقى مركزا على كوكبنا لأجيال وأجيال وكل كلام
غير هذا لا يعتد به وبكاتبه ...

Bourced  (Tunisia)  |Mardi 13 Novembre 2012 à 15:42           
اتفهم جيدا مشاعر الكاتب ومدى الاحباط والخيبات التي عرفها التونسيون والتي لايمكن ادراك حقيقتها الا لمن عاش المعاناة من قرب. ولكني لا اشاطره قوله وان تونس لم تمنحنا اي شئ واعتبر ان التعبير هنا غير دقيق باعتبار تونس كوطن للجميع لا يمكن مماهاتها مع الحكام لأن الذين ظلموا وأساؤوا هم من كانت مقاليد السلطة بايديهم وهم الذين منعوا التونسيين من حقوقهم اما الوطن الذي هو تونس فقد اعطانا كل شئ كالهوية والانتماء والجنسية والمواطنة.والمكانة والكرامة...كذلك
لا اوافق الكاتب قوله واننا لم نعط اي شئ لتونس وكأني به متشائم الى حد ما ويصدر عن نوع من سلبية الانسان بينما الاصل هو ان يشعر كل منا بكونه فاعلا ومنتجا للافكار والجهد ويتحمل مسؤولياته في البناء والتغيير الى الافضل.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female