<img src=http://www.babnet.net/images/7/zlabia.jpg width=100 align=left border=0>
بقلم الأستاذ أبولبابة سالم
لشهر رمضان المعظم خصوصياته في كل البلدان الإسلامية , ففي تونس تبدأ الإستعدادات داخل العائلات التونسية مبكرا , كما تنتعش الحياة الإقتصادية أما الحركة التجارية فتبدأ قبل هذا الشهر و اللهفة تبدو غير عادية على التزود بمختلف السلع و البضائع بل يصل الأمر ببعض العائلات الميسورة حد تغيير ديكور المنزل و الإنفاق إلى حد التبذير ,أما من لم يستطع إلى ذلك سبيلا فيتداين وهو ما يتناقض ومقاصد الشهر الفضيل. لكن أين تبدو الخصوصية التونسية في رمضان ؟
لشهر رمضان المعظم خصوصياته في كل البلدان الإسلامية , ففي تونس تبدأ الإستعدادات داخل العائلات التونسية مبكرا , كما تنتعش الحياة الإقتصادية أما الحركة التجارية فتبدأ قبل هذا الشهر و اللهفة تبدو غير عادية على التزود بمختلف السلع و البضائع بل يصل الأمر ببعض العائلات الميسورة حد تغيير ديكور المنزل و الإنفاق إلى حد التبذير ,أما من لم يستطع إلى ذلك سبيلا فيتداين وهو ما يتناقض ومقاصد الشهر الفضيل. لكن أين تبدو الخصوصية التونسية في رمضان ؟
إذا كان ما ذكرنا لا يقتصر على التونسيين بل يشمل جانبا مهما من الشعوب الإسلامية فإن لشهر رمضان في تونس مميزات عديدة فالتونسي يقدس هذا الشهر و يجله إجلالا خاصا باعتباره أحد أركان الإسلام و لكنه ليس الركن الوحيد فالصلاة مثلا وهي فريضة قد يتساهل البعض في آدائها رغم قيمتها فهي عماد الدين وهي التي قال عنها الرسول الكريم : بين الرجل و بين الشرك و الكفر ترك الصلاة . كما أنها أول ما يسأل عنها المسلم يوم القيامة كما جاء في حديث آخر , ولكن التونسي متهاون نسبيا في أدائها – المقصود بعض التونسيين – أما الصوم وهو عبادة كالصلاة فنجد حتى غير المصلي يحرص على القيام بهذه الفريضة و يستعد لها بل و يتحدى حتى قسوة الطبيعة و حر الصيف للتقرب من الله تعالى و نيل رضاه و نجد العديد من التونسيين ممن لا يلتزمون بفريضة الصلاة يحرصون على هذه العبادة خلال الشهر الفضيل بل و يتجاوزون الفريضة إلى النوافل فتجدهم في الصفوف الأولى في صلاة التراويح كما يحرص الكثيرين على ختم القرآن الكريم و يتنافسون في ذلك ذكورا و إناثا .
ولعل ذلك ينعكس على المزاج العام في الشارع فالصوم ليس مجرد علاقة روحية بين العبد و ربه بل هو يتجاوز ذلك ليشمل العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد و الصفات الروحية التي يتحلى بها كل فرد تنعكس على سلوكه الإجتماعي فتتحسن الأخلاق العامة و يقوى التضامن الإجتماعي حيث يقرب الصيام بين العبد و ربه بقدر ما يقرب بين الإنسان و أخيه الإنسان لذلك سماه النبي شهر المواساة . فما أسباب هذه الخصوصية التونسية لشهر رمضان ؟
يميل التونسي عادة إلى العبادات الجماعية التي يغلب عليها الطابع الإحتفالي أكثر من العبادات الفردية فالصيام في رمضان عبادة ذات مظهر إجتماعي لأن المسلمين يصومونه معا و ينعمون بعيده معا وهو فرصة سنوية تتجدد فيها الحياة الإجتماعية على مستوى العيش و تجديد نمط الحياة فتتغير مواعيد الأكل و الزيارات .... فالنهار للصوم و المغرب للإفطار الجماعي وهو ما قد لا نجده عند أغلب العائلات التونسية في سائر العام إلا في عيد الأضحى و الليل لصلاة التراويح ثم سهرات المقاهي أو السهرات العائلية إلى ساعة متأخرة .
ما نجده في تونس قد لا نلحظه في بلدان إسلامية أخرى ففي بعض دول الشرق العربي تقضي عديد العائلات وقت الإفطار في المطاعم و المنتزهات العامة و لا نقول أن ذلك خاص ببعض العائلات الميسورة و الثرية لأن مثلهم عندنا يحرصون على الإفطار في بيوتهم في رمضان على وجه الخصوص . كما نجد بعض المشارقة يحلون الفطر عند المغرب بما قل من الطعام و يستكملون إفطارهم بعد صلاة التراويح , أما في دول إسلامية أخرى فنجد التزامهم بالصلاة أكثر من التزامهم بالصيام وهو نقيض ما يحصل عندنا .
قد نجد لما ذكرنا تفسيرات عديدة فهناك من يقول أن ذلك متأصل في التونسيين منذ العهد الأغلبي ومنهم من يرجعه إلى طبيعة الثقافة التي حاولت دولة الإستقلال غرسها في الشعب التونسي بإفراغ شهر رمضان من محتواه الروحي و القيمي و اعتباره شهر الشهوات من الأكل و الملذات و لا ننسى دعوة الزعيم بورقيبة للإفطار لأن الصوم يضعف البدن و الإنتاج و تناسى أن أكبر إنتصارات المسلمين حصلت في رمضان من غزوة بدر إلى ملحمة العبور و إنتصار أكتوبر المجيد سنة 1973 , أما النظام البائد فحاول جعل رمضان كشهر للتسوق و المهرجانات لتكريس السلوك الإستهلاكي و الميوعة الفكرية و لا نظنه يدرك أن الصيام وقاية من الإستعباد و التحرر الشامل من هيمنة ما سوى الله تعالى وهو شهر قال عنه الرسول صلى الله عليه و سلم : .. شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة , وشهر المواساة , و شهر يزداد فيه رزق المؤمن .. .
كاتب و محلل سياسي
Comments
8 de 8 commentaires pour l'article 52728