هل نحتاج إلى رئيس بربطة العنق

لم نر المرزوقي بربطة العنق قبل الرئاسة و بعدها، و حين سئل عن ذلك، كان جوابه طريفا كطرافة السؤال فقال سأضع ربطة العنق إن وضعها راشد الغنوشي رفيق النضال، و شبيهه في الملبس.
كما تساءل الصحفيّ المصريّ فهمي هويدي عن سرّ ذلك الخيار لدى الرئيس المنتخب فوجد الإجابة من المقرّبين له فقالوا إن الرجل عاش في فرنسا نحو عقدين من الزمان سنوات الدكتوراه مع سنوات المنفى، لكنه ظل جنوبيا لم يتغير شيء في مظهره .
كما تساءل الصحفيّ المصريّ فهمي هويدي عن سرّ ذلك الخيار لدى الرئيس المنتخب فوجد الإجابة من المقرّبين له فقالوا إن الرجل عاش في فرنسا نحو عقدين من الزمان سنوات الدكتوراه مع سنوات المنفى، لكنه ظل جنوبيا لم يتغير شيء في مظهره .
و قال المرزوقي في حوار تلفزيونيّ إنّ ابنتيه لا تكفّان عن مطالبته بوضع ربطة العنق باعتباره رئيسا للجمهوريّة، يتوجّب عليه أن يكون بمظهر يليق بذلك المقام و تلك الوظيفة. و لكنّه - على ما يبدو- سيظلّ الرئيس الأقلّ أناقة بالمنطق الشعبيّ الذي يهتمّ أحيانا بالمظهر و المنظر قبل المسلك و التكوين العلميّ الأجدر بالحسبان والاهتمام.
جدل الأناقة مع المرزوقي بدأ مع عودته إلى تونس فانصبّ اهتمام الناس و المدوّنين على نظّاراته التي لم تعجبهم، فغيّرها أكثر من مرّة و لكنّها تحوّلت قبل الانتخابات إلى شعار لحملة حزبه الانتخابيّة، و يبدو أنّ رمزيّتها إلى المرزوقي مفكّرا و كاتبا قدّمته للناس باعتباره رجلا ذا مبادئ لا رجعة عنها لخّصها في عدائه للمال السياسيّ و المتاجرين به للوصول إلى الحكم. تلك النظّارات التي ترمز إلى مناضل سياسيّ مشاكس لنظام بن علي على مدى سنوات حكمه، أقنعت الناخبين فصوّتوا لحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة الذي جاء في المرتبة الثانية بعد حزب النهضة الإسلاميّ. فساهم ذلك الانتصار في تزكية المرزوقي لرئاسة الجمهوريّة. و تمّ انتخابه من طرف ثلثي أعضاء المجلس التأسيسيّ لنيل ذلك الشرف.
و عوض أن يضع المرزوقي ربطة العنق و هو يتقدّم لأداء القسم، فاجأنا بالبُرنُس التونسيّ الذي يرتديه أهل الجنوب في مدينة دوز بوّابة الصحراء، و هناك تقيم قبيلة المرازيق التي ينحدر منها أجداده، و هناك يُصنع ذلك اللباس الأصيل من وبر الجمال.

و على العموم، لا نرى الشعب التونسيّ في حاجة إلى رئيس آخر لا يعنيه من أمر الرئاسة إلاّ أناقتها الزائفة، و بهرجها الظاهر، تحتاج تونس اليوم إلى رئيس برباطة الجأش قبل ربْطة العنق. و جاء في لسان العرب عن الرجل رابِط الجأش أو ربِيط الجأش أنّه الرجل شديد القلب كأَنّه يربط نفسَه عن الفِرار يكُفّها بجُرْأَته وشَجاعته. و ربَطَ جأشُه رِباطةً: اشتدَّ قلبُه ووَثُقَ وحَزُمَ فلم يَفِرّ عند الرَّوْعِ. و الطريف في هذا الشرح عبارة الفرار التي تذكّرنا بهروب بن علي و هو الرئيس الذي لم يفلح إلاّ في الظهور بالمظاهر الأنيقة الزائفة، و لكن ما أبعد الأناقة و الجمال عن أفعاله و سياساته، حتّى جاشت نفسه حين أفاق يوما على خبر سيّء يزفّ إليه ثورة شعبه فغَثَتْ أَو دارَتْ لِلْغَّثَيان، كما يقول ابن منظور في لسان العرب و يضيف مفسّرا و جاشت نفْس الجبان و جأشت إِذا همَّت بالفرار.
و تلك مسالك الجبناء، التي نرجو أن لا تجد طريقها إلى حكّامنا الجدد من الرؤساء و الوزراء سواء ربطوا أعناقهم أم لم يربطوها فذاك شأنهم و هم أحرار في أمر أناقتهم، أما في أمر سياسة البلاد و مصالح العباد فلا أناقة و لا جمال إلاّ في رباطة جأشهم و شجاعتهم بدفاعهم عن مصالح الناس و عملهم الدؤوب لإصلاح ما دمّره الفاسدون السابقون.
عبد الرزاق قيراط
كاتب تونسي
Comments
28 de 28 commentaires pour l'article 42895