امرأة ومواطن ومسؤول... وقصة الربيع البارد

<img src=http://www.babnet.net/images/6/drapeau9.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم رويدا مروّه* - أين برّ الأمان في سفينة الثورات والاحتجاجات الشعبية والمسيرات الشبابية والاعتصامات الوطنية التي يسير وراءها وفيها العالم العربي اليوم؟... وما هي حدود صمود الثورات العربية في رفع شعارات التغيير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والحزبي وصولا الى تغيير رأس النظام وشكله في بعض الدول العربية؟... وأيّ واقع للمرأة العربية، العنصر الذي طالما وصف نفسه بالمظلوم و المقهور في أنظمة عربية ذكورية الهوّية والسيطرة قبل أن تكون ذكورية الحكم؟...وأين سقف التوقعات من حدوث تغيّر او تطوّر او تحسّن في الواقع المعيشي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتنموي للمرأة العربية التي شاركت بجسدها وعقلها في التخطيط للربيع القائم وساندته بكل الطرق الممكنة، فقدّمت روحها وكيانها اولا لتكون في شوارع التغيير وساحاته وقدّمت زوجها وخطيبها ووالدها واخيها وخالها وعمّها وزميلها ليكون في صفوف الثوّار والثائرين...دون خوف ودون ترّدد؟!...

مشكلة المجتمعات العربية منذ ما قبل سقوط الأنظمة التي تهاوت وتتهاوى حاليا هي أنّها مجتمعات تسير بمعايير متناقضة وبمفاهيم متقلّبة و بمخزون كبير من الصور النمطية حول دور المرأة في الشأن العام وادارة الحكم وتولّي الأدوار القيادية... ولكن تجدر الاشارة هنا الى أنّ مناقشة دور المرأة ومساهماتها في نهضة الدول العربية وتنوير شعوبها لا سيّما في مرحلة ما يسّمى بالربيع العربي او النهضة العربية او الصحوة العربية لا يمكن النظر اليه أوتحليله دون العودة الى قاعدة الهرم في ما يخصّ النظرة المجتمعية للمرأة ككيان قائم بذاته بعيدا عن دورها كأم وأخت وموظفة وابنة وغيرها من الأدوار الحياتية التي تلعبها المرأة... فدائما علينا ان ننظر الى قاعدة الهرم بنفس الأهمية التي نعطيها لرأس الهرم...





فاذا كان النظام الاجتماعي في العالم العربي والأحزاب السياسية من خلال برامجها الانتخابية والاعلام العربي من خلال كيفية مقاربته لقضايا المرأة، يهمّش المرأة ودورها في خلفيته الذهنية والفكرية والثقافية والدينية فلا يمكن ان نتوقع من رأس الهرم أي نظام الحكم والقادة السياسيون ان يعطوا اهتماما أكبر للمرأة لأنهم لا يشعرون بضغط كبير يمارس عليهم لمنح المرأة مزيدا من الحرية المسؤولة والعدالة الاجتماعية ... وبالتالي فانّنا لا يمكن ان نتوقع الكثير من الانظمة الجديدة في مراحل ما بعد الربيع العربي كحال الانظمة القديمة تجاه مسألة إشراك المرأة في مستقبل الدول العربية لانّه وببساطة ليس هناك تصور فكري ديني متجدّد واقعي ومنتشر حول صورة المرأة ومكانتها في المجتمع... ولعلّ التركيز هنا على النظرة الدينية كون المجتمع العربي أثبت في اغلب توجهاته السياسية اليوم في انتخابات ما بعد الربيع العربي ان الدين يسيطر على توجهاته ولا زالت خياراتنا الاجتماعية تتأثر بسلّة كبيرة تحوي حصيلة الموروث الثقافي والتاريخي والاجتماعي المنقول لنا اصلا عن طريق الدين...

علينا ان نغيّر أولا عقلية ذلك الرجل البسيط الجالس في منزله تجاه المرأة الأم والاخت والابنة والزميلة والزوجة قبل ان نتوقع تغييرا جذريا في دور المرأة في تغيير المجتمع ككل... لأن المرأة على الصعيد الفردي والخبراتي وفي حياتها اليومية اذا لم تكن مرتاحة وومنسجمة مع محيطها ومنمدجة فيه، فلن نتوقع منها الكثير في مايخصّ القيادة والعمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي... فللمرأة تركيبية بيولوجية - سيكولوجية تجعل حياتها اليومية وظروفها الشخصية تؤثر على عملها في الشأن العام وهذا ليس نقطة ضعف بل هو نقطة ارتكاز يجب الاهتمام بها منّا جميعا كافراد وجماعات وحكومات ومؤسسات أهلية للنهوض بواقع المرأة...

اليوم هناك تخوّف على مكتسبات المرأة التونسية بعد نتائج الانتخابات الأخيرة وفي المغرب كان هناك نقاشات حادة حول لوائح النساء والشباب في أوّل انتخابات برلمانية حصلت بعد الدستور الجديد للبلاد وفي لبنان تصارع المرأة لتعديل قوانين تحميها من العنف الأسري واشكال العنف الاخرى في اماكن العمل والضمان الاجتماعي ومنح الجنسية للأبناء وغيرها من اشكال انتهاكات حقوقها... وفي سوريا تعاني المرأة من القمع السياسي وحالات الخطف والاختفاء لدى نزلها الى الشارع للنضال وفي اليمن يتّم تشويه صورتها كانثى اذا تعارضت مواقفها مع مصالح النظام وفي مصر تتخبط النساء في خياراتهم بين التيارات الليبرالية والاسلامية ... وفي الخليج فحدّث ولا حرج حول قمع النساء اجتماعيا وتقييد حرياتهم ومشاركاتهم في الحياة العامة والسياسية... ولكن كي لا يقال اننا ندعو الى سلبية المرأة في تعاطيها مع دورها في المجتمع فاننا على العكس تماما ندعو المرأة الى انتزاع حقوقها بنفسها ونضالها لاجل حقوقها في الشارع وفي المحافل الدولية والضغط بكافة السبل لا سيّما من خلال صوتها في الانتخابات لاجبار القيادة على منحها حقوقها وافساح المجال امامها للمشاركة...




لا يبدو مستقبل التغيير العربي القائم، واسميه تغيير كي لا اضيع في متاهة ان كان ربيعا او خريفا او نهضة او صحوة، غامضا لعدة اسباب... اولا لان الاحزاب السياسية الموجودة حاليا والتي هي في الواجهة لتسلّم السلطة في هذه المراحل ليست ناضجة ومتمرّسة بالعمل السياسي بفضل القمع الذي كان يمارس على كل ناشط سياسي في عهد الأنظمة السابقة... اضافة الى ان العمل السياسي في عالمنا العربي لا يزال قائما على القائد الشخص وليس الحزب الجماعة او المبدأ الجماعي وبالتالي فانّ مصير المراحل المقبلة مرتبط اكثر بقرارات ورؤيا وتصورات وخطط لاشخاص وافراد في قلب الواجهة السياسية... ومن ثمّ فانّ فكرة ان الاعلام الالكتروني والاجتماعي قادر ان يرصد اي تحرك او حركة او تصريح ضد نظام او سياسة حكومية معينة ويظهرها على انّها حالة جماعية في المجتمع له وجهان واحد سلبي والآخر ايجابي... الايجابي هو انه يرصد كل حراك مجتمعي ويسلّط الضوء عليه ولكن السلبي فيه انّه يظهر هذا الحراك على انه حالة جماعية وهذا ليس حقيقي في كثير من الاحيان... فليس لان هناك ثورة في البحرين واليمن ومصر وتونس وليبيا يجب ان يكون هناك ثورة في المغرب او لبنان او الكويت مثلا... لان شكل النظام في كل بلد يختلف ولان شكل النضال بالتالي يجب ان يختلف ايضا لتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية... ولان نقاط ضعف اي نظام تختلف ولان اسباب الفساد في كل نظام تختلف بين دولة واخرى لذا ليس علينا القيام بعمليات النسخ واللصق لكل الثورات في كل البلدان العربية... فحراك الشارع له نقاط ايجابية كثيرة ولكنه ليس النضال الوحيد وليس النضال الاخير فيجب ان يكون هناك اشكال اخرى للنضال كما ان نضال الشارع يجب ان يتم استكماله باشكال نضال اخرى لان التغيير وبناء مجتمعات حديثة ديمقراطية يحتاج الى مزيد من التحضيرات والتوعية والتخطيط... واذا بقينا نصرخ ونرفع شعارات دون تقديم مشاريع بديلة وسياسات جديدة وبرامج انتخابية واقعية فلست شخصيا متفائلة بالتغيير الايجابي في العالم العربي... ليس المهم ان تغيّر في النظام بل الاهم ان تمتلك شعبا وجماهير وراي عام واع قادر على ممارسة التغيير بافضل السبل...

لم يعد مقبولا اليوم ان يقف اي ناشط شبابي او صحافي شاب او ناشط سياسي مكتوف اليدين امام موجات التغيير التي نعرفها في عالمنا العربي... وليس مقبولا ان يبقى نضالنا في غرف المؤتمرات والاجتماعات والمنتديات بل المطلوب النزول الى الشارع والجلوس مع الناس لمعرفة حاجاتهم واحلامهم وتصوراتهم للمستقبل وليس ان نحكم نحن كنخبة ثقافية على احلام الناس ونضع تصوراتنا الخاصة حول احلامهم... فالنخبة لا يمكن لها ان تقرر باسم الناس والراي العام بل عليها ان تنزل للشارع وتعيش مع الناس وتفهمهم ومن ثمّ قد تتكلم باسمهم ولكن بحدود معينة...

ويبقى خلاصة القول أنّ المواطن العربي اليوم ليس مطالبا فقط بالنزول الى الشارع لرفع شعار التغيير الذي يمثلّه كما انه ليس مطالبا بالنزول فقط الى اقلام الاقتراع لاختيار الحزب الذي يمثل قناعاته او الأقرب الى قناعاته بل هو محتاج الى ان يتعلّم آليات ممارسة محاسبة المسؤول سواء كان هذا المسؤول عضوا في حكومة مختارة او برلمانا منتخبا او حتى كان قيادي حزبي!!!... ومحاسبة المواطن للمسؤول حديث طويل آخر ضروري... كي لا تتحوّل قضايا المواطن العربي الى ربيع بارد لا يعرف اعتدال المناخ السياسي وكي لا نسير نحو التطرّف المناخي في الحقوق والواجبات في الاشهر والسنوات القادمة...






* رويدا مروّه ناشطة وصحافية لبنانية




Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 42259

FEMINISTE  (Tunisia)  |Dimanche 11 Decembre 2011 à 18:19           
On parle du printemp et on voit erriver les hommes des cavernes qui ne dormaient pas comme la legende mais qui guettaient comme des felins qui attendent une proie l egalite ce n est pas pour nous tant qu il ya ces espris qui ont herite la domination de la femme au nom de la religion et qui s y acrochent parcque ca les devalorise et
leurs fait perdre le pouvoir irreel c est un manque de confiance en eux meme

Mustno3  (Germany)  |Vendredi 9 Decembre 2011 à 10:13           
You seem to imply that women are the cause behind the progress of countries in general. following your logic i would assume that this has been the case in europe for example. could someone explain to me how did women make europe what it is now. everybody knows that women got their rights in europe only in the beginning of the 20th century. so how did the women create the industrial or the scientific revolution which started even before that.
compare the number of male thinkers, eg voltaire, lock etc and the number of female ones that would have contributed in the creation of democracy and progress in europe. i guess your comparison will fail.

so i wonder why many feminists try to paint the role of women in the society as the one without which there can be no success. my answer is that europe is what it is now mainly because of men; women's rights are only a result of that men-made-progress.

now i am not saying that women have no role, but i am just trying to expose some of the feminists' dogma , basically to bring the author back to planet earth from her journey into the "ideals of a female only world".

women have a big role but not in the way that the author is trying to paint it. basically what i want to say in short is : european women did not need the rights that they have now or that feminists are calling for today in order for them to contribute in the building of their countries. that's just a historical fact!!

for the sake of intellectual honesty, we should not make women's rights the center of the universe. of course there should be codified women's rights, but we should not go to the other extreme of eclipsing the men's part in the society.

Neutre  (Tunisia)  |Vendredi 9 Decembre 2011 à 08:54           
Trés bonne analyse rouaida bravo.
les jeunes et les femmes sont les grands perdant de ces soit disant printemps arabes !!
une nouvelle dictature au nom de l'islam est entrain de s'installer dans nos pays, depuis le 11 septembre le monde a changé et le monde arabe est entrain d'aller du pire au pire. rabbi yoster


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female