وعدها بالذهاب إلى الحج فانتهى بها المطاف إلى دار المسنين

<img src=http://www.babnet.net/images/5/mousenna.jpg width=100 align=left border=0>


عمل بكل الطرق على إقناعها بأن توافق على بيع بيت العائلة وأن تتخلى عن موقفها الرافض بشدة لفكرة البيع... هو في حاجة أكيدة إلى مبلغ مالي كبير للانطلاق في إنجاز مشروع العمر الذي كان يحلم به دائما... وليس له من حل إلا بيع منزل العائلة ...كان يقول لها دائما وافقي على فكرتي وسترين كم سأسعدك... سأحقق لك كل رغباتك وأحلامك وخاصة الذهاب إلى البقاع المقدسة... ربما هذه هي نقطة ضعفها... كلما تسمع عبارة البقاع المقدسة وتسمع الحديث عن الحج تضعف وتشعر بشوق كبير إلى تلك البقاع... وهو يعرف هذا الأمر ولذلك في كل مرة يختم حديثة بالحديث عن الحج... وفي كل مرة يزداد شوقها لزيارة تلك البقاع... هو لم ييأس من إقناعها وواصل ممارسة ضغوطه عليها بكل الأشكال وهي بدأت تلين يوما بعد يوم وبدأ صمودها يضعف شيئا فشيئا... إلى أن أخبرته ذات يوم أنها قبلت بفكرة بيع بيت العائلة مادام هذا الأمر يرضيه وحتى يحقق أحلامه المتوقفة على هذا الأمر، ولكن على شرط أن يخصص لها مبلغا ماليا يؤمن لها الذهاب إلى الحج يوم يسهل ربي ...
لم يصدق ما سمع من والدته وظل يسألها هل فعلا وافقت على بيع المنزل... ارتمى يقبلها بكل لهفة وفرح وسرور قائلا لها: سأسعدك يا أفضل أم في الدنيا...!! ، بينما هي كان يتنازعها شعوران: شعور بالحزن لأنها ستفارق بيتها وشعور بالسعادة لأنها أفرحت ابنها بما قررته...
بـِــيع المنزل وغادرته بكل أسى ولوعة ويوم ودعته أخذت تنظر إلى كل أجزائه، وكيف لا وكل ركن من أركان تلك الدار يختزل ذكريات عديدة لا تنسى عاشتها هناك بكل جوارحها... ذرفت الدموع وشعرت وكأنها سُلبت روحها، وكأنها تركت قطعة منها هناك... أحست بالندم إزاء ما قامت به ولكن سعادة ابنها فوق كل اعتبار، فوق كل أسى وحزن ولوعة.... وعدها

انتهى بها المقام في بيت تسوّغه لها ابنها الذي سافر إلى مدينة أخرى حيث سيقيم مشروعه الحلم... سافر وترك امرأة مسنة وحيدة تجتر ذكرياتها في بيتها الذي لم يعد بيتها... يزورها بعض الأقارب والجيران ليطمئنوا على حالها... كان ابنها يزورها في نهاية كل أسبوع وكان في كل زيارة يطمئنها على أمرين اثنين: أنها ستسافر معه إلى مقر سكناه الجديد يوم تتحسن ظروف العمل وينجح مشروعه وأنه سيعمل على إرسالها إلى البقاع المقدسة محققا لها حلم حياتها...



أخذت زياراته لأمه تتناقص شيئا فشيئا حتى صار كل شهر تقريبا ثم كل شهرين أو ثلاثة، وفي الأثناء نسي أمر اصطحابها إلى حيث يقيم ثم نسي حلم حياتها وهو الذهاب إلى الحج يوم تحقق حلمه ونجح مشروعه بشكل غير مسبوق وغير منتظر، ثم تجرأ ونسي مرة واحدة أن له أمــّــا في انتظاره ونسي أن يدفع معلوم كراء المنزل الذي تقيم فيه امرأة مسنة مريضة في حاجة إلى كل شيء: إلى الرعاية والعناية والدفء العائلي... وبعد أن طال غيابه ولم يسدد معلوم الكراء لعدة أشهر اضطر مالك البيت الذي تقيم فيه هذه المرأة المسكينة إلى أن طلب منها أن تغادره في أقرب وقت ممكن...
اتصل بعض الأقارب بالابن الغائب وأخبروه بما ينتظر والدته، فتجاهل الأمر وكأنه لا يعنيه وكأن المرأة المتحدث عنها ليست والدته التي فرطت في منزل العائلة من أجله...
وجدت الأم نفسها في النهاية تنزل ضيفة على هذه العائلة أو تلك من الأقارب والجيران، وكانت دائما تبحث عن الأعذار لما فعله بها ابنها الوحيد، كانت تردد في كل مرة: لعله مشغول بإنجاح مشروعه.... لن ينساني... أنا أعرف أنه لن ينساني... إنه ابني... سيأتي يوما وسيأخذني معه حيث يقيم... وسيرسلني إلى الحج كما وعدني ولن يخلف وعده لي أبدا... وإني أدعو له الله عز وجل أن يوفقه في مشروعه وأن ينجح في أعماله... ثم تذرف دموعا في صمت رهيب وتأخذ تحدق في الفراغ كأنها ترى ابنها أو كأنها تريد أن تستحضره...
مرت سنوات ولم يأت الابن المنشغل على الدوام بإدارة مشروعه الناجح وبأسفاره الدائمة من باريس إلى برلين إلى مدريد إلى روما وبتلبية رغبات زوجته التي لا تنتهي أبدا وبالاعتناء بابنيه وتوفير كل متطلبات النجاح لهما في دراستهما، أما الأم فاستفحل بها المرض ولم يعد الأقارب والجيران قادرين على الاعتناء بها فانتهى بها المطاف إلى الإقامة بدار المسنين حيث وجدت كل ما تحتاجه من رعاية صحية ونفسية... هذه الدار هي عنوان للتضامن والأخذ بأيدي فاقدي السند، ولكنها أيضا تفضح عقوق أولئك الذين أهملوا آباءهم وأمهاتهم وتركوهم فريسة للضياع والعجز، فهل تحلو لهم حياة وآباؤهم وأمهاتهم يقيمون بعيدين عنهم يتمنون منهم نظرة واحدة ولمسة واحدة ويصبح أملهم الوحيد أن يروا أبناءهم وبناتهم واقفين أمامهم ليحتضنوهم فقط بنظراتهم ثم يسلمون الروح في رضى واطمئنان...؟؟؟؟؟؟
تعكرت حالة الأم الصحية ولكنها مازالت واعية بما يدور حولها... كانت تقول: أخبروا ابني أني مريضة جدا وأريد أن أراه قبل أن أموت، أخبروه وسيأتي دون شك، سيأتي مسرعا ليراني، ليطمئن عليّ ولأشبع عيني وأملأهما برؤيته.... أراه ثم أموت... لا ...نظرة واحدة إليه تكفي وبعدها أموت مرتاحة البال... أخبروه أني تخليت عن فكرة مرافقته إلى حيث يقيم وأني تنازلت له بكل محبة ورضى عن الذهاب إلى الحج ليذهب هو... ما الفرق؟؟ أنا أو هو... المهم أن يأتي وأراه، وإن مت لا يحملني غيره... إنه ابني... أسلمت الأم الروح ولكن ابنها لم يأت إلى حد كتابة هذه الأسطر....

مشاكـــــــــــس




Comments


12 de 12 commentaires pour l'article 31677

AMEL  (Tunisia)  |Lundi 3 Janvier 2011 à 21:24           
Ya latiiiiiiiiiiiiiiiiiifpour le fils.je me demande comment il peut fermer l oeil et dormir .

Wa7da minness  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 14:23           
قصة خيالية احداثها واقعية تحدث في كثير من الحالات شخصياتها تتغير و مكانها أيضا لكن تبقى إلنهاية واحدة:" ينتهي المطاف بها في دار المسنين"

BIBA  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 12:25           
Pour nizar,
la pauvre est décédée.....:(

Moez  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 11:08           
هذه القصة حقيقية ام خيالية

Adachrm  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 10:47           
لا حول ولا قوة إلا بالله
الله يهدي الجميع, أما كل واحد يحاول يبحث عن الأسباب إلي توصل للعقوق ولدار المسنين
علاش الأبناء ماعندهومش حنانة على والديهم
موش زعمة على خاطر ما تربوش على مفهوم حب الوالدين وبرهم هو من طاعة الله, إسأل ولدك علاش تحب أمك وبوك لوكان قالك على خاطر تصرف عليه وإلا على خاطر حاجة مادية أعرف أنو ثمة مشكل في المفاهيم على خاطر وقت الوالدين ماعادش ينفعوه ماديا باش يلوحهم.
شوفو الأبناء المتربين على الدلال وكل ما يحتاجوه يلقوه إلا الدفئ الأسري الأم في العمل مع الأب وهو ما عرف في حياتو كان الحضانة والروضة منين باش تجيه العاطفة على والديه.
في الختام برو آبائكم تبركم أبنائكم

Nizar  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 10:45           
Si c'est possible je veux savoir l'adresse de cette femme et son prénom.

BIBA  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 10:14           
Wallah taswiretha bakketni ,ama flous w ama projet 9oddem da3wa min da3wet ommou ,5dhé flousha mouch bech ya3mil projet w yechri nje7,hedha chré 3dheb eddenya wel e5ra bel flous

BIBA  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 10:10           
7asbi allah w ni3ma alwakil fihom lawled illi kif hakka ,houa ghodwa yekbir w awledou ya3mloulou kif ma3mel lommou ,ommouka thoumma ommouka thoumma ommouka ,hakka 9al rassoul allah (saaws)3dhebou fi denya kbir w fi elekhra kbir ,rabbi yar7amha ,

اسماعيل  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 09:45           
ويا ويلك يا عايق والديك
ويا ويلك ويا ويلك ويا ويلك يا عايق أمك
أقسم بالله اقسم بالله لا تربح لا دنيا ولا آخرة
الذنب الوحيد الذي لا يؤخره الله الى يوم القيامة ويحاسَبُ عليه العبد في الدنيا قبل الآخرة هو عقوق الوالدين
والله يؤسفني حال امثال هؤلاء الناس الذين اشترو شقاء الدنيا وضنك الآخرة بكا ما يملكون
اما هته الأم فان شاء الله في جنات النعيم عند رب رحيم لها فيها ما تشاء الى يوم الدين

Chakib  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 09:34           
ناس بكري قالوا : اعمل يا خصيب اتصيب, كان ما اطلع في الزبدة يطلع في الحليب" اذا سوف ياتيه يوم ويعاملونه كما عامل هذه الام المسكينة.
هذه الشريحة بداة تكثر في ايامنا و عقوق الوالدين اصبح موضة
لا حول ولا قوة الا بالله

Tatouna  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 09:23           
La pauvre, ça fait peur de vieillir seul, sa faute c'est d'avoir trop aimer son egouiste fils et n'avoir pas penser à elle mais malheureusement c'est le cas d'une grande pourcentage de mére, c'est pour ces choses là qu'une femme doit travaillé pour avoir une retraite parceque malgré une bonne éducation on ne peut rien prévoir dans l'avenir rabii wahfadna

Ammar  (Tunisia)  |Vendredi 31 Decembre 2010 à 08:37           
Bon article, merci!


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female