من صميم الواقع : من مساوئ تعنت الآباء و الأمهات و تدخلهم في شؤون أبنائهم و بناتهم المتزوجين

و أنا أقرأ و أسمع عن تعنت المرأة و كيف أن كثيرا من الزوجات يصررن على الطلاق و على حرمان أزواجهن من رؤية أبنائهم و بناتهم تذكرت قصة زميل لي عاش نفس الوضعية تقريبا ، و لكن التعنت كان هذه المرة من والدي الزوجة اللذين أصرا على أن تحصل ابنتهما على الطلاق و على أن يحرما زميلي من رؤية ابنه الذي لم يبلغ من العمر سوى أشهر قليلة ، فكان الالتجاء إلى المحكمة ، و كان رفض الصلح خاصة من قبل الوالدين في كل مرة .... زميلي لم ييأس و جرب كل الطرق حتى تعود إليه زوجته و ابنه الصغير لأنه يعلم أن زوجته مازالت متعلقة به... حــُددت جلسة أخيرة لإصدار حكم الطلاق بعد أشهر قليلة ... اقترح عليّ زميلي أن أساعده بأن أكتب له رسالة يبعثها بطريقته الخاصة إلى زوجته لعلها تغير رأيها ... قدم لي بعض المعطيات ، و كتبت له الرسالة التالية كما ننشرها الآن و أرسل بها إلى زوجته:
[ زوجتي العزيزة ،
في البداية لا بد أن أوضح لك أن حالي سيئة للغاية و أنا أعيش في مثل هذه الوضعية التي لم تخطر على بالي أبدا ، لم أكن أتصور بالمرة ـ و أنا الذي أحببتك و عشقتك إلى ما لا نهاية له ـ أن يحدث لي معك ما حدث بعد سنة من الزواج و بعد إنجاب ابننا بأربعين يوما، لتعلمي عزيزتي أني أكابد يوميا الأسى و الحزن و الألم و الأوجاع المختلفة و لم يعد يحلو لي أي شيء في هذه الحياة التي قست عليّ كما لم تقسُ على أحد و اشتدت مرارتها عليّ كما لم تشتد على أحد أبدا ، كل ذلك أعانيه و أكابده على الرغم من أني أبدو عاديا جدا و أتصرف بطريقة و كأن لا مشكل لي و كأن لا معاناة حولت حياتي جحيما لا يطاق ، إني أكاد أحترق من الداخل ، إني أكاد أتفتت ، إن الأحزان تعصرني و تذيبني ، فهل من السهل أن يحتمل الإنسان ـ أي إنسان ـ ما أحتمله الآن ؟؟!! و لا شك أنك بدورك تشعرين بالألم و الحزن و الشقاء بعد أن عدت إلى بيت والديك تريدين الانفصال عني و كأن روحي هي التي تنفصل عني ، لا شك أن الدنيا ـ كل الدنيا ـ تضيق بك بعد أن منيت نفسك أن تعيشي مع زوجك حياة كلها سعادة و فرح و غبطة و آمال و أحلام رائعة ، ثقي أني أشعر بك و بما تقاسينه في هذه الوضعية المؤلمة التي نعيشها معا و التي تــُـبكي الحجر ، في هذه الوضعية التي لم نخترها و إن كنا نحن سببا فيه ....
[ زوجتي العزيزة ،
في البداية لا بد أن أوضح لك أن حالي سيئة للغاية و أنا أعيش في مثل هذه الوضعية التي لم تخطر على بالي أبدا ، لم أكن أتصور بالمرة ـ و أنا الذي أحببتك و عشقتك إلى ما لا نهاية له ـ أن يحدث لي معك ما حدث بعد سنة من الزواج و بعد إنجاب ابننا بأربعين يوما، لتعلمي عزيزتي أني أكابد يوميا الأسى و الحزن و الألم و الأوجاع المختلفة و لم يعد يحلو لي أي شيء في هذه الحياة التي قست عليّ كما لم تقسُ على أحد و اشتدت مرارتها عليّ كما لم تشتد على أحد أبدا ، كل ذلك أعانيه و أكابده على الرغم من أني أبدو عاديا جدا و أتصرف بطريقة و كأن لا مشكل لي و كأن لا معاناة حولت حياتي جحيما لا يطاق ، إني أكاد أحترق من الداخل ، إني أكاد أتفتت ، إن الأحزان تعصرني و تذيبني ، فهل من السهل أن يحتمل الإنسان ـ أي إنسان ـ ما أحتمله الآن ؟؟!! و لا شك أنك بدورك تشعرين بالألم و الحزن و الشقاء بعد أن عدت إلى بيت والديك تريدين الانفصال عني و كأن روحي هي التي تنفصل عني ، لا شك أن الدنيا ـ كل الدنيا ـ تضيق بك بعد أن منيت نفسك أن تعيشي مع زوجك حياة كلها سعادة و فرح و غبطة و آمال و أحلام رائعة ، ثقي أني أشعر بك و بما تقاسينه في هذه الوضعية المؤلمة التي نعيشها معا و التي تــُـبكي الحجر ، في هذه الوضعية التي لم نخترها و إن كنا نحن سببا فيه ....
زوجتي العزيزة ،
إني لم أندم في حياتي على تصرف قمت به كما ندمت على ما صدر مني تجاهك في لحظة انفعال و توتر و فقدان للأعصاب ، لقد أخطأت في حقك و حق نفسي و حق ابننا المسكين ، و لكن ثقي أني لم اقصد أن أسيء إليك و أن أضر بعلاقتنا التي كنت أود أن تستمر إلى نهاية العمر ... لم أكن أتصور يوما أني سأقدم على أن أهدم سعادتي بنفسي ، أن أخرب عش الزوجية بيدي ، هل معقول أن أسيء إلى أعز إنسان في حياتي ؟؟!! هل من المعقول أن أسيء إلى من أحببت و عشقت ؟؟!! هل تصدقين عزيزتي أن محاولاتي المتكررة لتنقية الأجواء بيني و بينك و لإرجاع المياه إلى مجاريها كل ذلك من أجلك أنت و من أجل أن تعودي إليّ معززة مكرمة و من أجل علمي أنك تقاسين الآلام في بيت أبويك ؟؟!! أفكر في ابننا و لكني أفكر فيك أكثر ، هو مازال صغيرا لا يحس بما يدور حواليه بينما من المؤكد أنك تألمين و تتوجعين و لست راضية بحالك ...
إن ما وقع عزيزتي درس قاس لا يحتمل و لا ريب ، و لكن ينبغي أن يكون درسا مفيدا لنا نحن الاثنين ، ينبغي أن يكون درسا لفائدتك أنت و لفائدتنا نحن الاثنين و لا على حسابك أنت و حسابنا نحن الاثنين ، ينبغي أن يكون درسا مفيدا لنا فيستفيد منه ابننا الصغير الذي من الأفضل و من المنطقي أن يعيش في ظل والديه الاثنين لا أن يتيتم و أبوه مازال على قيد الحياة ، هل من المقبول أن يحرم الابن من أحد أبويه ؟؟!! إني أرغب في أن يكون ما وقع صفحة قد طويناها من حياتنا إلى الأبد و لا نريدها أن تعود إلينا و لا أن نعود إليها .....هل تعرفين أن المرأة المطلقة لا قيمة لها في المجتمع و لا يمكن لها أن تهنأ مع زوج ثان إلا إذا كانت لا تحب زوجها الأول و تزوجته غصبا عنها و لا أعتقد أنك لم تحبيني أو أنك لم تعودي تحبينني أو أنك تزوجتني غصبا عنك...؟؟!! هل تعلمين أن المرأة المطلقة لا أحد يمكن أن يفيدها حتى و إن كان أحد أفراد عائلتها مثل أبيها أو أمها أو إخوتها ؟؟!! هل تعلمين يا عزيزتي أني لم أخنك أبدا بل لم أفكر ـ مجرد التفكير ـ في مثل هذا الأمر ؟؟!! هل تعلمين أني لم أفكر ـ مجرد تفكير ـ في أن أربط علاقة مع فتاة أخرى ـ مهما تكن هذه الفتاة ـ على الرغم من أننا ـ أنا و أنت ـ على أبواب الطلاق ؟؟!! و كيف أفكر في مثل هذا الأمر و أنا على هذه الحالة من الشقاء و التعاسة

زوجك الذي يودّ و يأمل من كل قلبه أن يبقى كذلك ]
و بعد أقل من أسبوعين تقريبا من بعث الرسالة وصلت زميلي إرسالية قصيرة عبر الهاتف الجوال ثم تلتها مكالمة ، فإذا بها زوجته تعلمه فيهما أنها قررت التمرد على أبويها و العودة إليه مغلبة مصلحتها و مصلحة ابنها و مصلحة زوجها على أي شيء آخر ، و فعلا عادت إليه رفقة ابنها الصغير، فإذا بزميلي لا تكاد تسعه الدنيا لفرحته البالغة، و كيف لا يفرح و قد انزاح عنه كابوس لا يتمناه العدو لعدوه ... و بعد أيام قليلة و بينما كنت أسير في الطريق اعترضني زميلي بسيارته فأوقفها و قدم لي زوجته و ابنه الصغير .... كان الطفل في غاية السعادة بين أبويه يضحك و يصفق منشئا مهرجانا خاصا به و يرغب أن يخرج من نافذة السيارة و يرتمي في أحضاني كأنه يريد أن يشكرني على إعادة العلاقة بين أبويه العزيزين ، أما الزوجة فرسمت على شفتيها بسمة عريضة توحي بالسعادة و الرضا عن النفس و عن قرار هام و صعب و مصيري أخذته و نفذته في الحين ، أما أنا فتوجهت إليهما قائلا لهما : إن ابتسامة ابنكما لا تشترى و لا تقدر بمال ، و ليكن ما جرى لكما درسا قاسيا لا ينسى أبدا ، و إذا أردتما أن تعودا إلى صنيعكما القديم فتذكرا ابنكما و تذكرا ذاك الدرس القاسي و إياكما أن تقحما أشخاصا آخرين في مسائل تخصكما في حياتكما الشخصية ....
ـ ياسين الوسلاتي ـ
نشرت هذه القصة الواقعية بجريدة الصريح منذ سنتين تقريبا.
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 27775