بعيداً من السياسة

نقول معترضين: العرب يعيشون في الماضي، وأسباب الاعتراض واضحة، إلا أننا ننسى فائدة كبيرة للعيش في الماضي، فهو أرخص.
موضوعي اليوم ليس العرب، أو الماضي، وإنما الفلوس، فهي مشكلة لأننا قد نفكر في الماضي ونعيش فيه، إلا أننا ندفع بسعر اليوم. وكنت يوماً اكتشفت سبب نقص الفلوس المزمن، عند غالبية الناس، فهو أن الانسان يعرف طريقة أو اثنتين لعمل الفلوس وألف طريقة لإنفاقها.
موضوعي اليوم ليس العرب، أو الماضي، وإنما الفلوس، فهي مشكلة لأننا قد نفكر في الماضي ونعيش فيه، إلا أننا ندفع بسعر اليوم. وكنت يوماً اكتشفت سبب نقص الفلوس المزمن، عند غالبية الناس، فهو أن الانسان يعرف طريقة أو اثنتين لعمل الفلوس وألف طريقة لإنفاقها.
غير أنني اكتشفت السبب ولم أجد حلاً، ثم قرأت قبل أيام عن نادي «أصحاب الملايين»، وهو وكالة كألف مثلها حول العالم للتعارف بين الجنسين، إلا أنها تتميز عن غيرها أو تمتاز بأنها في هوليوود، وأنها تجمع طالبات الزواج من الصبايا الحسان بأصحاب ملايين يريدون الزواج.
هذا حسن، إلا أن العدالة تقضي بأن تكون هناك وكالة مماثلة لصاحبات الملايين فلا بد من أن بينهن من تريد أن تتزوج شاباً وسيماً طويل القامة خفيف الدم. ولعل العدالة لا تكتمل الا اذا وجدت وكالة ثالثة تجمع المطلقين والمطلقات من أصحاب الملايين ليجربوا حظهم مرة ثانية وثالثة.
المشكلة الأساسية أن الزوجة تبقى ما بقي الزواج، أما المطلقة فإلى الأبد. والرجل الذي يدفع نفقة لمطلقته، ويشعر كأنه يشتري العلف لبقرة ماتت، كان يجب ان يلزم الحذر من البداية، عندما طلبت ذات الحسن والجمال أن يشتري لها بيتاً قرب متجر مجوهرات.
المشكلة الثانية هي أن طلب الثروة في زوج المستقبل أو زوجته سببه الاعتقاد بأن الفلوس تجلب السعادة، غير أنني كل يوم، من دون طلب، أقع على دراسات يناقض بعضها بعضاً، فالجمعية الاقتصادية الملكية في بريطانيا تؤكد أنه حتى لو زادت الثروة كثيراً، فإن زيادة سعادة صاحبها تظل محدودة جداً، غير أنني قرأت في الوقت نفسه تقريباً دراسة بريطانية أخرى تقول إن ألف جنيه اضافية تكفي لتغيير معنويات صاحبها، ثم دراسة لمجلة بريطانية متخصصة تقول إن المال يؤدي الى زواج هانئ وأصدقاء وسعادة. وفي المقابل، فدراسة أميركية تقول إن الانسان يسعد اذا كان يملك أكثر من جاره أو أقاربه، فالسر ليس حجم رصيده في البنك، بل أن يوفر هذا الرصيد له التفوق على معارفه، لا الناس الآخرين.
الدراسات التي قرأت لا تشير الى انهيار البورصات العالمية بفضل عبقرية جورج بوش الذي خاض حرباً غير مبررة على العراق بمال لا يملكه، وخسر الاقتصاد الأميركي ترليونات الدولارات، وخسر الاقتصاد العالمي كله معه.
هناك رجل قال إن مشكلته الاقتصاد المنزلي لا العالمي، لأن ارتفاع قوة الشراء عند زوجته لم تتأثر بهبوط قوة شراء الدولار. وهو قال أيضاً إنه مهما كان الاقتصاد العالمي سيّئاً فهو ليس أسوأ من طبخ زوجته.
الأميركيون يصفون البورصة إذا ارتفعت بأنها سوق ثور، واذا انخفضت بأنها سوق دب، ولا أعرف أصل تسمية الثور والدب، ولكن أعرف أن أكثر المتعاملين مع البورصة حمير.
ولا بد من أن القراء سمعوا كيف خسرت البنوك العالمية أخيراً بلايين الدولارات في انهيار سوق العقار، من أوروبا الى الولايات المتحدة، في حين يفترض أن البنك الذي يجتذب أفضل العقول المالية المتوافرة ويدفع أجوراً بالملايين، ومكافآت باضعاف الأجور يعرف ما يفعل فلا يخسر في سنة واحدة خمسة بلايين دولار، وأحياناً عشرة بلايين أو أكثر.
سمعت بعد سقوط سمعة البنوك عن شابة تركت خطيبها، فقد زعم لها أنه عامل تنظيفات، إلا أنها اكتشفت أنه في الحقيقة مدير بنك.
وأعود الى وكالة التعارف لأصحاب الملايين التي بدأت بها فقد نشرت على الانترنت رسالة من شابة قالت إنها حسناء جداً عمرها 25 سنة وذكية وذات ذوق رفيع. وهي قالت إنها تريد الزواج من شاب لا يقل دخله السنوي عن نصف مليون دولار، لتستطيع العيش معه في أرقى أحياء نيويورك، وسألت قراء رسالتها أين تجد عازبين من هذا النوع، وأي معدل عمر يجب أن تستهدف، وكيف يقرر الشاب العربي اختيار زوجة.
ورد عليها شاب من هؤلاء قائلاً إنه قرأ رسالتها باهتمام شديد، وهو يرى أن عرضها عملية تجارية خاسرة، فقد فهم أنها تريد مقايضة الحسن بالمال، أي أن الطرف ألف يقدم جمالاً والطرف باء يقدم المال ثمناً له. إلا أن هذا العرض ينطوي على مشكلة كبيرة فالجمال سيذبل ويزول، في حين أن المال الذي يستغل جيداً يزيد. وفي عالم البزنس اذا أخذ عميل البورصة «موقفاً تجارياً» ووجد أنه يخسر فإنه يبادر الى بيعه قبل أن تزيد الخسارة، ثم يحاول أن يعوّض عن خسارته بالبحث عن موقف تجاري مربح. والبنت يجب أن تقدّر أن شاباً دخله أعلى من نصف مليون دولار في السنة ليس أحمق ليدخل في مثل هذه الصفقة الخاسرة.
البنت خفّضت طموحاتها وتزوجت وواجهت فوراً مشكلة وراثية. فهي ورثت التبذير عن والدتها، وهو ورث التقتير عن أبيه.
جهاد الخازن
الحياة
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 1684