الانفلات السياسي في تونس: وزارة أملاك الدولة نموذجا

<img src=http://www.babnet.net/images/1b/hatem-euchi.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم وسام الأطرش

بعيدا عن المناكفات والمزايدات السياسية التي تريد الثأر من حكومة الصيد ومنافسته في الفشل الحكومي، ودون الخوض في تقييم أداء حكومة ارتأى رئيس الدولة أن يفرض عليها بنفسه مبادرة تقضي تحولها إلى حكومة وحدة وطنية، يمكن لكل متابع للشأن السياسي في تونس وللبلاغات الرسمية للحكومة ووزاراتها أن يطرح أسئلة حول مدى جدية المجلس الوزاري برئاسته الحالية في حل الإشكاليات العالقة والخروج من الأزمة الحكومية التي أقر بها الجميع بعد أن تم تشخصيها في اجتماع قرطاج يوم 15 جوان 2016 الذي خصص لمتابعة المشاورات حول حكومة الوحدة الوطنية، ولكن ليس قبل أن يكتوي بلهيب نار هذه الأزمة أبناء الشعب الكادح وراء لقمة العيش.





من بين أهم الأمور التي تجعلنا نطرح هذه الأسئلة الحارقة، هي ممارسات وزارة أملاك الدولة ممثلة في شخص الوزير الحالي حاتم العشي، الذي يبدو أنه ماض في تمرير ما في جعبته من قوانين تشرعن النهب المنظم للثروة على غرار قانون الانتزاع من أجل المصلحة العامة دون أن يأبه لأحد من رموز الدولة التي يعتبر أنه يعمل لمصلحتها، في حين أنه أول الناس انتهاكا لسيادتها حتى في أبسط النواحي الشكلية.

فحين نجد بلاغا رسميا من وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بتاريخ 16 جوان 2016 يصر على نفي خبر إعفاء المكلف العام بنزاعات الدولة المدعو كمال الهذيلي من مهامه من قبل رئيس الحكومة، من أجل التغطية عن الأمر الحكومي عدد 694 لسنة 2016 المؤرخ في 7 جوان 2016 والصادر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 17 جوان 2016، والذي يضع حدا لإلحاق الهذيلي من هذا المنصب، فإننا نتأكد من أن الوزارة وأجهزتها وبلاغاتها صارت موضوعة على ذمة عصابة عصية

حتى على رئاسة الحكومة التي لم تتمكن إلى يوم الناس هذا من وضع حد لمثل هذه التجاوزات.

السيد الهذيلي القاضي المستقيل من القضاء اقتداء بأسوته في ذلك السيد حاتم العشي، في ذمته لمن لا يعلم قضية يتستر عنها السيد الوزير عبر بلاغات الوزارة الرسمية المغالطة للرأي العام.


هذا يحيلنا مجددا إلى تصريحات السيد جمال التليلي العضو السابق للمكتب التنفيذي للاتحاد الوطني الحر والعضو القار بتنسيقية الإئتلاف الحاكم خلال الندوة الصحفية التي عقدها بالعاصمة يوم 09 جوان 2016، حين أكد أن سليم الرياحي كون ما أسماه بلجنة فساد تكونت في اجتماع سوسة المشبوه ومهمتها ابتزاز رجال الأعمال رفقة وزيرين في الحكومة الحالية وهما وزير البيئة نجيب درويش ووزير أملاك الدولة حاتم العشي بالإضافة الى المكلف بنزاعات الدولة كمال الهذيلي الذي كان يحضر اجتماعات المكتب السياسي للحزب رغم التحجير القانوني.

هذا وقد قام جمال التليلي بإيداع قضيّة بالمحكمة الإبتدائية بتونس بتاريخ 2 جوان 2016 تحت عدد 702/984 ضد كلّ من سليم الرياحي وحاتم العشّي وزير أملاك الدولة والأمين العام لحزب الرياحي ونجيب درويش وزير البيئة بتهمة تكوين عصابة وفاق وإهدار للمال العام واستغلال المرفق العام لمآرب شخصيّة. فلم يسع السيد العشي إلا أن يكلف محامي النظام السابق وعضو هيئة الدفاع عن سليم شيبوب حاليا المدعو كمال بن مسعود ليوقف شكاية التليلي بقضية مضادة بموجب الفصل 128 من المجلة الجزائية.

وهكذا يتواصل نزيف من البلاغات والبلاغات المضادة والقضايا والقضايا المضادة، بين من يفترض أنهم يعملون ضمن ائتلاف حكومي واحد وأحيانا ضمن حزب سياسي واحد، في سابقة تاريخية تؤشر إلى استقالة الدولة أمام حالة الانفلات السياسي التي دخلتها الأحزاب الحاكمة في الفترة الأخيرة والتي أوصلت بعض نوابها إلى تبادل اللكمات داخل المجلس، ما يجعلنا نعيش حالة من الفراغ السياسي الرهيب تعكس حجم العجز والذهول الحكومي تجاه القضايا العالقة، وتدفع قيادات الأحزاب إلى جولة جديدة من الاتصالات بالسفارات الأجنبية بل إلى جولة من الزيارات المكوكية إلى العواصم الغربية إن لزم الأمر، في محاولة لإيجاد الحلول واستلهام البرامج والرؤى التي تعيدهم إلى وهم العيش في جنات النعيم الديمقراطي.

هي إذن أزمة منظومة، تنبئ بإفلاس فكري وسياسي يعيشه الغرب وتهاو حضاري للنظام الرأسمالي،


وعليه، فمن الطبيعي أن تلقي الأزمة بظلالها على الأوساط السياسية في بلدان العالم الإسلامي مادامت قد فرضت على نفسها العيش في حالة من التبعية والإرتهان للمستعمر وحبست نفسها في سجن البدائل القطرية والمشاريع الوطنية الضيقة التي تؤبد وضعية الاستعمار، غير مبالية بالتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة. أما في تونس، فقد أوصلتنا حالة الإرتهان المذل إلى أن تغتصب الطفولة في ظل صمت مطبق من الحكومة، ولكن ليس قبل أن تغتصب الرجولة تمهيدا لاختطاف إرادة شعب وانتهاك سيادة بلد.

وعودا على بدء، فإننا سنحاول أن نصدق وجود حكومة في تونس لها قراراتها النافذة عبر رئاسة للوزراء، حين يجد بعض الوزراء المتخفين وراء مؤسسات الدولة لتقنين وشرعنة نهب المال العام من يردعهم ويوقف تجاوزاتهم، أما أن يكتفي الحبيب الصيد بإقالة المكلف العام بنزاعات الدولة على خلفية مخالفته القانون وثبوت خدمته جهات بعينها باسم الدولة دون فتح تحقيق فوري وعاجل فيمن يمسك بملفات ثقيلة بحجم ملفي الأملاك المصادرة والأموال المنهوبة أو دون إقالة وزير أملاك الدولة الذي تستر عن هذا الجرم ولا يزال، فإن أصدق مثال يمكن أن ينطبق على "الصيد" الذي استمات في منع مؤتمر حزب التحرير السنوي منذ مدة وسكت عما دون ذلك، هو "أسد علي وفي الحروب نعامة"...


مصادر ومراجع:

بلاغ وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بتاريخ 16 جوان 2016
http://www.mdeaf.gov.tn/index.php/ar/2014-03-28-14-09-55/949-2016-06-16-07-58-05

الرائد الرسمي بتاريخ 17 جوان 2016
http://www.legislation.tn/sites/default/files/journal-officiel/2016/2016A/Ja0492016.pdf

مقال ذات صلة:
أملاك الدولة: من أجل حل الوزارة وتفكيك العصابة
//www.babnet.net/festivaldetail-127183.asp





Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 127563

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mardi 28 Juin 2016 à 00:23           
من غير المستبعد أن تكون وزارة أملاك الدولة مجرد فخ وطعم لسليم الرياحي لينهب ثم يطالب بتسليم نفسه لأن المكان محاصر فتصادر كل أملاكه ثم يلقى به في المرناقية ليتفرغ السبسي للي بعدو


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female