تراجيديا المخلوع و كوميديا الإعلام

منجي بــاكير
إنّ العقود الأخيرة التي مرّت على البلاد و أهلها تحت نظام الحديد و النّار و حكم البوليس للنّظام المدحور بقيادة البايد وبتنفيذ أبناء و بنات البايد ، عقود حفرت أخاديدها في الصخر و مثلها أو أكثر في قلوب و أكباد و أجساد الشّعب التونسي ، هذا الشّعب الذي دفنه ذاك النّظام الغير مأسوف عليه بالحياة بمعونة زبانيّة انتشروا في كل مفاصل الدولة و كذلك بمعاضدة و تدبير أجهزته الموازية التابعة لحزب التجمّع الفاسد سليل و امتداد الحزب الدستوري ، حزب خنق الإنسان و امتهن الإنسانيّة و تبارى قياديّوه في لهف و سرقة المقدّرات و الثروات .

عقود مرّت ظالمة مظلمة لم يحسّ بوحشيتها إلاّ العمق الشعبي المهمل في الحديقة الخلفيّة لتونس السياحيّة المعمورة بسلالات الدم الأزرق و مطمورة ثرواتهم ، عقود عانى فيها الأحرار ويلات السجون و المنافي و هانت فيها رقابهم و ديست كراماتهم و انتزعت منهم إنسانيّتهم داخل أقبية البوليس السياسي .
عقود من التراجيديا المؤلمة ، و بعد ثورة كنست ( وقتها على الأقلّ ) بيادق الحكم الظالم و أذياله و أذنابه ، يأتي اليوم إعلام فاسد – ليستهين – بهذه العقود الكالحة و بكلّ صفاقة إعلاميّة و وقاحة أخلاقيّة يحاول توظيفها إلى كوميديا ساخرة يضحك بها على ذقون ضحايا الفساد و الإستبداد ليزيدهم آلاما أخرى و ينكأ جروحا ما زالت حيّة ،،، ليزيدهم غبنًا آخر ينضاف إلى ضياع حقوقهم و مستحقّاتهم وسط الإلتفاف الكبير على الثورة و استحقاقاتها المفروضة .
كوميديا باهتة مصطنعة تحمل في طيّاتها ( بلاوي زرْقة ) لعلّ أهونها هو تبييض و إعادة رسكلة سياسات المخلوع و زبانيّته ورفع ما بقي من تحفّظ على أزلامه العائدين و المغتصبين للمشهد السياسي و الحراك الإجتماعي ، كوميديا – ماسطة – تقدّم في خبث فُرصا إعلاميّة لكثير من سدنة العهد البايد و - بنادريّته – و فاسديه حتّى يعيدوا على أسماع الشّعب ما يغيظه و يتحدّاه بُغْية تطبيعه و فرضه واقعا على شعب مازال يعيش على ( أوهام ) وقع ثورة زلزلت عروشا من بعدها و أسقطت دكتاتوريات ....
Comments
4 de 4 commentaires pour l'article 127555