اذا أعفيتم الصيد فلا تستبدلوه بالذئب

أبو مـــــــازن
يبدو أن اعتصام خلع الصيد قد علا نباحه وان كان المواطن المكلوم في قوته و أمنه لا يبالي ان بقي أو غُيّر رئيس الحكومة، فحال بلادنا لا ينفعه تغيير وزير او رئيس حكومة أو رئيس دولة أو برلمان بأسره ونحن نغط في نوم عميق حين تجتهد البلدان الفقيرة والضعيفة في العمل والتطور. لا ينفعنا اليوم قيادة عمر رضي الله عنه ان قدّر الله له أن يحكمنا ونحن على مشارف الانهيار الاقتصادي والأخلاقي وقد أعمل فينا الفساد و الافساد أنيابهما و أحدثت فينا الرشوة والمحسوبية والتعصب و الجهوية جروحا غائرة في جسم المجتمع التونسي.

لا طاح لا دزّوه أروع مثل يصوّر الحدث الذي انطلق بُعيد تصريح رئيس الجمهورية و سعيه لتكوين حكومة وحدة وطنية. لعل المخالفة الدستورية التي مفادها هل يحق لرئيس الجمهورية عزل أو اقالة رئيس الحكومة؟ كانت السبب الرئيس في تأزم الوضع السياسي و من ثَمّ البحث الحثيث على شخصية أخرى تحلّ محل الصيد. لقد خالها أغلب المتتبعين مراوغة للمتنطعين المولولين بفشل الحكومة وقد أنجزت أعمالا هامة رغم التقصير. ولكن الأمر أصبح أكثر احتداما و بات عقد الائتلاف المركب الحاكم قابلا للانفراط. كيف لا والنداء أضحى ندائين والجبهة مقاطعة حتى تخرج النهضة من الحكومة والنهضة لها ثلث معطل و الدستور يقضي بتعيين شخصية يختارها رئيس الجمهورية وتحظى بأغلبية مريحة من الأصوات. لكن عقولنا ما زالت مشدودة للحكم الرئاسوي الذي يكلف فيها وزير بجرة قلم وينزع من منصبه بجرة أخرى.
هل نجد غير الصيد للحكومة، قطعا نعم ولكن علينا ان لا نبحث في غابة الذئاب التي يؤمها سواسية الثعالب وابن آوى و الفنك والضباع. وعلينا أن نحترم ما حبّرته الأقلام في دستور الجمهورية الثانية الموعودة التي قامت الثورة من أجلها وفيها يسعد المرء ويكرم المواطن ويعيش برنسا في وطنه فلا يلتجأ الى الحرقان المادي والمعنوي. الصيد رجل اداري صرف بعيد عن هوى الأحزاب و محنهم يقوم بدوره على أحسن ما يكون وقد شهدنا تطورا ايجابيا الى ابعد الحدود في مجالي الأمن و مراقبة الحدود ولعل واقعة بن قردان خير دليل لذلك. الصيد نفسه رجل متزن لا يغضب لمجرد اختلاف او خلاف بل رصين اذا تكلم رغم لكنته التي قد تغلب بعض الشيء ولكن موسى النبى عليه السلام كان صاحب لكنة وقد استعان بهارون ليكون الناطق الرسمي باسمه ولكن هيهات أن يكون أمر كذلك في عصر كهذا. لعل المحاصصة الحزبية والتفكير العميق في المستقبل السياسي والحزبي أوهن عدد من الوزراء وتركهم يتصرفون حسب الأهواء لجلب الأنظار و كسب مزيد من الشعبوية وهو ما عقّد العلاقة بينهم وبين الصيد. لعل أيضا تراكمات الثورة والوضع الانتقالي وتنصل الاصدقاء من الايفاء بالوعود والمنح والهبات اسهم في تأزم الوضع الاقتصادي فصار لزاما التفكير في مخرجات لهذا الخطر الجسيم الذي يحدق بوطن تاق الى الحرية دون دماء ودمار.
لا نكاد نرى في غابة السياسة الا ذئابا مفترسة ذوي أنياب حادة، بعضها مرقط لا ينتظر منه أي خير وهو يرفع علم الايديولوجيا وبعضها أحمر كالكلب ولكنه أبعد ما يكون عن الأمانة والوفاء. يرعدنا عواؤهم على القنوات وهم يصورون كارثية الوضع ويشرّعون للافلاس كما شرّعوا للارهاب فأوجس الناس خيفة و بُثّ فيهم الخوف والرعب ولكنّ قواتنا المسلحة عملت في صمت و كان النصر الذي عبر الى الشقيقة ليبيا حيث دحرت داعش في سرت. تنبهوا للذئاب و هم كثر وان ابتسمت الشفاه و تمنطقت القامات بأزهى ألوان الأقمشة و روابط العنق فهم يهيّؤن لانقلاب ناعم لا زال يدغدغ الاحلام و يطبّل له الاعلام.
Comments
27 de 27 commentaires pour l'article 127079