استفهامات حول تعطل موقع ''اوديمات''؟؟

بقلم: شكري بن عيسى (*)
يبدو ان موقع اوديمات اصبح هذه الايام من اشهر المواقع الالكترونية واكثرها نفاذا وذلك لمتابعة نسب المشاهدة النتقلبة وفهم اتجاه حملة مقاطعة نشطاء على الفايسبوك لاحدى القنوات الفضائية على خلفية تماديها في انتهاج بث عديد البرامج المخالفة للمعايير الاعلامية وللضوابط القانونية، رأوا فيها اساءة للذوق العام وضرب لقيم اجتماعية راسخة متعلقة بالاسرة كخلية اساسية يحميها الدستور، ولكن تعطل الموقع المتخصص في قياس المشاهدة اثار عديد الاستفهامات التي تم تداولها بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك.

وتزامن التعطل الذي عادة نادرا ما يحصل ليلة الاحد مع بث ابرز برنامج للقناة المذكورة، هذا البرنامج الذي لاقى الاحد الاسبق تراجعا في نسبة المشاهدة، وهو ما طرح بشدة امكانية طلب القناة المعنية من الموقع تعليق بث نسب المشاهدة الفورية طيلة فترة بث تلك الحلقة حتى لا تحتد الامور الاكثر، وتأكد الامر واقعيا مع بثت حلقة بنصف التوقيت المعتاد: اذ انتهت العاشرة والنصف تقريبا على امتداد ساعة ونصف الساعة بعد ان كانت تمتد لثلاث ساعات كاملة.
والحقيقة ان موقع اوديمات الذي صار مرجعا مهما في قياس نسب المشاهدة على القنوات التونسية وزادت شهرته هذه الفترة الاخيرة سقط في اشياء غير مفهومة هذه الايام، فبعد الانطلاق مباشرة في مفتتح مارس 2012 كان عدد العائلات المرتبطة بالموقع 7420 نزلت المدة الاخيرة الى اقل من النصف قبل ان تصل الاسابيع الفارطة الى 1050 عائلة، وهو ما طرح بقوة امكانية توظيف هذا الموقع لاخفاء تراجع نسب المشاهدة للقناة المعنية بالمقاطعة بالتركيز على مجموعة منتقاة لتوجيه النسب.
والموقع الذي يعتمد تقنيات حديثة في القياس ترتكز على تكنولوجيا متطورة وقدم نفسه كمؤسسة مستقلة لقياس الفرجة الحينية للقنوات التلفزية وطرح نفسه عند انطلاقه لتجاوز الثغرات المسجلة في مكاتب الدراسات والمحققين الذين يقومون بالاستبيانات ولتقديم معطيات دقيقة حاسمة لادارة وتحرير القنوات وللجمهور وللمستشهرين، هذا الموقع لا توجد الحقيقة اية الية لرقابة مدى نزاهته وعدم خضوعه لتأثيرات مالية او لوبيات ولرقابة حرفيته ودقته في القياس، فالعينة المعتمدة لا نعرف بالضبط مدى تمثيليتها للتركيبة المجتمعية حسب الفئات الاجتماعية والاعمار والجنس والجهات كما انها لم تعد مستقرة وهو ما يجعلها محل شكوك جدية اليوم فضلا عن الموقع اصبح يغلق من حين لاخر دون موجب بداعي الصيانة!!
الفوضى اليوم صارت متجذرة في قطاع القياس والاستبيانات خاصة مع تراجع نسب اهتمام الشعب بالشأن السياسي نتيجة الخيبات المتتالية في الطبقة السياسية والاحزاب، ومع عزوف في المشاهدة للقنوات التونسية واتجاه نحو القنوات الاجنبية الفرنسية والعربية خاصة ومشاهدة الفيديوات عبر موقع يوتوب وغيرها (جسده موقع اوديمات ذاته الذي خفض بالنتيجة وحدة قياس النسب في ظرف سنة فقط من 20% الى 10% ثم الى 5% قبل ان تصل الاسبوع المنقضي بصفة استثنائية الى 2,5%) وهو ما يفسر التراجع الحاد لنسبة مشاهدة القنوات التونسية بصفة عامة تصاعد الرهانات في تنافس محموم على الاستشهار عصب الاعلام الذي تجلبه نسب المشاهدة. حنبعل غادرت موقع اوديمات منذ مدة لاعتراضها على طريقة الاحتساب، اما الامر الاكثر غرابة في واقع الفوضى الحالي فهو وجود الزرقوني بمؤسسته سيغما كونساي من جهة مكتب يقدم قياس المشاهدة للقنوات التلفزية بصفة دورية ومن جهة اخرى كرونيكار في قناة الحوار التونسي !
وغياب الاطار القانوني والمعايير التقنية لقياس عدد المشاهدين لبرامج القنوات التلفزية في ظل تغاضي الهيكا عن ضبطها بموجب الفصل 16 من المرسوم عدد 116 وما ينجر عنه من غياب العقوبات الادارية عند المخالفات جعل القطاع دون ضوابط واشبه ما يكون بالقطاع الموازي والرهانات المالية والسياسية العالية قد تجعل من التوظيف والتوجيه سلوكا محددا له، ويبقى بذلك بعيدا عن المصداقية وبالتالي الدقة والوثوقية.
ويظل السؤال الاكبر من يحمي المواطن من هذه الفوضى في استبيانات الراي وقياس نسب المشاهدة التي تتحكم فيها جهات لا شيء يؤكد حياديتها ومصداقيتها وكفاءتها والتزامها بمعايير مهنية وقانونية في ظل غياب المعايير والمؤسسات التي استقالت و رمت الحبل على الغارب وتركت كل الاعتبارات تداس والممارسات الاستغلالية والتضليلية هي السائدة!!؟
(*) قانوني وناشط حقوقي
Comments
8 de 8 commentaires pour l'article 124992