صحافة الاستقصاء.. عندما تصبح تهمة

<img src=http://www.babnet.net/images/1b/panapressmalek.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

الاستهداف المتصاعد خاصة من الاعلاميين الذي يتعرض له انكيفادا الموقع المُخوّل من المجمع الدولي للصحفيين الاستقصائيين لنشر وثائق بنما يثير استفهامات خطيرة حول مدى فهم الصحفيين التونسيين للصحافة الاستقصائية ولكن اساسا حول تحوّز الكثير منهم لصفة الصحفي، خاصة وان اغلبهم اصبح اداة عالية القوة للدفاع او خدمة او تزويق شبكات مالية وجهات سياسية.





تناول ساذج ينمّ عن أمّيّة حقيقية للصحافة الاستقصائية من الكثيرين لما نشره موقع انكيفادا ، وتحليل غاية في السطحية وارتجال واضح وفقر كبير في المهنية سيما وان التحاليل صرفت النظر عن قضايا الفساد والتهرب الضريبي وتبييض الاموال وبحث سياسيين عن ملاذات آمنة خارجية وانتهاج استراتيجيا الاعمال عبر الشركات الواجهة الوهمية وغرقت في اتهام الموقع الناشر لـ وثائق بنما بالانحياز السياسي وعدم المهنية والتأخر في نشر الوثائق.

رئيس تحرير جريدة المغرب الذي لا نعرف حيازته لشهادة جامعية، والغارقة جريدته في فضيحة الفوتوشوب الشهيرة وعديد الاخبار الزائفة والمنتحلة الاخرى الموثّقة، والمتورطة ادارته في خرق مستوجبات الشفافية المنصوص عليها بالفصل 23 للمرسوم عدد 115، يسمح لنفسه باتهام موقع انكيفادا في برنامج ميدي شو ليوم الاربعاء بـ amateurisme كبير ويعيد نفس التوصيف في حصة يوم الخميس بتركيبة أخرى.

والجهل هنا بمستوجبات الاستقصاء الاعلامي واضح ولكن الارتباط السياسي لجريدة المغرب لا يخفى على احد، ودون الدفاع عن موقع انكيفادا فوليد الماجري ومالك الخضرواي منشورة تحقيقاتهم الاستقصائية في عديد المواقع الاعلامية وتشهد نتائجها على الحرفية والنزاهة المستوجبة، اما الاختيارات التحريرية فهي مبررة ولها ما يسندها في انتقاء ملف محسن مرزوق لتصدر قائمة المنشورات وفق ما أكده الخضراوي باعتبار عدم تعقد الملف ووجود معلومة مهمة سياسيا فيها جانب اخلاقي .

وما يثير هنا الاستفهام بشكل جوهري هو ان القضايا الاستقصائية المرتبطة بشكل عام بكشف الفساد والعلاقات الدولية المسترابة والاسرار الغامضة وتجارة الاعضاء البشرية وتجّار الحروب والمخدرات ومجموعات الضغط وحتى المافيات عادة ما تمثل اهم عناوين وسائل الاعلام وابرزها لانها تهم الحق الاساسي في الانارة والاعلام وتبرز السلطة الحقيقية للاعلام في كسر الحواجز واختراق الحصون المالية والسياسية والنفاذ للوقائع وتدمير القلاع العالية التي تحمي شبكات النفوذ والهيمنة، ولكن في العموم القواعد انقلبت عندنا في تونس.

الصحافة الاستقصائية هي اليوم عماد الديمقراطية في العالم، وهي تقدم حقائق دامغة ولا يمكن الحكم عليها الا بنتائجها، والحكومة البنمية ذاتها قدمت التزامات لاحترام الشفافية ومكافحة التهرب الجبائي واعترفت بذلك بما حصل ورئيس وزراء اسلندا قدم استقالته وما تم عرضه الى حد الان في وثائق بنما لم يتم دحضه من احد، وملفات watergate التي نشرتها واشنطن بوست و sang contaminé التي نشرتها عديد وسائل اعلام في فرنسا وثقت لفضائح كبرى كانت لها تداعيات سياسية مزلزلة.

كنا سنبحث عن تسجيل تجاوزات من انكيفادا لو وجدناها، وكنا سنبحث عن تسجيل تبريرات لمحسن مرزوق لو وجدناها ايضا، ولكن مستوجبات صحافة الاستقصاء المتمثلة في عمق البحث وتعدد المصادر واحترام اخلاقيات المهنة وحماية المصادر تفسر طبيعة وشكل ما قدمه الموقع المعني وتتلاءم مع الخيار التحريري في خصوص اهمية ملف مرزوق وخطورته البالغة.

فتوررط قيادات سياسية حتى بمجرد الشروع هو افدح من رجال المال والاعمال، لانه زيادة على امكانية اشتراك الاثنين في التهرب الجبائي وتهريب اموال فاسدة وتبييض اموال قذرة، السياسي ببحثه عن ملاذات امنة يقدم شبهات قوية على وجود فساد اداري ومال سياسي قذر قد يمس بنزاهة الانتخابات وحتى بالسيادة الوطنية، ويعطي مؤشرات صلبة على عدم ثقته في الوضع السياسي والاقتصادي لبلده ويقدم قرائن متظافرة على انه ليس في وضع قانوني سليم قد يفتضح في وقت ما ولذلك يحرص على تأمين ملاذات تأويه عند الضرورة ، وهذا الامر لوحده مبرر لتصدر ملف مرزوق كل الملفات.

وفي كل الحالات فالصحافة الاستقصائية تبقى سلطة رقابية عالية الفعالية وقوة اساسية في تفكيك اللوبيات المحصّنة وستظل تلقى الدعم والمساندة من الشعب دفاعا عن مصالحه العليا ولن تلقى في النهاية كل التكتلات المشيطنة لها والمشككة فيها الا الفشل، فالحقائق الدامغة اصعب من ان يقع طمسها عبر المغالطات والتضليل.

(*) قانوني وناشط حقوقي






Comments


14 de 14 commentaires pour l'article 123132

Mandhouj  (France)  |Vendredi 8 Avril 2016 à 16:25           
@ Nouri (Switzerland)
تحكمنا عصابة احزاب خوافة ، أو متواطئة .. مع الأسف .

Nouri  (Switzerland)  |Vendredi 8 Avril 2016 à 10:58           
هذا ما يأكد ان معلومات المخابرات الجزائرية صحيحة عن وجود ثلاثة مراكز لمخابرات اجنبية تصول وتجول في تونس والمراكز، مقر موجود في تونس العاصمة ومقر في سوسة و الاخير في جربة ولهم سيطرة على الاعلام التونسي ورجال اعمال والامن ويدعمون بعض السياسيين.

الخيانة اصبحت رأس مال في تونس بمعنى المال قبل الوطن،
ناس بيوعة

Adam1900  (Poland)  |Vendredi 8 Avril 2016 à 10:23           


أكيييد الشخص المهزوم ليس له أي تأثير في من حوله .. عالمنا العربي زوّد بمناهج تعليمية فقيرة مُملّة وملأوا التلفاز ببرامج مُضللّة فأصبح الناس لا يفكرون بشيء له أهمية ..
هذه التسريبات الإستخبراتية الممولة من المليردار سوروس والحكومة الأمركية هي لأغراض سياسية والمقصود منها هو التشويش عن أتباع القطب الآخر المضاد للقطب الأمريكي إنها مسرحية فاشلة .. هذه التسريبات ستصنع المزيد من الإرهاب العالمي .. أما الإرهاب هو صنيعة الإمبريالية ( و جنود الامبريالية هم من العالم الثالث المهزوم في كل شيئ ) الهدف المزيد من نهب الثروات ، و هذا يقع بمباركة أغلبية المسئولين .. يا سادة نعيش في زمن الفتن .. يا عبد فليكن إحترامك
للناس لا يعني أنك بحاجة إليهم ، لكن مبدأ تتعلمه من دينك وتربيتك إحترم تحترم فكن ثريا بأخلاقك ، غنيا بقناعاتك ، كبيرا بتواضعك !.. تحية لصحافة الحرة ..

Mandhouj  (France)  |Vendredi 8 Avril 2016 à 09:16           
بعد برنامج الحوار ، و برنامج الوطنية 1 ، البارحة .. في قضية سرقة الأموال و تهريبها إلى الخارج ، ثم كيف تسرق أموال القطاع السياحي و تحول إلى جنات جبائية دون أن تدخل إلى تونس ، .. على الدولة إسترجاع كل ما أهدت أو اقرضت رجال أعمال القطاع السياحي خاصة بعد ضربة سوسة الارهابية .. من 2009 إلى اليوم هناك أقل شيء 15 مليار دولار منهوبة .. في القطاع السياحي فقط .. هذه جريمة العصر .. أما القطاعات الأخرى (مناجم الفسفاط ، البترول ...)، فحدث و لا حرج .. انفلات
أمني، انفلات إقتصادي ، انفلات مالي ، انفلات جبائي ، انفلات إداري .. ثم تتكلمون عن الارهاب الإسلامي ؟ أنتم مهبولين و قيل .. هذه الانفلاتات هي التي صنعت الارهاب و مولته .. الارهاب هو صنيعة الامبريالية (و الحكومات العربية هي من جنود الامبريالية ) للقضاء على الثورات .. و هذا يقع بمباركة كل الأحزاب التي في الحكم و التي في المعارضة .. ياحثالة السراق رجعوا فلوس الشعب .

Mohamedjerba  (France)  |Vendredi 8 Avril 2016 à 07:04           
هذه فضيحة عالمية رئيس حكومة إزلندا إستقال رئيس الوزراء البريطاني إعترف ولا سياسي أو إعلامي شكك في المعلومات إلا في تونس التي تملك أنزه نزهاألإعلامين والسياسيين شككت ليس في الوثائق لكن في وسيلة الإعلام اللتي عملت مع فريق صحافة عالمية على هذه الوثائق وخريطة طريق التي يجب أن تتبعها قبل نشر إسم أي شخص أن تعلمه وتنشر رده في نفس الصفحة التي تنشر فيها الإسم إلا من لم يرد عليها في الوقت المتفق عليه

Echahed  (France)  |Vendredi 8 Avril 2016 à 06:04           
قد يكون وقع الإتصال بعدة مكاتب محامات أخرى تقدّم نفس الخدمة و قد يكون وقع إختيار مكتب آخر. هذه فرضيات بإمكان صحافة الإستقصاء البناء عليها للوصول للحقيقة.

فصحافة الإستقصاء كشفت في السابق حقائق عجز القضاء عن كشفها مثل حقيقة علاقة الإرهاب بالمافيا:
http://www.liberation.fr/week-end/2003/11/15/les-gia-sont-une-creation-des-services-de-securite-algeriens_451964

Mah20  (Martinique)  |Vendredi 8 Avril 2016 à 05:45           
Le panama est par définition une république bananière ou chaque peau de banane jetée sur le chemin doit être soumis a l approbation du tuteur us?
Trop d intérêts dans le domaine de la presse , et la pub qui est son pilier naturel , pour que cette production journaliste dénonciatrice soit mue par des considérations idéales.....

Kamelnet  (Tunisia)  |Jeudi 7 Avril 2016 à 22:19 | Par           
الي جابوا الخبر الصحيح موش صحفيين توانسة هذوم مجموعة بالمائات من الصحافين في العالم #حتي يتوزع دم الفاسدين بين القبائل# !!!!!!!

Mezegri Mezegri  (Tunisia)  |Jeudi 7 Avril 2016 à 21:50           
عندما كانت الصحافة الاستقصائية تنشر فضائح الترويكا كُنتُم تشككون في صدقيتها واليوم اصطففتم الى جانبها ?

Toucom  (France)  |Jeudi 7 Avril 2016 à 21:03           
Ce qui est inquiétant dans cette affaire ce n'est pas le fait que certains journalistes ou pseudo journalistes mettent en doute ce qu'a publié le site Inkyfada mais surtout certains d'entre-eux minimisent l'affaire et la qualifient parfois de "tempête dans un verre d'eau" car ils ne regardent que le côté judiciaire de l'affaire mais aucunement le côté moral qui en réalité plus grave. Ici c'est l'intention qui est condamnable avant les
faits, un homme politique doit donner l'exemple et doit avoir un comportement irréprochable et s'il y a des soupçons qui pèsent sur lui il doit tout simplement se retirer de la vie politique sinon il n'est plus crédible.
L'Islande nous a donné l'exemple et d'autres suivront.

MOUSALIM  (Tunisia)  |Jeudi 7 Avril 2016 à 17:38           
تحية للصحافة الاستقصائية في تونس وعبر العالم فأغلى الكنوز على سطح كوكبنا هي المعلومات التي تفكك الحقيقة حتى ولو كانت نسبية ولا ننسى أننا خلاصة الأبطال الذي فازوا في الماراطون الرهيب من معسكراتنا نحو قلعة البويضة . سلاحنا الوحيد هو المعلومة الناقصة وبمجرد الوصول والحصول على بقية المعلومة نتوج بميدالية البطولة وجائزة رحلة إلى كوكب العجائب والغرائب .

Mandhouj  (France)  |Jeudi 7 Avril 2016 à 17:31           
صحافة الاستقصاء تحاربها كل قوى النمط ، سواء كانت إعلامية أو سياسية .. في الغرب كبرى ديار الاعلام يمتلكها صناع الأسلحة .. رجال صحافة الاستقصاء هم على درجة عالية من الحرفية و ذو عقيدة مهنية .. في الأخير المتهم بريء حتى تثبت ادانته .. ثم لا يجب أن نستغرب هجوم بعض الجرائد و المجلات على صحافيين الاستقصاء و على عملهم .. فدائما هناك المعركة و المعركة المضادة .. لكن لا شيء يعلو على الحقيقة إن وجدت رجال و نساء يحملوها ..

Adel22  (Tunisia)  |Jeudi 7 Avril 2016 à 16:54           
Il fallait inviter sami ramadi, Mr propre

KhNeji  (Tunisia)  |Jeudi 7 Avril 2016 à 16:05           
ياسيد شكري ألم ينعت الشعب التونسي صحافته بكل دقة لما وصفها بإعلام العار؟


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female