غلمان بني علمان ، الإستهلاك و الترويج

منجي بـــــــــاكير
كـــانت البداية مع ( هم ) ، هم بقايا من مخلّفات الإستخراب الفرنسي – قوّادة فرانسا - بقايا انبتّت تاريخيّا عن هويّتها و رفضت دينها و تنكّرت لقيم أهلها و قطعت مع كل عاداتهم و تقاليدهم ، لترتمي في أحضان فرنسا تشبّهًا و استجداءَ إنتماءٍ و لو بالتجنيس الذي كان لهم – فخرا و عزّا- برغم رفضه وقتها من كلّ مكوّنات الشعب التونسي ، بل دفع دونه الدّماء و الأرواح .
هُم .. و نعني بهم أولئك الذين صفّقوا لفرنسا و عرّبوا استعمارها و فعلوا كلّ الممنوعات و الموبقات ، كما أتوا كثيرا من أنواع المعاصي و الخيانة للعْق حذاء الفرنسيين آنذاك ،،، اشتغلوا ( قوّادة ) و جواسيس على مواطنيهم و جاهروا بالعرْي و التفسّخ و رطنوا (الفِغنسيّة ) تشبّها و تكبّرا و استعلاء على أهلهم .

و بما أنّه لكلّ ظالم نهاية فإنّ – بابور فرنسا زمّرْ خشّ البحَرْ، عطى بالظّهَرْ - مندحرا و مودّعا ليتركهم أيتاما تذرف دموع الخيبة و تعايش الذلّ و العار .
ليتركهم ،، ثمّ يزرعهم أيضا مع سياسة بورقيبة التي انبطحت ثانية لفرنسا و الغرب بذورا عقيمة خائبة و منبوذة إلاّ من توجُّه رأس السلطة التغريبي – أصلا- و الذي انقلب على كلّ المواثيق و أعراف الشّعب – ليستبدّ - و يحكم تونس حكم الضّيعة و ليسخّر كلّ طاقاته و دهاءه للخروج بالبلاد و العباد من حاضنتها الطبيعيّة العربيّة الإسلاميّة ، فطمس و شرّد و سجن و أقصى و قتّل و غلّق ظلما و استبدادا و أنكر و حلّ وجاهر برفضه لبعض من القيم ....
و لقد وجد المخطط الجهنّمي في هؤلاء البقايا – خدم فرانسا – فريسة سهلة ليطوّعهم في خدمة ما خطّط له و دبّر ، فأنبتهم في كلّ مفاصل الدولة و جعلهم على رأس المصالح العامّة و دسّهم في التعليم و الثقافة و مواطن القرارليكون لهم من بعد سبْق القيادة الرّعناء و الحُضوة المغتصبة في بلد أثقل كاهله الإستعمار البغيض و كبّله بالجهل و الأميّة و الخوف ، و كذلك لتكون لهم أولويّة – لهْف – المال العام و تحويل القروض و الصفقات باسم بناء مدنيّة الدولة الحديثة ...
فكــان هؤلاء – البقايا – و كلاء فرنسا الجدد أشطر التلاميذ و أوفى الأوفياء لفرنسا و من قبلها للسّلطة القائمة وقتها ثمّ للّتي من بعدها خصوصا في ظلّ تغييب الدّين و غلق جامع الزّيتونة و محاصرة علماءه و إقصاء كلّ نفَسِ إصلاحي يدين بالعروبة و الإسلام و يعمل على إحياء الهويّة ، و نفي و تشريد ثوابت النّخب الفكريّة و العلميّة و الثقافيّة الرّافضة للهيمنة الإستخرابيّة .
هؤلاء البقايا ، خلف من بعدهم خلْف أضاعوا و ضيّعوا و نادوا للشهوات و أحلّوا الموبقات ، خلفٌ كان أسوأ من السّلف ، خلف إمّا بيولوجيّ لتلك البقايا أو حتّى بالتبنّي الفكري ، خلَفٌ عمل جاهدا على المضيّ قُدُما في نفس التوجّه التغريبي البائس ، يساعده في ذلك المدد الذي يتلقّاه من الجهات المشبوهة ، مدد المال و البضاعة الفاسدة المفسدة تحت شعار – دعه يعمل ، دعه يفسّد – الذي اعتمدته الدكتاتورية الأولى و من بعدها العهد البنفسجي لفتح - أجنحة – هؤلاء القائمين على موجات الإفساد و التمييع و الترويج للشّذوذات الفكريّة و الجسديّة في مختلف القطاعات الحيويّة و التقاطعات الإجتماعيّة بتسخير لامشروط للإعلام العمومي التّعيس و الخاصّ المدفوع ( و المدفوع له ) وكذلك لكلّ القيم اللوجستيّة للتظاهرات الشعبيّة و الحضور الثقافي و الفنّي و التعليمي حتّى أضحى – إستهلاك – هذه النّمطيّة من العيش و الفهم و الإدراك أسلوبا دارجا في الحياة العامّة و ما يخالفه من قيم أهل البلد منبوذا أو مشوّها مرصودا ...
إستهلاك خرج من دوائر النّخب – العالقة - بين النّوادي المنزوية و بين ردهات النّزل و المقاهي و الحانات ، خرج إلى مجريات و فاعليات الحياة الثقافيّة و مفاصل التعليم بكلّ مراحله مسنودا بإعلام لا يدّخر شاغلوه جهودهم وطاقاتهم في الترويج و البروباجندا في رعاية حصريّة و جهد بالوكالة أكثر ضراوة من أصحاب الأجندات أنفسهم و أكثر جرأة و وقاحة منهم ..!
كمــــا أنّ بعضا من كوادر هذا الخلف الفاسد امتهنوا الإفساد علنا و باستناد أعوج على مكتسبات الثورة الحقوقيّة و الدستوريّة فيطوّعوها كلّ مرّة لتبييض شطحاتهم الرّعناء و موبقاتهم المنسوبة خطأً للفكر و الفلسفة ، هذه الكوادر المحسوبة على النّخبة الفكريّة في البلاد و التي يحفظ التّاريخ جيّدا خباياها و تواصلاتها و أهداف أنشطتها و كذلك كثير من عقلاء البلد ، هذه الكوادر نراها اليوم تتبارى في – ترويج – بضاعتها الفاسدة في تسابق محموم إرضاءً و جنْيا – لبونيص – أكثر و لمدد أكثر من مرجعيّات أنشطتهم المشبوهة .
لكــــــــــــــن يبقى الأمل قائما مع عمق شعبي واعٍ و ملقّح – زيادة – على هكذا أفعال مشينة و هكذا توجّهات فاسدة مفسدة ، و لعلّ أكبر دليل على ذلك هو ضعف تواجدهم و انتفاء حججهم و كثير رفضهم و لفضهم و مجّ ترّهاتهم كل العقود الفارطة برغم قوّة البروبجندا التي لديهم و كثرة المال و الإسناد الذي يتلقّون ...
Comments
4 de 4 commentaires pour l'article 118788