عندما تصبح إذاعة صفاقس رهينة المحبسيْن

منجي بــــاكير
لاشكّ أن إذاعة صفاقس أو زيتونة الأثير كان لها من العراقة و تمدّد الجذور ما للزيتونة ، زيتونة كانت لا شرقيّة و لا غربيّة ، لم تؤثّر فيها عواصف السّياسة بالقدر الذي يجعلها تحيد عن رسالتها الإعلاميّة بل كانت إذاعتنا دوما تحافظ على توازن معقول و مقبول حتّى في أحلك فترات الدكتاتوريّة المقيتة ،،،
لاشكّ أن إذاعة صفاقس أو زيتونة الأثير كان لها من العراقة و تمدّد الجذور ما للزيتونة ، زيتونة كانت لا شرقيّة و لا غربيّة ، لم تؤثّر فيها عواصف السّياسة بالقدر الذي يجعلها تحيد عن رسالتها الإعلاميّة بل كانت إذاعتنا دوما تحافظ على توازن معقول و مقبول حتّى في أحلك فترات الدكتاتوريّة المقيتة ،،،

إذاعة صفاقس تربّت على أمواجها أجيال و شنّفت آذان و وضعت إمضاءها على كثير من المشاهد الثقافيّة و الفنّيّة و الإعلاميّة ، كما أنّها كانت قِبلة المتابعين في كثير من بقاع الوطن فضلا عن خارجه . كانت كذلك يوم كانت تعجّ بالطاقات و تفتح ذراعيها للإبداع بلا تحفّظ و لا تمييز و خلفيّات إيديولوجيّة .
ظلّت – إذاعتنا- على نفس العهد و على نفس الخطّ عقودا من الزّمن ، ثمّ زاد تميّزها أكثر عند مواكبتها لمجريات الثورة و فتح أبوابها و هواتفها و مصادحها في وجوه المواطنين أينما كانوا و كيف ما كانوا مصغية لهم و لسان حال الكثير منهم بلا تفرقة و لا تمييز ،،،
غير أنّ – حبل الودّ – هذا و الذي صاغه و حافظ عليه قامات و جهابذة المؤسسين و مَن خلف من بعدهم جاءه اليوم لينفصم ، انفصم هذا الرّابط القائم بين الإذاعة ( العجوز ) و بين مواطنيها و متابعيها و أحبّائها و تقلّص جمهورها العريض لسببين ، أحدهما خارج عن نطاقها و هو انحسار محيط بثّها الهرتيزي و حصره في بعض الكليمترات داخل ولاية صفاقس و هذا هو العائق الأوّل و- المحبس الأوّل – الذي ساهم في تقوقع إذاعة صفاقس و انكفائها على ذاتها .
أمّا السبب الثاني و- المحبس الثاني - راجع بالأساس إلى القائمين على الإذاعة ، خصوصا الذين يتولّون صياغة و تنظيم الشبكات البرامجيّة فيها ، شبكات أظهرت على مرّ هذه السنوات القليلة الأخيرة عقما واضحا و تخلّفا فاضحا مقارنة مع ما تشهده إنتاجات أسطول الإذاعات النّاشئة التي تحيط بها من جميع الجوانب ، إذاعات برغم صغر تجربتها فإنّها أصبحت تلامس الصدارة في كيفيّة و تنوّع البرامج و كذلك في كمّيّة المتابعة و الإستماع .
إذاعة صفاقس في هذه السنوات القليلة الفارطة اعتمدت سياسة – طاحونة الشيء المعتاد – و سلكت طريقة - نسخ و لصق – لما تقدّمه سابقا بدون مراعاة لتطوّر المشهد الإعلامي و بدون اعتبار للطّفرة الإعلاميّة التي اجتاحت العالم ككلّ و بلادنا بالخصوص . برامج أصبحت تعاني الرّكود و ربّما تخفي وراءها سياسة الوصاية و التوجيه عن بُعد اللّذان قتلا روح الإبداع و الخلق لدى جلّ العاملين في هذه المؤسّسة ، كما أنّ بصمات بعض المنشّطين – المِتعبة – و التاعبة و التي تفتقر إلى التجديد و رسكلة نفسها و تعديل تنشيطها و خطابها زادت من تخلّف الإذاعة و تسبّبت في هجران متابعيها لها إلى فضاءات أخرى أرحب و أكثر تنوّعا و ذات فسيفسائيّة متنوّعة ترضي طلباتهم الفنيّة و الثقافية و المعلوماتيّة .
يبقى الأمل قائما لأن – يستفيق – القائمون على إدارة و برمجة شبكات إذاعة صفاقس و لأن يعدّلوا عقارب ساعاتهم على – الفوْرة – الإعلاميّة و المعلوماتيّة حتّى يرجعوا لهذه الإذاعة بريقها و يستعيدوا استقطاب جمهورها العريض ، كما أنّه عليهم استبعاد الخلفيّات الإيديولوجيّة و فتح الأبواب بلا تحفّظ أمام الإنتاج و الإبداع و التنوّع .
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 117827