كاستينغ يوم السبت : دلالات و استنتاجات

أبو مـــــــازن
وأخيرا كُتب لمسيرة السبت الفارط أن تكون وأن تصطف المعارضة متفرقة لتعبر عن رأيها في شارع الحبيب بورقيبة وتنتقد قانون المصالحة الاقتصادية. كُتب للعواطف الجياشة والدعوات الهوجاء للشارع و لإعلان الثورة الثانية أن تخرج من العالم الافتراضي الفايس بوكي الى الواقع المرير فتتناقل قنوات اعلامنا المجيد الحدث و تتابعه عن كثب و تحاول كما فعلت من قبل أن تكبح جماح سدة الحكم فترشّد قراراتها ولكن شيئا لم يحدث ولن يحدث من هذا. لقد غاب اعلامنا وحضرت قناة الجزيرة أو الخنزيرة كما يسمونها، التي بدّعت بها المعارضات على اختلاف الوانها وألسنتها في السابق فنقلت الحدث المباشر و غاب البقية فعلموا انّ الاعلام الحر لا يمكن أن يكون الا مستوردا ولو من قطر وأن اعلامنا مازال في طوره البدائي يحتكم للأوامر في كل صغيرة وكبيرة. أمّا النباهة التي أصابتهم أيام الترويكا فكانت مدفوعة الاجر كما صرّح به عديد الأوجه السياسية لما اختير الشيخ عبد الفتاح مورو نائبا لرئيس مجلس النواب و تحصلت الجبهة الشعبية على خفي حنين من الغنيمة السياسية.
وأخيرا كُتب لمسيرة السبت الفارط أن تكون وأن تصطف المعارضة متفرقة لتعبر عن رأيها في شارع الحبيب بورقيبة وتنتقد قانون المصالحة الاقتصادية. كُتب للعواطف الجياشة والدعوات الهوجاء للشارع و لإعلان الثورة الثانية أن تخرج من العالم الافتراضي الفايس بوكي الى الواقع المرير فتتناقل قنوات اعلامنا المجيد الحدث و تتابعه عن كثب و تحاول كما فعلت من قبل أن تكبح جماح سدة الحكم فترشّد قراراتها ولكن شيئا لم يحدث ولن يحدث من هذا. لقد غاب اعلامنا وحضرت قناة الجزيرة أو الخنزيرة كما يسمونها، التي بدّعت بها المعارضات على اختلاف الوانها وألسنتها في السابق فنقلت الحدث المباشر و غاب البقية فعلموا انّ الاعلام الحر لا يمكن أن يكون الا مستوردا ولو من قطر وأن اعلامنا مازال في طوره البدائي يحتكم للأوامر في كل صغيرة وكبيرة. أمّا النباهة التي أصابتهم أيام الترويكا فكانت مدفوعة الاجر كما صرّح به عديد الأوجه السياسية لما اختير الشيخ عبد الفتاح مورو نائبا لرئيس مجلس النواب و تحصلت الجبهة الشعبية على خفي حنين من الغنيمة السياسية.
ماذا حدث للمعارضة الغبية حتّى أصبح خوارها عواء؟ ولماذا انقلبت مسيرة السبت الى كاستينغ للصفوف الأولى لتذكرنا بوجوه أفنتها نتائج الانتخابات و وجوه دخلت البرلمان بإسعاف نظام البقايا. هل أضحى القرار في تونس الجمهورية الثانية منزّلا من هرم السلطة الى العامة، يلقى الترحاب و القبول دون أيّ اعتراض أو احتجاج. لعمري قد بلغنا درجة من الوعي السياسي جعلت السلطة تستجيب ضمنيا الى عامة الشعب في قراراتها أو أنها اعادت عصا الاستبداد لتسمع كلمتها. لا يعدو الأمر أن يكون سوء تقدير للمرحلة الانتقالية التي لازالت تعيشها البلاد والتي قد تمتد الى سنوات أخرى حتى تستقر الحال ويهنأ العيش و تبنى دولة المؤسسات. ذلك ما لم تعيه المعارضة أيام الترويكا ولم تعيه اليوم فجعلت السلطة القائمة سلطة متمكنة من القرار و من فرضه والحال أننا لازلنا نعيش كدمات الثورة والوضع الاقليمي المتشنج والذي قد يغيّر في أي لحظة الحال فيصيب شعبنا اللجوء والترحال لا قدّر الله.

كانت المطالبات عند المعارضة عينية و متعجلة تبحث من خلالها عن مكان جديد في الاعلام الذي ضيعها و نسي منتدياتها ثم اهتم بقطبي الحكم ان صح التعبير. كانت المسيرة ستنجح لو حشدت لها آلاف و وحدت الصفوف ولكن لغة التخوين و منطق الشتم والسب أبى الا أن يلقي بضلاله فبعثر صفوفها ونبح كل طرف على صلاح بلاده كما يقول المثل التونسي. لعل الحكومة أحسنت الصنع لما سمحت بهذه المسيرة و جنبت الاصطدام مع فرق حفظ الأمن مآلات لا تؤدي لخير ليطوى ملف آخر من الملفات المهمة ويعود النقاش الجاد الى مجلس النواب و للقوى السياسية المؤثرة في البلاد.
لم تفلح الجبهة بدون المؤتمر ولم يفلح التكتل والجمهوري بدون الجبهة ولم يفلح الجميع بدون تعاضد كافة القوى السياسية لفرض رأي صريح و مغاير للسلطة القائمة وبذلك قدموا تأشيرة شعبية لمروره في صيغته تلك او في صيغة أقل تعديلا مما كان منتظرا. لم يفلح يسار النداء في الانضمام الى المعارضة و مشاركتهم المسيرة لمجرد الدفاع عن حق التظاهر، فكانت حماقة لا يقوم بها من اعتلى سدة الحكم و لم ينفع النهضة غيابها عن المسيرة لمجرد انها لم تتلق دعوة من بقية الأحزاب ولكنها كانت أكبر المستفيدين من هذه الكاستينغ.

لقد خبت نار هذا القانون كما خبت حملة وينو البترول وعاد الامر الى مدارج البرلمان الذي يحاول البعض افقاده هيبته و وزنه عبر التشكيك والاتهامات الباطلة كما فعلوا من قبل مع التأسيسي. والحال أنه يمثل الشعب التونسي بكل صفاته الحميدة والخبيثة و يمثل عقلية نلقاها بالأنهج والديار وعلى شاطئ البحر و في الحقل وفي المساجد و دور اللهو وفي المصنع والمدرسة. كان لزاما على السياسيين أن يتفهموا هذا الشعب الذي يريد الاستقرار بأي ثمن ويريد أن يستريح وهو الذي يحمد الله أن ثورته لم تهدر تماما ولم تنقلب الى فوضى عارمة كما يحدث في عديد دول الربيع العربيّ أين ارتفعت لهجة السلاح و سكبت الدماء بتعلات واهية و بدون تعلات. لم يشارك التونسيون بكثافة في مسيرة السبت لعديد الأسباب أبرزها الانتصار لنهج التوافق الذي أصبح بضاعة تصدّر لعديد البلدان التي تشهد قلاقل و فتن و لعدم قناعته بأحزاب المعارضة التي قد يكتفي بعضها بسيارة أجرة واحدة لتنقلها من مكان الى مكان.
Comments
8 de 8 commentaires pour l'article 111850