الجدار ''العازل''... وتصدّع السيادة الوطنية؟

بقلم: شكري بن عيسى (*)
يوما بعد يوم تتناقص السيادة الوطنية، عبر الحضور الطاغي للسفارات الاجنبية التي صارت مزارا يوميا للقيادات السياسية، للتمسح وكسب التاييد والرضى، وعبر المديونية المتزايدة، وما يتبعها من اشتراطات تطوّع القرار الوطني، وتبعية مقيتة كانت مصدر الفساد والدكتاتورية، وعبر التفريط في الثروات الطبيعية، وغياب الرقابة اللازمة في الصدد، وعبر عصابات التهريب التي تخرق الوطن يمينا وشمالا، وعبر اختراق عديد الاجهزة الاستخبارية الخارجية لكثير لمنظوماتنا السيادية، وعبر عجز الدولة بالشكل المستوجب عن مواجهة الهجمات الدموية القاسمة.
يوما بعد يوم تتناقص السيادة الوطنية، عبر الحضور الطاغي للسفارات الاجنبية التي صارت مزارا يوميا للقيادات السياسية، للتمسح وكسب التاييد والرضى، وعبر المديونية المتزايدة، وما يتبعها من اشتراطات تطوّع القرار الوطني، وتبعية مقيتة كانت مصدر الفساد والدكتاتورية، وعبر التفريط في الثروات الطبيعية، وغياب الرقابة اللازمة في الصدد، وعبر عصابات التهريب التي تخرق الوطن يمينا وشمالا، وعبر اختراق عديد الاجهزة الاستخبارية الخارجية لكثير لمنظوماتنا السيادية، وعبر عجز الدولة بالشكل المستوجب عن مواجهة الهجمات الدموية القاسمة.

واليوم يزداد جدار العزل مع الشقيقة ليبيا، بعد ان اقتطع قطعة كبيرة من ترابنا الوطني، رمى بها الى الوراء وكأنها لا تتبع الوطن، ولا تمثل جزءا من السيادة الوطنية، فالجدار لم يكن على الحدود بالضبط، وانما كان في الداخل التونسي، بعيدا عن الحدود بعشرات الكليمترات، ما يطرح التساؤل ويعيد الانشغال بقوة حول مصير الاراضي المجتزأة، ويغذي المخاوف من جديد حول امكانيات التفريط فيها.
تأتي العملية غداة ضربة سوسة الدموية، ومباشرة بعد اعلان حالة الطوارى، ولكن ايضا بعد دعوة صارخة من رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية، احد اعضاد المخلوع حاتم بن سالم، بفرض ادارة دولية على الاراضي الليبية، لمدة خمس سنوات كاملة، في شكل انتداب استعماري، والرجل له زاد في الدبلوماسية والعلاقات الدولية، ويبدو انه لا ينطق من فراغ، وسابقا اتحفنا بمقولته ان اسرائيل لا تشكل تهديدا استراتيجيا على العرب، كما ان ارتباط تعيينه بهذه التصريحات يطرح اكثر من سؤال.
عملية بناء الجدار فاجأت الحقيقة الجميع، ولم يثرها تقريبا اي احد في الداخل الا بعد ان كشفها رئيس الحكومة في حوار تلفزي قبل اسبوع، لنتفطن بعد حين انه تمت صفقات مع شركات اجنبية وتونسية، وان احد القنوات الفرنسية اكملت ريبورتاجا حول الامر، ولا ندري اصلا حتى من اين جاءت عشرات المليارات التي مولت المشروع، ولو ان الصيد قدم رقم 10 مليارات فقط، ما يدعم فرضية خارجية القرار.
الحقيقة انه لا جدال ان عمليتي الحرس الوطني، التي قتل فيها لقمان ابو صخر ومراد الغرسلي، كانتا قاسمتين لكتيبة عقبة ابن نافع، ولكن السؤال لماذا تمت احداهما منذ مدة غير بعيد والاخرى الان بالذات، ولماذا بهذه الدقة والسهولة، وكأن الاهداف في دائرة التحقيق، وتحركاتهم معلومة ومحددة بعناية كبيرة، والواقع ان التدخل الامريكي اصبح مكشوفا وجليا و الدرونز (الطائرات بدون طيار) الامريكية سجل وجودها الجميع في عديد المرات، ولكن السؤال لماذا لم يكن التدخل سوى الان!؟
الجميع يعلم ان المخابرات الامريكية لها متابعة شديدة لتحركات هذه المجموعات، ان لم يكن لها مساهمة في توجيهها، ولكن بعد ارباك الوضع الوطني وتأزم حال الحاكمين وطلبهم النجدة واقترابهم من الغرق، جاء المدد السخي، والثمن يبدو ليس هينا، وقد يكون وطنيا، واقليميا، وعلى ذلك كان الغضب الجزائري كبيرا، ودعمه سحب السفير لمدة معينة، ودخول الغنوشي على خط الطمأنة ، الذي لم يتحقق، ويوم الثلاثاء كانت زيارة لوزير الخارجية الجزائري، والمخاوف لا تزال كبيرة.
الحقيقة ان هدف الحد من تسرب الارهابيين من الحدود الليبية، عبر بناء الجدار، يبقى على مشروعيته هشا، فمن ناحية فاعلية الجدران العازلة عبر كل العالم تبقى ضعيفة، واجهزة الدولة مقصرة بصفة كبيرة ومنها المتواطئة مع تهريب الاسلحة التي دخلت للبلاد بمئات الالاف، وكذلك الارهابيين، عبر الية افرح بيّا ، والاجدى هو معالجة هذه الاخلالات قبل بناء جدار، احتجت عليه المنظمات الاجتماعية في بن قردان عبر بيان بتاريخ 12 جويلية الجاري، وايضا يوم الثلاثاء حكومة طرابلس، ما يعيد طرح الشكوك بقوة من جديد حول الهدف من بنائه.
وول ستريت جورنال علقت هذا الاسبوع بان امريكا ستنشر طائرات بدون طيار في شمال افريقيا لمتابعة داعش ، والامر هنا اتضح الى حد ما، فمع امضاء تونس لاتفاق الشريك الرئيسي غير العضو في الحلف الاطلسي ، وانطلاق بناء الجدار، بدات تظهر بعض الخيوط.
لتطرح من جديد مسألة بناء قواعد لوجستية او دائمة او مركز للـ درونز ، مع الاشارة ان معلومات شبه مؤكدة تثبت بناء قاعدة في رمادة منذ حكم الترويكا والمرزوقي، تتعلق بـ الدرونز ، واليوم يبدو الامر اكثر خطورة، مع الاتفاقيات الجديدة، وكذلك الوضع الاقليمي، وخاصة الليبي غداة امضاء اتفاق بين الفرقاء، احترز عليه الجانب الغربي الليبي في حكومة طرابلس.
نحن نتساءل بمشروعية حول بناء قواعد اطلسية في الحزام الخارج عن الجدار، او استغلاله لردم نفايات نووية او كيمياوية، او استغلال ثرواتنا الطبيعية، كما يطرح السؤال المشروع بالارتباط مع صرح به حاتم بن سالم حول الانتداب الدولي على شاكلة ما حصل في العراق، واستجلاب بول بريمر جديد، وهل ان هناك مخططا لافشال الحوار الليبي وتحميل المسؤولية لفجر ليبيا، ومن ثمة الدخول في عملية عسكرية لا يعلم احد عواقبها، ستكون تونس قاعدتها الاساسية.
والجدار العازل، فعلا سيكون عازلا امام احتجاج التونسيين على استباحة السيادة الوطنية، او تصدّعها اصلا، فقد تؤدي العملية العسكرية الى تأكيد احد الاهداف الخطيرة، المطروحة في المخططات الدولية التي تستهدف تقسيم البلدان على غرار السودان، وسوريا، والعراق، واليمن، وقد تكون تونس احد اهدافها الحاضرة، لفصل الجنوب العزيز، لا قدّر الله، بعد ارباك الامور!
(*) قانوني وناشط حقوقي
Comments
8 de 8 commentaires pour l'article 108823