الجدار ''العازل''... وتصدّع السيادة الوطنية؟

<img src=http://www.babnet.net/images/1b/horchannnile1107152.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

يوما بعد يوم تتناقص السيادة الوطنية، عبر الحضور الطاغي للسفارات الاجنبية التي صارت مزارا يوميا للقيادات السياسية، للتمسح وكسب التاييد والرضى، وعبر المديونية المتزايدة، وما يتبعها من اشتراطات تطوّع القرار الوطني، وتبعية مقيتة كانت مصدر الفساد والدكتاتورية، وعبر التفريط في الثروات الطبيعية، وغياب الرقابة اللازمة في الصدد، وعبر عصابات التهريب التي تخرق الوطن يمينا وشمالا، وعبر اختراق عديد الاجهزة الاستخبارية الخارجية لكثير لمنظوماتنا السيادية، وعبر عجز الدولة بالشكل المستوجب عن مواجهة الهجمات الدموية القاسمة.





واليوم يزداد جدار العزل مع الشقيقة ليبيا، بعد ان اقتطع قطعة كبيرة من ترابنا الوطني، رمى بها الى الوراء وكأنها لا تتبع الوطن، ولا تمثل جزءا من السيادة الوطنية، فالجدار لم يكن على الحدود بالضبط، وانما كان في الداخل التونسي، بعيدا عن الحدود بعشرات الكليمترات، ما يطرح التساؤل ويعيد الانشغال بقوة حول مصير الاراضي المجتزأة، ويغذي المخاوف من جديد حول امكانيات التفريط فيها.

تأتي العملية غداة ضربة سوسة الدموية، ومباشرة بعد اعلان حالة الطوارى، ولكن ايضا بعد دعوة صارخة من رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية، احد اعضاد المخلوع حاتم بن سالم، بفرض ادارة دولية على الاراضي الليبية، لمدة خمس سنوات كاملة، في شكل انتداب استعماري، والرجل له زاد في الدبلوماسية والعلاقات الدولية، ويبدو انه لا ينطق من فراغ، وسابقا اتحفنا بمقولته ان اسرائيل لا تشكل تهديدا استراتيجيا على العرب، كما ان ارتباط تعيينه بهذه التصريحات يطرح اكثر من سؤال.

عملية بناء الجدار فاجأت الحقيقة الجميع، ولم يثرها تقريبا اي احد في الداخل الا بعد ان كشفها رئيس الحكومة في حوار تلفزي قبل اسبوع، لنتفطن بعد حين انه تمت صفقات مع شركات اجنبية وتونسية، وان احد القنوات الفرنسية اكملت ريبورتاجا حول الامر، ولا ندري اصلا حتى من اين جاءت عشرات المليارات التي مولت المشروع، ولو ان الصيد قدم رقم 10 مليارات فقط، ما يدعم فرضية خارجية القرار.

الحقيقة انه لا جدال ان عمليتي الحرس الوطني، التي قتل فيها لقمان ابو صخر ومراد الغرسلي، كانتا قاسمتين لكتيبة عقبة ابن نافع، ولكن السؤال لماذا تمت احداهما منذ مدة غير بعيد والاخرى الان بالذات، ولماذا بهذه الدقة والسهولة، وكأن الاهداف في دائرة التحقيق، وتحركاتهم معلومة ومحددة بعناية كبيرة، والواقع ان التدخل الامريكي اصبح مكشوفا وجليا و الدرونز (الطائرات بدون طيار) الامريكية سجل وجودها الجميع في عديد المرات، ولكن السؤال لماذا لم يكن التدخل سوى الان!؟

الجميع يعلم ان المخابرات الامريكية لها متابعة شديدة لتحركات هذه المجموعات، ان لم يكن لها مساهمة في توجيهها، ولكن بعد ارباك الوضع الوطني وتأزم حال الحاكمين وطلبهم النجدة واقترابهم من الغرق، جاء المدد السخي، والثمن يبدو ليس هينا، وقد يكون وطنيا، واقليميا، وعلى ذلك كان الغضب الجزائري كبيرا، ودعمه سحب السفير لمدة معينة، ودخول الغنوشي على خط الطمأنة ، الذي لم يتحقق، ويوم الثلاثاء كانت زيارة لوزير الخارجية الجزائري، والمخاوف لا تزال كبيرة.

الحقيقة ان هدف الحد من تسرب الارهابيين من الحدود الليبية، عبر بناء الجدار، يبقى على مشروعيته هشا، فمن ناحية فاعلية الجدران العازلة عبر كل العالم تبقى ضعيفة، واجهزة الدولة مقصرة بصفة كبيرة ومنها المتواطئة مع تهريب الاسلحة التي دخلت للبلاد بمئات الالاف، وكذلك الارهابيين، عبر الية افرح بيّا ، والاجدى هو معالجة هذه الاخلالات قبل بناء جدار، احتجت عليه المنظمات الاجتماعية في بن قردان عبر بيان بتاريخ 12 جويلية الجاري، وايضا يوم الثلاثاء حكومة طرابلس، ما يعيد طرح الشكوك بقوة من جديد حول الهدف من بنائه.

وول ستريت جورنال علقت هذا الاسبوع بان امريكا ستنشر طائرات بدون طيار في شمال افريقيا لمتابعة داعش ، والامر هنا اتضح الى حد ما، فمع امضاء تونس لاتفاق الشريك الرئيسي غير العضو في الحلف الاطلسي ، وانطلاق بناء الجدار، بدات تظهر بعض الخيوط.

لتطرح من جديد مسألة بناء قواعد لوجستية او دائمة او مركز للـ درونز ، مع الاشارة ان معلومات شبه مؤكدة تثبت بناء قاعدة في رمادة منذ حكم الترويكا والمرزوقي، تتعلق بـ الدرونز ، واليوم يبدو الامر اكثر خطورة، مع الاتفاقيات الجديدة، وكذلك الوضع الاقليمي، وخاصة الليبي غداة امضاء اتفاق بين الفرقاء، احترز عليه الجانب الغربي الليبي في حكومة طرابلس.

نحن نتساءل بمشروعية حول بناء قواعد اطلسية في الحزام الخارج عن الجدار، او استغلاله لردم نفايات نووية او كيمياوية، او استغلال ثرواتنا الطبيعية، كما يطرح السؤال المشروع بالارتباط مع صرح به حاتم بن سالم حول الانتداب الدولي على شاكلة ما حصل في العراق، واستجلاب بول بريمر جديد، وهل ان هناك مخططا لافشال الحوار الليبي وتحميل المسؤولية لفجر ليبيا، ومن ثمة الدخول في عملية عسكرية لا يعلم احد عواقبها، ستكون تونس قاعدتها الاساسية.

والجدار العازل، فعلا سيكون عازلا امام احتجاج التونسيين على استباحة السيادة الوطنية، او تصدّعها اصلا، فقد تؤدي العملية العسكرية الى تأكيد احد الاهداف الخطيرة، المطروحة في المخططات الدولية التي تستهدف تقسيم البلدان على غرار السودان، وسوريا، والعراق، واليمن، وقد تكون تونس احد اهدافها الحاضرة، لفصل الجنوب العزيز، لا قدّر الله، بعد ارباك الامور!

(*) قانوني وناشط حقوقي



Comments


8 de 8 commentaires pour l'article 108823

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mardi 21 Juillet 2015 à 18:19           
Mandhouj (France)

Mandhouj  (France)  |Mercredi 15 Juillet 2015 à 20:09           
من البداية نددت بهذا الجدار "العازل" لكن ، كنت أظن أن الجدار يبعد بضع عشرات أمتار على الحدود الدولية ، لكن مع تهاطل الأخبار لنا الحق أن نعتقد ، أن الجريمة مخطط لها من قبل عملية سوسة الاجرامية ، فهي جريمة في حق الانسانية و ليست إرهاب . و بذلك لا نخطئ إذا نقول : أن نقول أن عملية سوسة مخطط لها عن بعد . على الشعب أن يستيقض و يضع حد لهذه المهزلة التاريخية .

Mandhouj  (France)  |Mercredi 15 Juillet 2015 à 20:00           
MOUSALIM (Tunisia) |Mercredi 15 Juillet 2015 à 04h 40m |
بصراحة ما يحدث في الجنوب التونسي هو استنساخ لقرطاج عليسة أو أليسا والفارق أن عليسة اقتطعت قرطاج لتسيطر على البحر المتوسط في حين أن قرطاج الجنوب هي للسيطرة على الصحراء بما أن الساتر الترابي يبعد عشرات الكيلومترات عن الحدود وطبعا هذا من أسرار إمضاء رجل أمريكا الجديد محسن مرزوق الذي يحاول تجميع كل السلطات التي تناثرت بعد هروب المخلوع وسيبدأ بإدخال السلطة القضائية لبيت الطاعة حتى يضمن السلامة لكتائبه الاعلامية من الملاحقة القانونية .وتبدو الولايات
المتحدة وبريطانيا وفرنسا هم عليسة الجنوب وهو ما يفسر شريط جريمة سوسة الأخير بعد الايقاع بالراقص المغدور في الكاميرا الخفية لتبرير قيام الكيان القرطاجني الجديد أو سبتة ومليلة جديدة .


وللحديث بقية
شكرا لك أيها المقاوم

UhibTunis  (Saudi Arabia)  |Mercredi 15 Juillet 2015 à 17:48           
رابسك تونس :

أكدت المنظمات الوطنية الثلاث، اتحاد الشغل واتحاد الفلاحة والصيد البحري واتحاد الصناعة والتجارة ببن قردان المجتمعة الليلة الماضية لتدراس موضوع الساتر التربي والخندق العازل الفاصل بين تونس وليبيا، على معاضدة للدولة في مجابهة الارهاب و ما تقوم به الحكومة حاليا من اشغال بالمنطقة العسكرية العازلة.
وطالبت المنضمات الثلاث الحكومة بوقف أشغال تهيئة الساتر التربي والخندق العازل الفاصل بين تونس وليبيا في اقرب وقت، مؤكدين أن للدولة العديد من الطرق للتصدي لظاهرة التهريب والارهاب وليس ببناء جدار عازل لم يتم احداثه جتى ابان الاستعمار.
وعبرت مكونات المجتمع المدني المذكورة بالجهة عن رفضها لهذا الجدار او الخندق العازل ملوحين بالتصعيد في احتجاتهم اذا لم تتوقف الاشغال في اقرب الاجال.

Chebbonatome  (Tunisia)  |Mercredi 15 Juillet 2015 à 11:04 | Par           
عن المصالحة الوطنية !!؟ حتى نخرج بأخف الأضرار نسمع الذاكرة الوطنية "في المال و لا في الأبدان موش في ساقي و لا في البلغة" اختلال موازين القوى لفائدة الطغمة الماسونية الصليبية الصهيونية المتحكمة في العالم يجعلنا نؤجل تحقيق أهدافنا راجعوا ماذا قال ليش فاليزا في زياراته الى تونس سنة 2011 حين قال " ثمن تحرر تونس غالي و لن تقدروا على دفعه" الصبر مفتاح الفرج

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mercredi 15 Juillet 2015 à 04:40           
بصراحة ما يحدث في الجنوب التونسي هو استنساخ لقرطاج عليسة أو أليسا والفارق أن عليسة اقتطعت قرطاج لتسيطر على البحر المتوسط في حين أن قرطاج الجنوب هي للسيطرة على الصحراء بما أن الساتر الترابي يبعد عشرات الكيلومترات عن الحدود وطبعا هذا من أسرار إمضاء رجل أمريكا الجديد محسن مرزوق الذي يحاول تجميع كل السلطات التي تناثرت بعد هروب المخلوع وسيبدأ بإدخال السلطة القضائية لبيت الطاعة حتى يضمن السلامة لكتائبه الاعلامية من الملاحقة القانونية .وتبدو الولايات
المتحدة وبريطانيا وفرنسا هم عليسة الجنوب وهو ما يفسر شريط جريمة سوسة الأخير بعد الايقاع بالراقص المغدور في الكاميرا الخفية لتبرير قيام الكيان القرطاجني الجديد أو سبتة ومليلة جديدة .

Sarramba  (France)  |Mercredi 15 Juillet 2015 à 02:39           
Je voudrais bien que l'on m'explique y a t il une Etude de sol préalable et dans que condition, avec quel matériel a été réalisée et quel sont les conclusion de faisabilité en matière de la solidité et de la nature du sous sol?

Quel est la chance de sérénité et de solidité de cet ouvrage par rapport à cet environnement très ostiole qui est le désert avec ses tempêtes et ses dune qui sont très mouvantes?

Quel l'estimation financière prenant compte de la spécificité des surcoûts de l'éloignement de la nature des travaux en milieu hostile????Je voudrais bien que l'on m'explique y a-t-il une Etude de sol préalable et dans que condition, avec quel matériel a été réalisée et quel sont les conclusions de faisabilité en matière de la solidité et de la nature du sous-sol?

Quel est la chance de pérennité et de solidité de cet ouvrage par rapport à cet environnement très ostiole qui est le désert avec ses tempêtes et ses dune qui sont très mouvantes?

Quel l'estimation financière prenant compte de la spécificité des surcoûts de l'éloignement de la nature des travaux en milieu hostile (acheminement du matériel, des matériaux, des machines et des hommes et leur logement et nourriture quotidienne)???? La mécanique et les engins résisteront il au sable……

Quel sont les délais des travaux? Etc, Etc, Etc,
C’est une plaisanterie !!!!!?????


Quel sont les délais des travaux? Etc, Etc, Etc,

Ridha Abbassi  (Tunisia)  |Mercredi 15 Juillet 2015 à 01:53 | Par           
Brabbi ija ana wayek nemchou na7tallou Amérique wella au moins on leur démontre qu'on est un pays tres fort et un peuple INTELLIGENT. Que nous sommes maître de notre situation. Drôme; c'est déjà pas mal q'on sait prononcer le nom, cela bien sûr s' il est correct. Mon ami nous sommes loin de la vérité.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female