هل ستتدخل فرنسا في التحقيق في عملية باردو؟

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/museebardo2.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

امام غياب واضح للنيابة العمومية لانارة الراي العام واغراق الحكومة والناطق الرسمي للداخلية الساحة بسيل من المعلومات المشوّهة المتناقضة كان منتظرا دخول بعض الدول مثل امريكا وفرنسا على الخط لاقتراح مشاركتها في التحقيق في عملية باردو خاصة وان الاخيرة سقط لها الكثيرون من رعاياها بين قتلى وجرحى بمتحف باردو (3 قتلى وجريح حسب بلاغ وزارة الصحة بتاريخ 21 مارس 2015).





فضيحة موصومة بقدوم وزراء ومسؤولين عاليين اجانب وطلب (بل فرض على الاغلب) مشاركة بلدانهم في التحقيق حول حقيقة الحادثة ولو انهم قاموا بطلاء طلب (فرض) المشاركة بمسحة من الديبلوماسة عبر كلمة ان طلبت منا الحكومة التونسية لتجنب حصول امتعاض وبالتالي رفض من الاعلام والراي العام التونسي.

والحقيقة ان كل دولة ذات سيادة وتحترم مواطنيها لا يمكن امام سقوط عدد مرتفع من رعاياها في عملية ظلت محفوفة بالالغاز والاستفهامات ان تحافظ على برودة دمها ولا تتحرك.

الواقع ان التحقيق الدولي المشترك في مثل هذه الحوادث تاريخيا وقانونيا ودبلوماسيا يحصل في عديد البلدان ولكن ما يزعج وما لا يمكن قبوله هو ان يكون مفروضا.

وفرض التحقيق الدولي هو دليل عجز مزدوج في السيادة الوطنية، عجز واضح للدولة عن كشف الحقيقة ونشر الملابسات وتحديد المسؤوليات وخاصة معالم التقصير الفادحة، وعجز واضح للدولة بالرضوخ امام فرض التدخل ولو بطريقة ناعمة .

وجريدة Le Figaro الفرنسية في عددها الالكتروني منذ 19 مارس مساء اكدت استعداد قاض مختص في الارهاب وضباط امن قضائيين فرنسيين للتحوّل لتونس حتى قبل وصول وزير الداخلية الفرنسي Caseneuve الى تونس وقبل توجيه طلب المساعدة القضائية للسلطات التونسية المستوجب ويبدو ان الامر قضي ، ونتمنى ان يتوقف في حدود الحضور و استغلال المعطيات التي يجمعها القاضي التونسي الذي يمتلك السلطة الحصرية، وذلك دون تدخل مباشر، وحصر الامر في حدود الضحايا والجرحى الفرنسيين.

عديد الالغاز حفت بعملية باردو ولازلت لم تفكك، مثلها مثل الالغاز التي حفت بالعمليات السابقة، حول الثغرة التي سمحت بدخول مسلحين بحافظات على الظهر، وحول التصريح الرسمي بموت عاملة بالمتحف، والتصريح الرسمي بموت عامل سياحي، وايضا التصريح الخاطىء (حتى لا نقول امرا آخر) لرئيس الحكومة والناطق الرسمي للداخلية حول لباس منفذي الجريمة العسكري ، والبطء الكبير في تحديد جنسيات بعض الضحايا، وحول التصريح بتمشيط كامل المتحف بعد اعلان انتهاء قتل منفذي العملية قبل اكتشاف سائحين وعامل بعد ليلة كاملة اختبؤوا بقبو وقبر.

كل ذلك وعديد الاستفهامات التي لازالت عالقة، تضاف اليها الغاز عديدة سابقة لم تفكك على غرار ما حدث في منزل وزير الداخلية السابق بن جدو او ما حدث في عملية بولبابة وغيرها من العمليات التي بقيت غريبة الاطوار.

بعض الشهادات نفت ان القتيلين الذين ظهرت صورهما على مواقع التواصل الاجتماعي هما من نفذا عملية باردو، وتدخل حاكم التحقيق المتعهد بالقضية لمنع نشر شهادة احدى الفتيات في برنامج لاباس على قناة الحوار التونسي التي شاهدت منفذي العملية ونفت ان يكونا القتيلين الذين ظهرا في الصور عمق الاستفهامات، اذ اعقبت الداخلية على صفحتها في الفايسبوك بنشر فيديو لنقض الشهادة ولا ندري حقا لماذا لم يقع ترك الشهادة تبث ومواجهتها بالفيديو وترك الحرية للمشاهد لتقييم الحقيقة، وحتى التذرع بالتاثير على سير التحقيق فلم يكن مقنعا اذا ما علمنا ان عديد الشهادات الاخرى تم بثها ولم يمنع نشرها.

في هذا الاطار المعقّد والمتضارب حول فهم الحقيقة واقامة العدالة، اتت الدعوات الدولية بالمشاركة في التحقيق في العملية الاجرامية، وهي ليست الاولى اذ سبق للولايات المتحدة التدخل حتى بالبحث المباشر مع متهمين لدى القضاء التونسي في الاحداث المتعلقة بسفارة الولايات المتحدة في سنة 2013، وهي منتظرة، وحتى ان لم يتم اعلانها رسميا فستكون غير مكشوفة.

اضافة للتقصير والاخلال الذي تم اقراره من الحكومة والداخلية، ويوم الاحد من رئيس الجمهورية، برزت اتهامات مباشرة بالتخاذل وحتى التواطؤ الى حد التآمر من الداخلية او من قوى اخرى وحتى من بلدان اجنبية، كما وجدت اتهامات حول امكانية تفادي العدد الكبير من القتلى والجرحى الذي قارب السبعين حسب الرواية الرسمية، والمطلوب بالحاح هو تدخل النيابة العمومية على غرار ما حدث بفرنسا لتقديم التفسيرات المستوجبة خاصة وان المسألة لا تخص تونس ومرتبطة بدول اخرى.

الناطق الرسمي للداخلية محمد علي العروي اطنب في الاتصال المضر بالداخلية والحقيقة والمصلحة الوطنية، كما انه عادة ما يندفع في مداخلات شعبوية مناهضة لحقوق الانسان، ما اضطر تدخل النيابة العمومية في احد الحالات، والحقيقة انه في كل مرة يثبت حتى عدم معرفته ببعض القوانين فضلا عن قواعد الاتصال والاعلام، وفي عملية باردو الاجرامية قدم ارقام واعداد وحيثيات كانت متناقضة وخاطئة في حين لم يكن مطالبا اصلا بتقديمها مثل عدد المحتجزين وعدد الحافلات.

كما ان السماح للمواطنين والاعلاميين بالتواجد في محيط العملية ونقل صور مباشرة لم نجد له مبررا خاصة وان بعض التغطيات والمعلومات عرضت حياة المحتجزين والمتواجدين بمكان الجريمة للخطر كما عرضت الامنيين للخطر، وما كان مقبولا السماح في محيط الجريمة القريبة تعريض حياة المواطنين للخطر وكذلك الاعلاميين الذين كانوا في مرمى نيران منفذي جريمة المتحف، وكان تجمع المواطنين والاعلاميين معرقلا حتى لدخول وخروج الاسعاف وللتدخل الامني فضلا عن تصوير اسرار العمليات الامنية والسيارات المستعملة والمسؤولين المتدخلين.

في فرنسا، في عملية شارلي ايبدو وما ارتبط بها من احداث، شاهدنا قواعد تحصين محيط التدخل الامني العسكري الطبي والاسعافي، والحيطة في حماية كل الاطراف، كما ان الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري CSA قدمت قواعد التغطية الاعلامية عبر جملة من العقوبات وصلت الى 38 شملت 16 بين اذاعات وفضائيات، وهي تتمحور اساسا حول حماية النظام العام و عدم تعريض حياة الامنيين والمخطوفين للخطر وايضا احترام كرامة الضحايا ومشاعر اقربائهم .

فعلا ما حدث يستوجب تقييم معمق على كل المستويات واعادة صياغة الخطط المستوجبة خاصة في المجال الاتصالي الاعلامي الذي اصبح دقيقا وحساسا ويمثل محورا اساسيا في التدخل الامني العسكري في مثل هذه الحالات، كما ان تحديد ضوابط التواجد في مكان التدخل في علاقة بالمواطنين والاعلاميين وجب ان تكون قواعده دقيقة تجمع بين تحقيق مستلزمات الفعالية وحماية الارواح ونشر المعلومة واقامة العدالة والحقوق، ويتضح ان تدخل القضاء في زمن التدخل الميداني وبعده بتقديم المعطيات المستوجبة اصبح اليوم ضرورة خاصة مع تآكل مصداقية الروايات الرسمية من الداخلية والحكومة، واهمية الحاجة العميقة للخبر الذي يمكن ان يتحول التعاطي معه بطريقة خاطئة الى تعريض النظام العام للتهديد.

(*) قانوني وناشط حقوقي


Comments


10 de 10 commentaires pour l'article 102173

Azzah  (France)  |Mercredi 25 Mars 2015 à 17:39           
Suite...

Ce lien de valet s'affiche ouvertement dans cette plaque de marbre où ne figure nul caractère arabe : Le français a pris la place de notre langue, et l'anglais s'affiche en tant que langue étrangère.

Dans un pays libre, c'est la langue nationale qui s'affiche en haut et en grands caractères, puis vient la langue étragnère.

Si la Tunisie tait vraiemtn libre, libérée, indépendante, cette plaque de marbre aurait porté d'abord l'identité du lieu en arabe et en grands caractères au-dessus de sa présentation d'une langue étrangère.


UhibTunis  (Saudi Arabia)  |Lundi 23 Mars 2015 à 16:37           
أين اللغة العربية على اللوحة؟
وأسفاه

HERISSON  (Tunisia)  |Lundi 23 Mars 2015 à 14:12           
السلام عليكم
كيف لا تتدخل فرنسا ومن معها والحال أن "علامة المدخل" لم
يتم وضع متحف باردو باللغة العربية؟
من الجزئيات الصغيرة رحلة لفهم الأكبر ثم الأكبر

Incuore  (Tunisia)  |Lundi 23 Mars 2015 à 13:03 | Par           
لأول مرة يحصل تدخل أمني ضد مجرمين بحضور المناصرين و الامر من ذلك غياب قيادة موحدة قادرة على السيطرة على البلاد في حال الخطر الشديد اذا كان يمكن للنقابي الأمني و للإعلامي ان يتدخل بالدعاية و التهويل و محاولة ضع اليد على الدولة ببث البلبلة فكيف يمكن وضع حد للتدخل الأجنبي ؟ في احداث قفصة لم نسمع بما حدث إلا بعد يومين و في حادثة سليمان بعد أسابيع و كانت هذه الصحافة تتحدث عن العصافير اما اليوم فإنها توقد النار راجع ما أتى في المصور و الصباح الأسبوعي و التونسية التي أتت بنكرة تقول عنه خبير عالمي لانه يتماشى مع رغباتهم الخبيثة سيطروا على الوضع داخليا بتطبيق المبادئ او أخلاقيات المهن من أعلام و أمن حينها يمكن التصدي للخارج

Abou57  (France)  |Lundi 23 Mars 2015 à 12:43 | Par           
Les ex ben Ali et les syndicats pour revenir à l'arrière NON ET NON votre fin et proche très proche

MURAQIB  (United States)  |Lundi 23 Mars 2015 à 12:37           
المعلومات المتضاربة والصادرة من عدة أطراف مسؤولة وغير مسؤولة تدل على وجود إخلالات خطيرة تمس من مصداقية الجهاز الأمني. يجب معالجة هذه المشاكل بكل جدية وشفافية وتقديم إجابات مقنعة على التساؤلات التي تحوم حول آداء الجهاز الأمني في مجزرة باردو الأليمة.

Nouri  (Switzerland)  |Lundi 23 Mars 2015 à 12:22           
فرنسا ليست افضل من تونس هناك العديد من الخلل التي قاموا بها الفرنسيون في التحقيق في عملية شارل هبدو

MOUSALIM  (Tunisia)  |Lundi 23 Mars 2015 à 11:43           
فوضى التصريحات غيبت الحقيقة والسلطة ترفض تقديم تفسير مقنع يشفي الغليل ومع مرور الوقت يزداد الغموض بدل السعي لتبديده فلم نسمع مثلا تكذيبا لما نشرته الشروق من الأمنيين راسلوا وزارة الداخلية قبل يوم من أحداث المتحف الدموية بوجود هجوم على مبنى البرلمان خلال ساعات لكن الوزارة رفضت الاستجابة ونقابي أمني يصرح ردا على بقاء سائحين بقبو المتحف ليلة كاملة بأن الأمن كان يعلم بوجود ارهابيين اثنين وتم القضاء عليهما والتمشيط هي مهمة الحراس والقائمين على المتحف
ولكن بعد هذا التصريخ يصرح السبسي بأن هناك ارهابي ثالث جاري البحث عنه فضلا على الشريط الذي يظهر ارهابيين يستعدان للمواجهة في مكان خال في حين أن المواجهة بدأت خارج المتحف وتصدى لها الأمنيون في محيط البرلمان لتتواصل داخل المتحف وهي النقطة القاتلة في الشريط .

Labrados  (Tunisia)  |Lundi 23 Mars 2015 à 10:57           
فعلا الكثير من الاستفهامات حول الاحداث التي حفت بالعمليات الارهابية تبقى غامضة وتزيد في تعقيدها فتح الباب على مصراعيه لتدخل العديد من الاطراف بخلفياتها المشبوهة في الاعمال التحقيقية

Jraidawalasfour  (Switzerland)  |Lundi 23 Mars 2015 à 10:52           
قائد السبسي يقر بوجود ''خلل'' أمني في تونس
الرجاء ايجابيــــــــات لمستقبل الأجيـــــــــــال القادمة...أين مشاريـــــعـــــكم للبلد اذا كانت رغبتكم خدمـــــــــــة الشعب......
أين النيابة العمومية وأين القضاء....
ومن المسؤول عن هذا الخلل ...أو نعترف بكثرة الإخللات وتحمل كل التبعات وتسقيل الحكومة والوزراء المسؤولين على الأمن والسياحة لعدم التنسيق في تبادل المعلومات في بلد يحارب الإرهاب والإضرابات والإعتصامات والإحتجاجات...
ومـــــــــــافيـــــــــات تخريـــــــــــب الإقتصـــــــــــــــاد
....لا بد من كشف المستــــــــــور..والمقبـــــــور حتى تتضح الأمـــــــــور


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female