في المتاجرين بالدّين

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/moutajirribiddinexx.jpg width=100 align=left border=0>


منجي المازني

من المعلوم أنّ التجارة عمل مباح و مشروع وهي تشمل كلّ المجالات حيث يستطيع كلّ من أراد تعاطي التجارة أن يختصّ في مجال ما. ولكنّ بعض النّاس من ذوي الطّبائع الخبيثة والأخلاق السيّئة ومن ذوي الهمم المتدنّية الذين تربّوا في حضن وموائد الاستبداد والذين استمرؤوا التزلّف والتمسكن والرّكون إلى الظّلمة لا يستحيون ولا يتورّعون في أن يتاجروا بكلّ شيء حتّى وإن كان حراما أو ممنوعا ولا يجوز الاتّجار أو المتاجرة به شرعا وقانونا وعرفا. فمن هؤلاء من يتاجر بالأخلاق وينخرط في بيع ونشر أفلام الرّذيلة والأغاني الهابطة والكليبات المائعة والخليعة على أوسع نطاق وعلى مدار اللّيل والنّهار ودون كلل ولا ملل. ومنهم من يتاجر في أعراض النّاس ونشر غسيلهم على الهواء مباشرة على غرار برنامج عندي ما انقلك وبرنامج المسامح كريم ونحو ذلك. ومنهم من يصل إلى المتاجرة بالدّين جملة وتفصيلا. ومنهم من يكوّن شركة أو قناة تختصّ في التّجارة في كلّ هذه الأنواع من التّجارة.

...

بالنّسبة لهؤلاء التّجّار يمثّل الدّين -والدّين الإسلامي بالخصوص- أغلى ما يمكن أن يتاجروا به لأنّ الإسلام يمثّل بالنّسبة لهم أكبر مصدر للحرفاء لا باعتباره دين السواد الأعظم من الشعب فحسب بل وكذلك بحكم قدسيته ومكانته العظيمة في قلوب النّاس ممّا ييسّر على هؤلاء التّجّار استقطابهم دون عناء كبير.
في زمن الاستبداد لم يكتف هؤلاء التّجّار في التّجارة بالدّين بل أضافوا إلى ذلك ممارستهم لأكبر عملية احتكار ممكنة، حيث نسبوا لأنفسهم احتكار فهم وتأويل الدّين والنّصوص الدّينية من دون بقية النّاس. وباعوا كلّ ذلك للسلطان وللحاكم المستبد وقبضوا في سبيل ذلك أموالا طائلة(بنظرهم). ومن بين ما قالوا في هذا السّياق أنّ الدّين هو علاقة بين الإنسان وربّه ولا دخل له في السّياسة ولا في تنظيم شؤون النّاس. واتّهموا كلّ من خالفهم الرّأي بالتطرّف والتحجّر وبالتحيّل على النّاس واستغلال الدّين لأغراض سياسية ومآرب شخصية. ثمّ ما لبثوا أن تمكّنوا من إبرام عقود حصرية ومفتوحة مع الاستبداد ترعى هذه الأفكار بالتعهد والصيانة حتّى تظل هذه المفاهيم راسخة على الدّوام في أذهان النّاس. حيث لم يخل برنامج ولم تخل نشرة أخبار ولم تخل مائدة مستديرة من هذه الأفكار الهدّامة وهذه الاتهامات الباطلة حتّى فرضوها على النّاس فرضا وحتّى غدت وكأنّها أركان وركائز من ركائز هذا الدّين.
يذكر أنّه مع اندلاع الثورة وسقوط عرش الاستبداد انهارت كلّ الاتفاقيات المعلنة والغير معلنة في عهده ووجد الجماعة أنفسهم في ضيق وكرب عظيمين وخسارة فادحة كما أنّه لن يكون باستطاعتهم مستقبلا تسويغ هذا الدّين لجهة وحيدة . ففكّروا إذن ونظروا في الأمر مليا فلم يجدوا أفضل من مواصلة العمل بهذا النوع من التجارة - لأنّهم لا يتقنون غيره - وذلك باتباع وسائل جديدة وعن طريق استعمال تقنيات وأساليب جديدة تناسب دقّة المرحلة وحالة السّوق. ولأنّهم لن يتمكّنوا من بيع هذا الدّين جملة واحدة للاستبداد هذه المرّة اتفقوا بدل ذلك على بيعه بالتّفصيل لجميع النّاس عن طريق الإشهار والضّجّات الإعلامية عبر إثارة وشدّ المشاهد باستدعاء مفكّرين إسلاميين مزيّفين من قبيل محمّد الطالبي ويوسف صدّيق يتقوّلون على الإسلام بما ليس فيه. قال الله تعالى : اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( التوبة الآية 9.





   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 101875

NOURMAHMOUD  (Tunisia)  |Mardi 17 Mars 2015 à 17h 04m |           
باستثناء الأحكام القطعية الورود والدلالة ( كأركان العقيدة وأركان الإسلام- العبادات - وكبائر الإثم و المحرم قطعيا و الأحكام القطعية ) فإن مجال الاجتهاد مفتوح- لمن توفرت فيه شروطه - و لا يحتكره أحد خاصة ما يشمل الأحكام ظنية الورود والدلالة و ما أنتجه الفكر الإسلامي عبر القرون من اجتهادات و بذلك تتحقق مقولة أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان.


babnet
All Radio in One    
*.*.*