نحن عبد المعين

<img src=http://www.babnet.net/images/clownxx.gif width=100 align=left border=0>


من نِعم الله على المنطقة العربية أنها خالية من الكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير والزلازل والبراكين والفيضانات المدمرة.. نعم حدثت زلازل في اليمن والجزائر والمغرب، ولكنها كانت ذات تأثير محدود نسبيا، ويشهد السودان بين الحين والآخر فيضانات، ولكنها لا تأتي دون سابق إنذار، بل هناك مراصد لمناسيب المياه في النيل تستطيع أن تحدد أي المناطق ستتأثر بارتفاع مناسيب المياه، ومن ثم فإن تلك الفيضانات لا تسبب في غالب الأحيان خسائر في الأرواح، ولكنها تحدث دمارا ماديا واقتصاديا هائلا لأن السودان وبحكم عضويته في الجامعة العربية يعمل بمنطق لكل حادث حديث، بمعنى أنه ينتظر وقوع البلاء قبل التحرك لاحتواء آثاره، عوضا عن التحسب والاحتياط له،.. فالله أكرم من أن يبتلي العرب بالكوارث الطبيعية، وهم سلفا يعيشون في أوضاع كارثية في النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فنحن شعوب تغرق في شبر ماء، يتأخر المطر عنا قليلا فنتداعى لصلاة الاستسقاء، ويستجيب الله لصلواتنا وتنزل زخات من المطر ونكتشف أن سلطات البلديات في مدننا بأبراجها الشاهقة المستنسخة من منهاتن بنيويورك تصلي داعية الله أن يوقف المطر حتى لا ينفضح حال شبكات المجاري والصرف الصحي.. وعلى كل حال فلدينا كارثة من صنع البشر لا يجدي معها استنفار المجتمع الدولي أو طلب الإغاثة، فعدد ضحايا حوادث الطرق في الدول العربية وحدها في سنة واحدة، أكبر من عدد ضحايا الأعاصير التي تضرب جزر وسواحل الكاريبي خلال أربع سنوات بمعدل ثلاث مرات سنويا! وأعجب كثيرا لوجود جمعيات لمكافحة المخدرات والتدخين والخمور في تلك الدول ولكن أمر الحد من الاستهتار بالأرواح في الشوارع، متروك لشرطة المرور، وهذا كأن ترفع يدك عن تربية عيالك وتوكل الأمر للمدرسة،.. ومن الأمور المألوفة أن يقوم شاب صغير بتحطيم سيارة باهظة الثمن وهو يمارس الحمق والبله والعبث بالأرواح، فيكون حزنه على السيارة أكبر من حزنه على من آذاهم، ويكون الهم الأول لأهله تطييب خاطره: ولا يهمك،.. باكر تشتري سيارة أحسن منها.

باختصار نحن لسنا مهيئين للتعامل مع أي كارثة طبيعية،.. وإذا حدثت كارثة من ذلك القبيل تحولت إلى مناسبة لكبار المسؤولين ليملأوا الشاشات وعودا و"نقودا افتراضية"، وانظر ماذا يحدث عندما يقع حادث مروري كبير،.. قد تصل سيارات الشرطة والإسعاف مكان الحادث في زمن قياسي، ولكنهم لا ينجحون في إنقاذ من يحتاج إلى إنقاذ في زمن قياسي لأن جمهور الفضوليين يحاصر الموقع ويجعل عمل المسعفين والشرطة عسيرا.. ثم انظر كيف نتعامل مع الكوارث التي تحيق بالشعوب الأخرى: نكتفي في غالب الأحوال بقول "حوالينا ولا علينا يا رب"، ونمعن النظر لنرى منظمات الإغاثة "الصليبية" وقد أعلنت عن خططها وحركت عناصرها، في غضون ساعات من وقوع الكارثة أينما كان مكان حدوثها! ونحن عندنا كوارث مستدامة في الصومال وجنوب وغرب السودان ولم نعد قادرين حتى على قول كلمة تعاطف للمنكوبين هناك.. ومعنا "حق" فجميعنا "عبد المعين" الذي ينتظر من يعينه، والكارثة ليست بالضرورة فيضانات وزلازل وأعاصير، وما عندنا من كوارث ليس خافيا على أحد، ولكنها من النوع الذي لا تجدي معه الوجبات المعلبة والعقاقير الطبية والخيام والأغطية!

جعفر عباس


2812042879







Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 2038


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female