الفجل يهزم الطب

<img src=http://www.babnet.net/images/2/clown75.gif width=100 align=left border=0>


في غياب ضوابط مهنية مدونة وملزمة تستطيع أي صحيفة عربية نشر ما تشاء من تقارير (بعيدا عن السياسة وشؤون الحكم)، ومن حق أي صحفي أن يوزع الألقاب كما يشاء بالجاروف أو التانكر: هذا خبير وذاك مفكر وثالث مخترع وقد تفشت أخيراً موضة التطبيل للعشابين والعطارين، وهم باعة الأعشاب ذات القيمة الدوائية، وكل واحد منهم يسبق اسمه لقب "خبير الأعشاب الطبية"، وكل واحد منهم يحذرنا من الدجالين "الدخلاء على المهنة"، ثم يتطوع ليقول لنا كلاما من فصيلة خارم بارم عن كيف نجح في علاج الإيدز والسكري والسرطان والإسهال والإمساك: هات ربطة بصل واتركها في الماء لمدة أسبوع، ثم اسكب الماء في السيفون وقم بإلقاء البصل في الزبالة، وتجيب ربطة نعناع وتطحنها مع ثلاثة جرامات من الثوم وملعقتين من العسل (العسل يضفي مصداقية على كل الوصفات لثبوت نجاعته الطبية في عدد من الأمراض)، ثم صب الخليط في كوب من الكابوتشينو البارد وأضف إليه ملعقتين من مسحوق نبتة الشبرقط (وجود اسم نبتة غريبة، ولو كانت وهمية مثل الشبرقط يضفي سحرا خاصا على الوصفة) وامسح به وجهك على الريق (هذه عبارة سحرية عند بلطجية الطب البديل) لتتخلص من التهاب القولون! ورغم هذا فلا جهة طبية أو تابعة للبلدية تتحرك لإسكات باعة الوهم، ولا هناك رقيب على الصحف يمنعها من تسويق الوهم (لأن الرقيب الأصلي مو فاضي، كان الله في عونه.. وبالمناسبة فإن الرقيب يعيش في رعب أكثر من الصحفيين فأي سهو كده وللا كده سيدفع هو الثمن ومن ثم فإنه يكون متشددا لضمان سلامته ووظيفته)! ومن المؤكد أن كثيراً من الأعشاب والخضر والفواكه لها قيمة وخواص علاجية، ومن المؤكد أن بعض العوام الذين لم ينالوا أي نوع من الشهادات يعرفون خواص الأعشاب المسماة طبية وكيفية استخدامها، ولكن المسألة صارت وباء مستشريا فلا يمر يوم دون أن تخرج علينا صحيفة بخبير أعشاب "بتاع كله" له وصفات تعالج كل شيء،.. وقد قرأت في صحيفة خليجية قبل يومين كلاما لعطار/عشّاب يقول فيه إن الفجل يعالج أمراض الصدر والعظام والمعدة والكبد والنقرس والمرارة والجلد والربو والروماتيزم المفصلي وعرق النسا وحصى المرارة والمثانة والمغص الكلوي واليرقان (الصفراء) والقصور الهضمي وتقصف الأظافر وتآكل الأسنان!! تقرأ كلاما كهذا فتقرر أن تزرع الفجل تحت السرير، وترغم عيالك على أكل وحمل سندويتشات الفجل معهم إلى المدرسة، ويأتي ضيوفك فتقدم لهم عصير الفجل، ثم الشاي بنكهة الفجل،.. وتتذكر أن ولدك الأكبر يدرس الطب وأن ابن أخيك يدرس الصيدلة فتأمرهما بترك الدراسة والتركيز على زراعة الفجل في الحوش الخلفي،.. ويحذو الآخرون حذوك بعد أن يذيع سر الفجل فيتحول كل بيت إلى مستشفى وصيدلية فتبور بضاعة الأطباء، ويصبحون مشردين فنقوم بتحويل المستشفيات إلى مشاتل للفجل.. من أغرب ما قاله ذلك "الخبير" إن الفجل يعالج العجز الجنسي، وعلى مسؤوليتي: لا تأكل فجلا وتجلس قريبا من شخص تحبه، ولو كان طفلا عمره شهران، لأنك ستسبب له نوبة قلبية، فرائحة الفجل مثل رائحة سمكة مبهرة بالثوم ومتروكة تحت الشمس لمدة شهر.

جعفر عباس









Al Watan



Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 1659


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female