بقلم: برهان بسيس ...فرنسا الغاضبة

<img src=http://www.babnet.net/images/2/bsais.jpg width=100 align=left border=0>


مواجهة النشيد الوطني الفرنسي بالتصفير والصياح بمناسبة لقاء الكرة الأخير بين تونس وفرنسا أطلق موجة غضب حكومي فرنسي استدعى اتخاذ اجراءات ردعيّة مستقبليّة بتوجيه من الرئيس ساركوزي الذي كان أوّل المعبّرين عن الاستنكار والصدمة والغضب.



الأكيد أن عدم احترام النشيد الوطني مسألة مستهجنة لا يمكن قبولها لكن بعيدا عن موجة المواقف الأخلاقية الشرعية التي سرعان ما تتقاذفها حسابات السياسة بين اليمين واليسار من الجدّي أن تطرح الأسباب والمبرّرات لمثل هذا الفعل المشين للبحث والتحليل.




من اللاّفت أن التصفير على النشيد الوطني الفرنسي في الملعب الفرنسي كان بانجاز فرنسي من مواطنين فرنسيين غالبا ما فاخرت الجمهورية بسياساتها الإدماجيّة تجاههم تلك التي منحت أجيالا من المهاجرين (وخاصة المغاربيين) صفتهم كمواطنين فرنسيين كاملي شروط المواطنة في وجهها المشطور بين الحق والواجب.

واللاّفت أيضا أن مثل هذه الممارسة في حق النشيد الفرنسي لم تقتصر على لقاءات الكرة بين فرنسا وبلدان المغرب العربي بل عرفتها أيضا لقاءات داخليّة بمثل ما حدث أثناء احدى أدوار النهائي لكأس فرنسا حين اضطر الرئيس شيراك آنذاك الى الانسحاب من المنصّة الرسميّة غضبا من تعمّد أنصار فريق باستيا الفرنسي الصياح والتصفير أثناء عزف النشيد.

الأمثلة تؤكد أن فرنسا تعاني اشكالات اندماج حقيقيّة فشلت معظم السياسات المعتمدة سواء عبر حكومات اليمين أو اليسار في وضع وصياغة حلول لها. بل إنه من الواضح ان سياسة الرئيس ساركوزي تحديدا القريبة من شعارات أقصى اليمين في صداميّتها وتركيزها على نهج الصرامة الأمنية في التعاطي مع مظاهر الانحراف التي أنتجها خلل الإندماج، هذه السياسة بالذّات ستواجه معضلات حقيقية في الاجابة عن أسئلة الادماج والتعايش التي لا تكتسب اهميّتها بالنسبة لمجتمع مثل فرنسا آنيّا وحاضرا بل يبدو أن مستقبل مجتمع وثقافة وجمهورية لن يتحدّد غير بعيد عن جوهر هذه الإشكالات والأسئلة.

التركيز على الادماج الرمزي في بعده الفوقي الاستعراضي لأبناء أجيال الهجرة الحامل لعدد من بناته وأبنائه الى مواقع متقدّمة في أجهزة السلطة الفرنسية لا يمكن ان ينسي القطاع الواسع من شباب هذا الجيل أن ألوان الجمهورية وأناشيدها لا تكاد تطمس كلمات رئيس الجمهوريّة حين كان مسؤولا اوّلا عن الأمن وهو يصف شباب الضّواحي «بالأوباش».

فعلها «الأوباش» مرة ثانية، ها هم الآن يحرقون القلوب والمشاعر والذوق المدني بعد ان كانوا أحرقوا منذ سنوات سيارات الضواحي، سيمثل هؤلاء مشاكل فرنسا الحقيقية حاضرا ومستقبلا أهم بكثير من مشاكل الأزمة المالية بل في علاقة وثيقة بتداعياتها على قضايا النمو الاقتصادي وبالتالي تنمية المجتمع وقدراته الإدماجيّة.

غضب الحكومة لن يحل المشاكل الكامنة في المجتمع، تلك الأعمق من مدارج ملاعب الكرة والأسذج من أن تختزل في قرارات كرويّة لن تقدر على الاجابة عن أسئلة تبدأ من مباراة رياضية لكنها تتداعى الى عمق الذاكرة والتاريخ الذي يأبى الا ان تلاحق لعناته الحاضر لتزيده تمزقا وتعطي لجروحه مزيدا من التأجّح على وقع آلام الإندماج ومطالب المساواة وبعض نداءات المحاسبة حتى لا تدفن الذاكرة.

هل يستطيع الرئيس ساركوزي أن يفهم الآن معنى أن تمتعض شعوب بأكملها في المغرب العربي حين تراه مصرّا على رفض تقديم مجرّد كلمات اعتذار في حق ضحايا من البشر لتجربة استعمار مهين؟!

ورغم ذلك فإن اهانة النشيد لا تليق!!



The player will show in this paragraph






Comments


6 de 6 commentaires pour l'article 14277

Slim  (slm)  |Lundi 20 Octobre 2008 à 21:29           
مبروك برهان لقد بدأت تقنع بكتابتك فلا تعد إلى ما ليس لك فيه ناقة ولا جمل (أقصد الدين والسياسة )

Tounsi-basta  (anisnis@hotmail.fr)  |Lundi 20 Octobre 2008 à 18:11           
La coupe de France 2002 ya chadi. Je l'avais regardé dc je peux t assurer que c'était pire que tt le bla bla qui a éclaté autour de cette histoire interne à la France

Chadi  (chadi1101@yahoo.fr)  |Lundi 20 Octobre 2008 à 09:01           
******* manetfakerech bastia a joué une final de la coupe de france quand chirac eté^president c c vrai brabi 9ololi kel année ???

Farid  (farid)  |Lundi 20 Octobre 2008 à 08:41           
BASTA.On a assez commente .

Naim  (gflgui;[;)  |Lundi 20 Octobre 2008 à 08:22           
*************.
ah ok ils deviendrons tunisiens l'ete prochain quand ils apporterons un peu de devises.
wallahi c'est lamentable.

تونسي واقعيAlbaji  (simonfrere@yahoo.fr)  |Lundi 20 Octobre 2008 à 01:58           
(بانجاز فرنسي من مواطنين فرنسيين)
لا يا مستر بسيس لا تحرق الغربال باشعة الشمس :بل كان بانجاز تونسي من
مواطنين تونسيين يعيشون في فرنسا
ويشعرون بل يعتزون أنهم تونسيين أب عن جد تمارس عليهم أشكال من العنصرية الحكومية الفرنسية شانها شان أمثالك
ولولا دفء قلوب أمهات تونس لترك هذا البلد العزيز كما فعل اليهود ليعاودعهم شوقها وحنينها في كل مكان وزمان
دافعوا عن ابناءكم فالداخل والخارج ولا تستنكرينهم حتى لا نستمع لصفير وزفير




babnet
*.*.*
All Radio in One