كيف يكون التبطل تحضُّرا؟

<img src=http://www.babnet.net/images/6/salade.jpg width=100 align=left border=0>


جعفر عباس
الوطن



خلال برنامج تلفزيوني قالت سيدة خليجية إن 90% من النساء في بلدها لا يدخلن المطبخ.. وما كانت تعنيه هو أن النساء في بلدها أصبحن متحررات ومتحضرات باعتبار أن العمل المنزلي نوع من السخرة ينبغي على المرأة أن تتحرر منه، وحقيقة الأمر أن النساء في ذلك البلد وغيره أصبحن بعيدات عن الأعمال المنزلية لأن الخادمات استولين على مناصب ربات البيوت فهن مسؤولات عن تجهيز العيال للمدرسة صباحا وإعادتهم إلى البيوت عصرا، وغسل الملابس، وإعداد الطعام وتنظيف البيوت واستقبال الضيوف وتلبية طلباتهم، ومن ثم فقد أصبحت الخادمة في بيوت كثيرة هي الكل في الكل، وتهدد بالاستقالة فتصاب الزوجة بالهلع وتكاد أن تبوس يد الخادمة كي تبقى معها، وشيئا فشيئا ظهرت الخادمة التي تستعين بـ"خادمة"، فهناك خادمة أساسية ومعها أخرى تساعدها وتتلقى منها الأوامر، وظهرت الخادمة الأكثر أناقة ووجاهة من سيدة البيت، التي لديها من الوقت ما يسمح لها بالتمكيج والتزين، وهناك ربات بيوت يشجعن الخادمات على التأنق من منطلق أنهن جزء من الديكور الاجتماعي وفي أحيان تحسب السيدة خادمة والعكس صحيح!




أعود فأقول إن ابتعاد 90% من النساء الخليجيات أو النرويجيات عن المطبخ ليس دليل استنارة أو تحضر، بل دليل خيبة، فليس عيبا أن تطبخ المرأة، أو تقوم بتغيير الحفاضات المليئة بمواد ضارة بالأنف والأوزون، وهناك نساء منتجات لا تسمح ظروفهن بالقيام ببعض الأعباء المنزلية، ولكن المصيبة الكبرى هي أن النساء المتبطلات هن الأكثر اعتمادا على الخادمات.. وفي الوقت نفسه فإن هناك الفهم الخاطئ عند الغالبية العظمى من الرجال بأن مجرد الدخول إلى المطبخ أو هدهدة طفل وليد أمر لا يليق بهم كـ"رجال"، وبما إنني أجيد طبخ بعض الآكلات، والعديد من الرجال السودانيين يجيدون الطبخ بدرجات متفاوتة خلال مرحلة العزوبية خاصة أكلة أسمها "القطر قام" وهي أن تملأ قدر الطبخ لحما وبصلا وطماطم وبهارات ثم تغلقه فيندفع البخار، وكما في القطار فان اختفاء البخار دليل على أن الطبخة وصلت محطتها النهائية!! المهم أنني أدخل المطبخ كثيرا لأنني أحب إعداد أشياء معينة بنفسي خاصة في وجبة العشاء حيث تقل فرصة أن يراني ضيف وأنا ارتكب ذلك العمل الشائن!! وقبل عامين قالت لي زوجتي أمام والدتي التي كانت تزورنا: لماذا لا تعد لنا العشاء؟ هنا التفتت إليها أمي مستنكرة: ماذا يا قليلة الحياء؟ حاولت زوجتي الاستدراك وقالت إنها تقصد أن يطلب أبو الجعافر العشاء من مطعم! وهكذا جاءت تكحلها فأعمتها لأن أمي صرخت: ولدي يشتري الأكل من السوق وأنتِ حية وفي تمام الصحة؟ عيب!! وطبعت بوسة قوية على جبهة أمي ولو كانت تجيد العربية لقدمتها لذلك البرنامج التلفزيوني الذي استضاف تلك السيدة الخليجية المتحضرة كي تعطيها درسا في أصل الحضارة!.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 1099


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female