الإعلام القديم و تونس الجديدة

بقلم الأستاذ أبولبابة سالم - يبدو أن النخبة المتسلطة في الإعلام التونسي { العمومي و الخاص } لم تدرك بعد أن تونس بعد 14 جانفي 2011 ليست تونس ما قبل هذا التاريخ , و يمكن القول أنهم لم يستوعبوا الدروس و لم يفهموا أن الحيطان وحدها لا تتغير . و بذلك يصح عليهم المثل القائل : من شب على شيء شاب عليه . و بالتالي على هؤلاء أن يرحلوا كما قال الصحفي اللامع في قناة الجزيرة محمد كريشان عند تقديمه للقضية المعروفة ضد مدير جريدة الحدث عبد العزيز الجريدي . فلا يمكن أن يحصل التغيير المنشود بعد الثورة بالوجوه القديمة التي تربت على البيروقراطية و التعليمات و التابوات.
لاشك أن جل المتابعين للمشهد التونسي تنتابهم الحيرة من التناول الإعلامي للأحداث و المستجدات التي تعيشها بلادنا منذ سقوط رأس النظام السابق فرغم تعدد المنابر و حلقات النقاش السياسي و تنوع العناوين الصحفية فإن السطحية و محاولة قلب الحقائق و فقدان المهنية و الحياد في التحليل و إظهار رأي الأقلية و تسويقه كرأي عام إضافة إلى بعض الإسطوانات المشروخة كخلق الفزاعات و تخويف الناس من أوهام لا توجد إلا في رؤوس أصحابها هو السائد , و سأتناول في هذا الإطار حدثين بارزين شدا الرأي العام خلال الفترة الماضية و هما نتائج الإنتخابات و ما حصل في كلية الآداب بمنوبة هذه الأيام.
لاشك أن جل المتابعين للمشهد التونسي تنتابهم الحيرة من التناول الإعلامي للأحداث و المستجدات التي تعيشها بلادنا منذ سقوط رأس النظام السابق فرغم تعدد المنابر و حلقات النقاش السياسي و تنوع العناوين الصحفية فإن السطحية و محاولة قلب الحقائق و فقدان المهنية و الحياد في التحليل و إظهار رأي الأقلية و تسويقه كرأي عام إضافة إلى بعض الإسطوانات المشروخة كخلق الفزاعات و تخويف الناس من أوهام لا توجد إلا في رؤوس أصحابها هو السائد , و سأتناول في هذا الإطار حدثين بارزين شدا الرأي العام خلال الفترة الماضية و هما نتائج الإنتخابات و ما حصل في كلية الآداب بمنوبة هذه الأيام.
أفرزت صناديق الإقتراع النتائج التي يعرفها الجميع بفوز حركة النهضة ب 41 بالمائة من المقاعد و تلاها المؤتمر من أجل الجمهورية ثم العريضة الشعبية لصاحبها الدكتور محمد الهاشمي الحامدي فالتكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات , و قد مثلت هذه النتائج صدمة لأحزاب معروفة بنضاليتها كالحزب الديمقراطي التقدمي الذي تحول إلى ما يشبه خلية النحل لتقييم الأمر و معرفة الأسباب و إختار المعارضة بعد أن هنأ الفائزين وهو موقف فيه الكثير من روح الحزب ما قبل 14 جانفي.
في أغلب المنابر الإعلامية التي يؤثث جلها محللين فاشلين بل هم طارئين على التحليل السياسي ومن أصحاب لون واحد { و لا غرابة في ذلك ما دامت النخبة المتسلطة في الإعلام من نفس اللون } لم

لقد إعتقد البعض أن الإنتخابات تدار في المنابر التلفزية و الصالونات و الفنادق الفخمة و الواقع أن اللعبة الإنتخابية مسرحها تونس الأعماق و الأحياء الشعبية عبر نشطاء حركيين و مثقفين عضويين .
أما ما حصل بكلية الآداب بمنوبة و دون عودة إلى حيثيات الموضوع فإن الإعلام تعامل مع الأمر بنفس مفردات العهد البائد { ملتحين / ظلاميين / إعتداء على الحريات الفردية ....}و لم يكن التعامل محايدا و أمينا في نقل ما حصل دون توظيفات سياسية فتداعى الجميع للأمر و انتقدوا غياب الأمن و البعض دعا إلى عودة الأمن الجامعي . أنا أقدس الحرية فهي جوهر الوجود الإنساني و هي أساس التكليف الذي شرف به الله تعالى الإنسان و لكن أليست المسألة تحتاج إلى الحكمة و التعقل لفهمها و بسطها ضمن أطر النقاش المثمر فيستدعى من يمثل جميع الأطراف و بحضور مفتي الجمهورية لطرح مسألة النقاب ليكون الحوار جديا فنحافظ على مدنية و إستقلالية الجامعة و نفسر حدود العلاقة بين الحرية الفردية و الإنضباط للقانون . أقول ذلك لأن مراهنة البعض على الحلول القديمة مؤسف لأن تونس اليوم لن تعود إلى الوراء , فاستفيقوا قبل أن يفوتكم القطار.
الأستاذ أبولبابة سالم
غليان في باردو
Comments
88 de 88 commentaires pour l'article 42047