<img src=http://www.babnet.net/images/8/jabhaflag.jpg width=100 align=left border=0>
بقلم الأستاذ بولبابة سالم
اليائسون من الانتخابات يلهثون وراء الفوضى و يتخفّون وراء الشعارات الفضفاضة , و كأنّ العويل و الصياح المتواصل سيجلب التشغيل و الاستثمار. يعلم أيتام لينين من أنصار الجبهة الشعبية و كذلك اليسار الفرنكفوني ألا أمل لهم في الإنتخابات و بعضهم يتمنى انقلابا عسكريا أو عودة الدكتاتورية لأنّهم يعانون من حقد مرضي و عداوة هستيرية من الإسلاميين, صراخ السلفية الماركسية لا نجده سوى في المناطق المفقّرة و لا يمكن أن نجدهم في المدن الكبرى و لا حتى في الأحياء الشعبية بالعاصمة فهم ظاهرة احتجاجية و ليسوا عوامل بناء , وعلى رموز و قيادات الجبهة الشعبية أن تراجع خياراتها و آدائها الميداني و عليها أن تميّز جيّدا في العمل السياسي بعد تحالف شتات الرفاق بين أن تكون قوّة احتجاج أو جبهة تطمح إلى الحكم , فللحكم ضروراته كما للسياسة أهدافها و من الضروري التفريق بين الفكر السياسي و البرنامج السياسي, فيمكن أن تحافظ على مرجعياتك العقائدية لكنك لا يمكن أن تقفز على الواقع لتنفيذ أجندتك الفكرية اللهم إلا إذا قررت ارتكاب

مجازر بحق الشعب كما فعل الرفاق سابقا في الإتحاد السوفياتي في عهد السفاح ستالين أو البانيا في عهد الدكتاتور أنور خوجة أو في أوروبا الشرقية في العصر الحديث لأنهم يعتبرون كل معارض عدوا يجب تصفيته و لو كانوا ماسكين بالسلطة لحصلت كوارث في سليانة و سيدي بوزيد و قابس و غيرها.. .إنّ العربدة في الطريق العام و قطع الطرقات و المتاجرة بآلام الناس دون مراعاة لظروف البلاد الإقتصادية و الإجتماعية و المبالغة في المطلبية لتعطيل ماكينة الإنتاج و شن الإضرابات في الوقت الذي تحتاج فيه بلادنا لكل يوم عمل لتجاوز الآثار المدمرة لسنوات الدكتاتورية ليس عملا ثوريا بل هي حرب على اقتصاد البلاد و استعراض فوضوي غوغائي خاصة بعد أن ظهرت حقيقة الشعارات المرفوعة التي فيها الكثير من الحقد و الكراهية و العنف الرمزي تجاه من انتخبهم الشعب , ومن يريد ضرب النهضة فله ذلك لكن ليس على حساب الوطن و المصلحة العليا للبلاد و بعضهم للأسف الشديد مستعد لهم المعبد على من فيه نكاية في خصم سياسي و بعض الموتورين تقطّعت أرجلهم بين السفارات و اصبح الحج إلى باريس أكثر من مكة المكرمة بعد الثورة بعد أن عجزت الحانات عن لجم حيرتهم و إطفاء غرورهم. لكن رغم ذلك فمازلت اعتقد أن اليسار التونسي المناضل مازال قادرا على ترشيد خطابه و انجاز المراجعة الضرورية لافكاره لتحيينها في الواقع لتكون بحق في خدمة العدالة الإجتماعية التي نلهث وراءها جميعا وهي إحدى أهداف الثورة, نعم يمكن لحمة الهمامي أن يقوم بذلك وهو المناضل الشرس ضد الدكتاتورية و عليه ألا ينزلق وراء المواقف المتطرفة لشكري بلعيد و جماعة الوطد ذوي النزعة الإستئصالية الإقصائية و الذين لم تكن لهم عداوة مع النظام السابق . الحقيقة أن بعض النخب المفلسة لا تعيش إلا في أجواء الدكتاتورية لأنها بعيدة عن هموم الشعب . و من المفارقات الغريبة أن من يسمّون أنفسهم بالديمقراطيين قد أصبحوا يكفرون بالديمقراطية. و لله في خلقه شؤون.
كاتب و محلل سياسي
Comments
19 de 19 commentaires pour l'article 58046