رأي: حركة النهضة ومشروعها السياسي

لم يكن في يوم من الأيام لحركة النهضة مشروع سياسي أو اقتصادي او اجتماعي. فمشروعها لا يتعدى المشروع الديني... في نظري حركة النهضة لا ترقى إلى حزب سياسي لأنها بكل بساطة لا تستجيب للشروط التقنية والموضوعية للحزب السياسي التي من بينها وجود برنامج سياسي يضم مجموعة من الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية المعقولة والقابلة للتحقيق. فهي حركة في أصل وجودها دينية ... لضرب الحزب الشيوعي مباشرة بعد فشل انقلاب 1962. لم تكن هذه الحركة التي كانت تسمى حركة الاتجاه الاسلامي سوى حركة تقوم بإلقاء الدروس الدينية بالجوامع والزوايا... ثم إن تورط الحركة في ممارسات ارهابية كتلك الأحداث التي عرفتها تونس في النصف الأول من سنوات الثمانين من القرن الماضي إضافة إلى عدم اتخاذ الحركة لموقف من العمليات الارهابية التي قام بها بن لادن أو الزرقاوي حتى أنه لم ترتقي في بعض الأحيان إلى درجة التنديد بل إن الحركة كثيرا ما تغرس رأسها في الرمل حتى تمر العاصفة. كما أنه لم يعرف عن الحركة خلال سنوات المنفى الاختياري لزعيمها مواقف ومساهمات في الشأن المجتمعي التونسي. فهي حركة عاشت في انبتات تام عن الشعب. إضافة إلى فقدانها لبرنامج سياسي واقعي ومغري من شأنه أن يكون له صدى لدى المجتمع التونسي.
إن ما نراه اليوم من تعاطف مع حركة النهضة سيغيب عن الساحة بعد أشهر من الان لأن الناس مازالوا تحت تخدير سنوات بن علي القمعية. فهذا التعاطف لا يتعدى كونه فقاعة صابون ستذهب بحلول اول نسمة. فهي حركة اكتسبت تعاطفا لكونها تستغل الدين وتسعى لاحتكاره وهذه شان جميع الحركات التي تحصر تعريف نفسها في كل ما له دلالة
دينية.
إن ما نراه اليوم من تعاطف مع حركة النهضة سيغيب عن الساحة بعد أشهر من الان لأن الناس مازالوا تحت تخدير سنوات بن علي القمعية. فهذا التعاطف لا يتعدى كونه فقاعة صابون ستذهب بحلول اول نسمة. فهي حركة اكتسبت تعاطفا لكونها تستغل الدين وتسعى لاحتكاره وهذه شان جميع الحركات التي تحصر تعريف نفسها في كل ما له دلالة

نحن بحاجة لعمل، لأن تتطور تونس، لتزدهر تونس أما الصلاة والصوم والحجاب والحج والزكاة فلم ينقطعا من تونس ولا حاجة للشعب التونسي بحركة تحتكر هذه الفرائض وايهام الناس بوجود برنامج سياسي. قواعد الدين المتفق عليها ثابتة ولا يختلف فيها عاقلان. كلنا من معتدل ومنفتح ومتطرف نتوجه لنفس القبلة ونقوم بنفس عدد الصلوات ونقرأ نفس الآيات القرآنية ونؤمن بالله واليوم الآخر وبأنبيائه على اختلاف مللهم وطوائفهم ومتمسكون بأن تونس دولة عربية دينها الاسلام...
إنه من السابق لأوانه اليوم الحديث عن تشكيلات أو خارطة سياسية. فأكيد أن العديد من المفاجآت ستظهر في الأشهر القادمة والأكيد أن الكثير من التغييرات ستطرأ خاصة في خضم التغيرات السريعة التي يعرفها العالم اليوم وسرعة تغير الرأي وظهور آراء أخرى، انتكاس أفكار وصعود أخرى...
لا يجب أن يظهر اليوم أن التونسيين مهووسون بمن سيحكم تونس لأن هذا سابق لأوانه لكن الشيء المهم هو أن نؤسس بكل عقلانية وحكمة وتروي لمستقبل ديمقراطي بعيدا عن الشطحات العاطفية والوشائج. فالسياسة الأصيلة ليست مسألة تعاطف مزاجي بل هي مسألة ايمان بالتقدم او بالتخلف. إن المتأمل في التجارب السياسية "الانفتاحية" التي أشبهها بالأكلات السريعة والتي شيدت بناء على أهواء أو مزاج البعض والتي لم تكن في تلاحم مع المطالب المجتمعية كلها لم تحكم على نفسها بالفشل فقط وإنما كانت نتائجها كارثية على جميع الجهات وفي كل الاتجاهات.
حنبعل - سويسرا
Extrait Commentaires Babnet
Extrait Commentaires Babnet
Comments
182 de 182 commentaires pour l'article 33369