الطاقات المتجدّدة في تونس… أرقام متعثّرة وخيارات تحتاج مراجعة

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68820cf5430d14.88204401_nemhgfolikqpj.jpg width=100 align=left border=0>


خصّص برنامج «Club Eco» على إذاعة إكسبراس أف أم، من تقديم الصحفي وليد بن رحومة، حلقةً كاملة لملف الطاقات المتجدّدة، بمشاركة محمد علي فنيرة النائب بمجلس نواب الشعب وعضو لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والمناجم والبيئة، وأحمد الدوس نائب رئيس المنظمة التونسية للطاقات المتجدّدة. وقدّم الضيفان تشخيصًا مفصّلًا لتعطّل الانتقال الطاقي وسبل الإقلاع، مع تقييم للإطار القانوني وقدرة الشبكة والتمويل والتكوين المهني، إضافة إلى ملف الهيدروجين الأخضر وتداعيات أسعار النفط.

انطلق الحوار من فجوةٍ واسعة بين الأهداف والإنجازات: استراتيجية 2015 حدّدت 1100 ميغاواط مع نهاية 2020 و2500 ميغاواط في 2025 دون تحقيقها، فيما حدّدت استراتيجية 2023 1750 ميغاواط في 2025 و4850 ميغاواط في 2030، بينما المنجز الفعلي لا يتجاوز 500 ميغاواط. وأوضح أحمد الدوس أنّ القدرة المحلية على التركيب لم تعد عائقًا بعد تراجع كلفة المعدات واتساع قاعدة الشركات، مرجعًا التعطيل إلى سقف استيعاب الشبكة—المقدّر حاليًا بنحو 2500 ميغاواط—وإلى الخيار الاستراتيجي الذي رهن 90% من المزيج بمحطّات كبرى بنظام اللزمات على حساب التركيب الذاتي فوق الأسطح والتراخيص المتوسطة الأقل كلفة والأعلى قيمة مضافة محليًا.





وفي تقييم الكُلف، عُرضت أمثلة تفيد بأن الميغاواط فوق أسطح المصانع/المنازل يكلّف قرابة 1.5 مليون د، مقابل نحو 3 مليون د/ميغاواط في المحطات الكبرى، إضافةً إلى كُلف النقل والتحويل والخسائر التقنية. كما شدّد الدوس على أنّ المشاريع الكبرى تستفيد من إعفاءات جمركية وضريبية واسعة للشركات الأجنبية مقابل مساهمة محلية محدودة، فيما يخلق مسار الأسطح فرص شغل وقيمة مضافة داخلية أعلى.

وبشأن الشبكة، أشار الضيفان إلى أنّ الربط البحري «ELMED» مع إيطاليا (≈600 ميغاواط) ومشاريع التخزين والعدادات الذكية عناصر حاسمة لرفع الاستيعاب إلى نحو 3000 ميغاواط قبل 2030، غير أنّ وتيرة التنفيذ ما تزال بطيئة. وفي المحور القانوني، ذكّر محمد علي فنيرة بأن القانون الإطاري لسنة 2015 لم تُستكمل استراتيجيته بأمر حكومي نافذ، وأن الصناعيين يتضرّرون من سقف حقّ الضخّ (30% من الفائض)، ما يهبط بعائد الاستثمار في المصانع إلى وفورات بين 15% و40% فقط. وأعلن فنيرة عن اتجاهٍ لتقديم فصل ضمن قانون المالية 2026 لتحسين حوافز تركيب الطاقات المتجدّدة في القطاع الصناعي، داعيًا إلى نقاش عام يُعيد وزن المكوّنات الثلاثة للاستراتيجية (اللزمات، التراخيص، التركيب الذاتي) ويمنح رؤية تنفيذية واضحة.

وفي ملف الهيدروجين الأخضر، دعا المشاركون إلى حوكمة وشفافية قبل الالتزام بعقود كبرى، مع قانون إطار خاص كما فعلت دول أخرى. وقدّم فنيرة تقديرات مقارنة لاستهلاك المياه تؤكد—وفق الفرضيات المعروضة—أن إنتاج 6 ملايين طن سنويًا يستهلك نحو 106 ملايين لتر من مياه البحر المُحلّاة، وهو أقل من استهلاك قطاع التمور (≈130 مليون لتر) وبفارق كبير عن الطماطم (≈2.7 مليار لتر)، مع التشديد على عدم المساس بالموائد الجوفية. واعتبر أنّ الهيدروجين قد يوفّر عُملات صعبة وخدمات تموين للنقل البحري والبري، شرط جاهزية التحلية واللوجستيك والإطار الاستثماري.

ماليًا، أكّد الدوس أنّ التمويل البنكي متاح عندما تتوفّر الرؤية: فقد موّلت البنوك في 2024–2025 مشاريع تراخيص بما يقارب 550 مليون دينار، وبلغ إجمالي تمويلات القطاع حوالي مليار دينار، بينما يظل التحدّي في طول آجال الاسترداد (10–11 سنة). واقترح تعريفات ذكية تصاعدية في السنوات الأولى لتحسين الجدوى ثم تنخفض لاحقًا.

وفي رأس المال البشري، قُدّر التشغيل الحالي بحوالي 6000 موطن شغل مع قابلية الوصول سريعًا إلى 20 ألفًا، لكنّ فجوة التكوين المهني لا تزال كبيرة. وطُرحت حلول عملية: ربط المدارس التقنية بالمناطق الصناعية، إدراج اختصاصات الكهروضوئي والسلامة، تعزيز اللغات التقنية، وفتح المسارات مع التعليم العالي، باعتبار أن المصانع وحدها قادرة على تحقيق نسبة معتبرة من أهداف 2030 إذا رُفع سقف الضخّ وبُسّط الربط.

على الهامش، تناولت الحلقة هبوط أسعار النفط العالمية (برنت نحو 64–65 دولارًا، وWTI نحو 61)، بما يخفّف فاتورة الطاقة ودعم المحروقات ويُنعش الاحتياطي من العملة، دون أن يُغني عن الإسراع في تنويع المصادر وتعزيز الأمن الطاقي عبر الربط الإقليمي ورفع الإنتاج الوطني من المحروقات بالتوازي مع الانتقال الطاقي.

واختُتمت الحلقة بخلاصة مشتركة: الإقلاع ممكن إذا أُعيد ضبط البوصلة سريعًا نحو الأسطح والتراخيص المتوسطة مع تحديث الشبكة، وحوكمة اللزمات الكبرى والهيدروجين الأخضر، وإطلاق برنامج تكوين وطني موجّه للطاقات المتجدّدة. المطلوب الآن—وفق ضيوف «كلوب إيكو»—قرارٌ تنفيذيّ واضح يحوّل الأهداف إلى ميغاواطات مركّبة وفاتورات مُخفَّضة لدى الأسر والمؤسسات.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 316047


babnet
*.*.*
All Radio in One