قطاع التمريض في تونس: هرسلة مستمرة و تهميش مزمن

بقلم / منجي بـــاكير
التمريض في كلّ أدبيّات الرّعاية الصحيّة سواء العلاجيّة أو الوقائيّة القديمة و الحديثة هو نقطة الإرتكاز الرئيسيّة لأيّ دائرة عمل صحيّة ، إذ في البدء كان التمريض و عليه انبنت كلّ الدّوائر و الدرجات المشابهة و منه ينطلق أساس أيّ جهد صحيّ و إليه يعود ، الممرّض
هو حلقة الوصل – الذّهبيّة – بين المريض و كل مكوّنات العمل الصحّي و كذلك محيط المريض (نفسيّا و جسديّا ...).
التمريض في كلّ أدبيّات الرّعاية الصحيّة سواء العلاجيّة أو الوقائيّة القديمة و الحديثة هو نقطة الإرتكاز الرئيسيّة لأيّ دائرة عمل صحيّة ، إذ في البدء كان التمريض و عليه انبنت كلّ الدّوائر و الدرجات المشابهة و منه ينطلق أساس أيّ جهد صحيّ و إليه يعود ، الممرّض

و لذلك كانت تلك الأدبيّات – تقدّس – مهنة التمريض و تعطيها مكانتها المرموقة في المجتمع بل تعطيها قيمة جمالية روحانيّة تقاربيّة – ملائكة الرّحمة -
الممرّض يضطلع بأدوار ظاهرة للعيان و أكثر منها ما لا يحصيه و لا يحسّه إلاّ المريض ذاته وقت علّته ، الممرّض هو من يحضّر لسلامة التشخيص ، و هو من يجمع المعلومات الأوليّة و هو من يأخذ على عاتقه كلّ أسباب العلاج الإستعجالية الجسديّة و النّفسيّة و هو من يتحمّل وزر كل الأخطار المتأتية من المريض – العدوى - أو أهله و ذويه – آثارصدمة مرض منظورهم – و هو من يساعد الطبيب ، وهو من ينفذ وصفات الدواء في مواعيدها و يتابع حالة المريض شفاء أو تعكّرا و هو من يسهر بلا كلل على راحة المريض و إحاطته النفسيّة ،فضلا عن أنّه المرشد و المستشار و الدّليل و مَكْمن الأسرار ،،
الممرّض اختصارا هو محور أساسيّ و بلا وجوده داخل أيّ منظومة صحيّة لا يمكن أن يستقيم حالها و لا يمكن لها أن تؤدّي وظيفتها أصلاً....
هذا الممرّض الذي حاز شرف العمل الإنساني و مجّدته الأدبيّات انقلب حاله في تونس و تردّى وضعه من زمان حتّى أصبح في أسفل ترتيب المهمّشين ...
الممرّض لحقه – مرَض – السياسات المتعاقبة السّابقة و كذلك الحاليّة و التي لم تُولي الصحّة البشريّة و لا من يقوم عليها أيّ جزء من اهتماماتها ، الممرّض لصبغة عمله الإنسانيّة لا يتجرّأ على خوض الإضرابات و الإعتصامات و لا حتّى الوقفات و من أجل ذلك كان و لازال في طيّ النسيان ، هذا الممرّض التونسي بات يعانق الفقر المادّي و يعاني التهميش المعنوي ، فمركزه الوظيفي لم تلامسه يد الثورة التي كان أحد السّاهرين على إنجاحها و العاملين بكلّ قوّته في تغطية أحوال مصابيها و جرحاها على مدار السّاعة و طيلة كلّ أيّامها برغم كل المخاطر المحدّقة من كل صوب و جانب ، بل كان له النّصيب الأوفر من الهرسلة و التهجّمات و الإعتداءات المجانيّة ....
تقريبا كلّ الوزارات و تفرّعاتها الخاصّة و العامّة تحرّك فيها منتسبوها و استجاب لهم مسؤولوها إلاّ قطاع التمريض الذي أغفلته وزارة الصحّة و لم تبادر حتّى بفتح ملفّه و لم تكلّف هذه الوزارة نفسها و لو على أضعف الإيمان ذكر القطاع بخير ،،،
الممرّض خلاصة أصبح في حاجة ماسّة و أكيدة جدّا من الدّولة عموما و من الوزارة خصوصا لإهتمام يعادل وظيفته و إلى ردّ اعتبار مادّي و معنوي للمقاربة مع غيره من الأسلاك الوظيفيّة و أن تُفتح داخله حركيّة التدرّج و فتح الآفاق المهنيّة حتّى يتعدّى هذا القطاع عتبة المعاناة و الإحتياج و يسْعد بحصوله على حقوقه فيخرج من دوائر التهميش المزمن ليواصل مسيرته – الإنسانيّة – و يتفرّغ للعمل و الخلْق و الإبداع ، عندها ينهض مستوى خدماته و تتطوّر المنظومة الصحيّة بالبلاد ....
Comments
4 de 4 commentaires pour l'article 72026