حسين العباسي وحقيقة طباعة الأوراق النقدية

بقلم عادل السمعلي (*)
يوم 5 سبتمبر 2013 كان الشعب التونسي على موعد مع تصريح مهم للسيد حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل الذي توجه بنداء عاجل وحار الى محافظ البنك المركزي يطلب منه الإعلان عن حقائق الوضع الاقتصادي في تونس و مصارحة الشعب بعمق أزمة الموازنات المالية والنقدية للبلاد التونسية وأشار الامين العام لاتحاد الشغل في هذا النداء أن البنك المركزي التونسي يشتبه في أنه قام بعمليات سرية وغير معلنة بطباعة أوراق نقدية بطريقة جزافية مما تسبب في التضخم المالي وغلاء الاسعار .
يوم 5 سبتمبر 2013 كان الشعب التونسي على موعد مع تصريح مهم للسيد حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل الذي توجه بنداء عاجل وحار الى محافظ البنك المركزي يطلب منه الإعلان عن حقائق الوضع الاقتصادي في تونس و مصارحة الشعب بعمق أزمة الموازنات المالية والنقدية للبلاد التونسية وأشار الامين العام لاتحاد الشغل في هذا النداء أن البنك المركزي التونسي يشتبه في أنه قام بعمليات سرية وغير معلنة بطباعة أوراق نقدية بطريقة جزافية مما تسبب في التضخم المالي وغلاء الاسعار .
و رغم اعتقادنا الجازم أن التصريح بالحقائق للشعب واجب وطني مقدس و لا يجب أن يخضع لشروط مسبقة وأن وضع شرط لها يتعلق بضرورة نجاح ما يسمى الحوار الوطني يمكن أن تفهم على أنها عملية ابتزاز إلا أننا سنحاول فهم ما قاله حسين العباسي حول طباعة أوراق نقدية مسببة للتضخم المالي وغلاء الاسعار بطريقة فنية وتقنية .

حسب المعلومات المتوفرة لدينا من مصادرها فإن البنك المركزي لا يطبع أوراقا نقدية وليس له مطابع خاصة بل إن مهمة البنوك المركزية هو الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي في السوق النقدية وذلك عن طريق الامتصاص النقدي أو الضخ للأوراق النقدية فمهمة البنك المركزي تقنية بحتة وأن هذه العمليات مقننة وتخضع لترتيبات معقدة ولا يمكن أن تتم في السرية إلا في ظل نظام لا قانون فيه ولا هيئات رقابية وحسب علمنا أيضا أن آخر عملية ضخ للأوراق المالية كان في سنة 2008 في عهد الرئيس السابق وأن هذا القرار تم اتخاذه من طرف مجلس إدارة البنك المركزي تحت عيون هيئات الرقابة المالية والنقدية كما أن القوانين التونسية في هذا المجال تخضع لجملة من الاجراءات التي يصعب تجاوزها أو القفز عليها حتى من نظام الديكتاتورية فكيف يمكن أن يحصل ذلك زمن الثورة خاصة أن كل العيون المترصدة تبحث عن أي إخلال أو زلة خاصة إذا كان الامر يتعلق بالسلطة النقدية التي تتحكم في الكتلة النقدية وتراقب الموازنات المالية الكبرى وهي في أصل مهامها سلطة رقابية تحافظ على الاستقرار والتوازن وتحارب كل ما من شأنه الاضرار بالاقتصاد ولكم في التدخل الايجابي للبنك المركزي لوضع حد للشركات النقدية الوهمية خير دليل على ما أقول ( الدور الحاسم للمركزية البنكية في إيقاف شركة يسر للتنمية وغيرها من شركات الاحتيال الموصوف )
إن السيولة النقدية التي تحدثنا عنها سابقا في مقالات أخرى لها علاقة مباشرة بمؤشر الكتلة النقدية التي تتكون في جانب كبير منها إضافة للنقود المعدنية والأوراق النقدية من ودائع الحرفاء تحت الطلب وأن هذا المؤشر يتأثر صعودا وهبوطا بالأنشطة الاقتصادية وبنسق النمو الاقتصادي وأن التضخم المالي وغلاء الاسعار في جوهرهما في علاقة مضطردة بكثرة أو ندرة الانتاج إضافة لمستوى الاجور ونؤكد عند هذا المستوى أن التضخم المالي في تونس ناتج أساسا عن تكاتف عنصريين أساسيين فالعنصر الاول هو ما يسمى استيراد التضخم حيث أن أسعار المواد المستوردة وأسعار المواد الاولية التي تشهد ارتفاعا في الخارج ينعكس سعرها في تونس بنفس الارتفاع إن لم يكن أكثر نتيجة تأرجح سوق العملات الاجنبية في السوق العالمية والعنصر الثاني للتضخم المالي وغلاء الاسعار في تونس ناتج عن زيادات غير رشيدة في الاجور لم تتبعها زيادات في الانتاج بل تبعتها عكسيا توقف في آلة الانتاح وتعطيل للاقتصاد لاسباب سياسية وهذا الطرح الاقتصادي يجعل الحديث عن التضخم كسبب لطباعة الاوراق المالية مجرد كلام مرسل و مفرغ من أي محتوى اقتصادي .
يبدو أن التسريب الاقتصادي الذي توصل به الامين العام لاتحاد الشغل ينقصه الصواب والدقة فليست عمليات ضخ الاوراق النقدية سببا للتضخم بل هي نتيجة لذلك وأن الخلط بين الاسباب والنتائج يوقع في الالتباس وسوء الفهم فقد كانت الزيادات المسترسلة في الاجور في عهد الرئيس السابق التي جعلت من إتحاد الشغل حمل وديع تجاه الديكتاتورية هي إختلاق للنقد عن طريق القروض والتسهيلات البنكية للايهام بالرفاه وجودة العيش وأن قفة المواطن كانت دائما هي الضحية.
وفي الختام نؤكد أن البنك المركزي لا يطبع الأوراق النقدية وإنما يضخ الاوراق النقدية في السوق و يعوض الاوراق النقدية البالية بأخرى جديدة وأن ضخ الاوراق النقدية أخيرا جاء لتعويض أوراق صنف 20 و 30 و 50 دينارا التي أنتهت صلاحيتها القانونية بتاريخ 31-03-2013 ونعتقد جازمين أن هذه العملية الاخيرة هي مصدر التسريب الكاذب بطباعة أوراق نقدية بطريقة سرية . وأن عملية طبع النقود تتم وفق كراس شروط وعروض طلب عالمية بعد موافقة مجلس إدارة البنك المركزي وينشر في الرائد الرسمي وأنه لا توجد مطابع بتاتا في البنك المركزي .
وفي الأخير نؤكد أننا لا نتهم السيد العباسي ببث البلبلة والكذب لكننا نعتقد أن تسريب المعلومة عن طريق إتحاد الشغل كانت عملية مقصودة لاعطاءه مصداقية غير موجودة وذلك بعد فشل البعض في تمرير أكذوبة العجز عن خلاص الموظفين وبعد فشلهم أيضا في تمرير أكذوبة إفلاس الاقتصاد هاهم اليوم لا يملون ولا يكلون و يفبركون أكذوبة طبع الاوراق النقدية سرا في البنك المركزي و ما أقصد بذلك غيرهم .. فلول نظام بن علي المندسين في كل الاجهزة والهياكل الحساسة ويعملون على خراب البلاد ...
كاتب تونسي وخبير بنكي (*)
Comments
27 de 27 commentaires pour l'article 70998