الفئة الصامتة والتحليل الخاطئ

<img src=http://www.babnet.net/images/9/samit.jpg width=100 align=left border=0>


منجي المازني

بينما كنت بصدد المشاركة بباردو في اعتصام دعم الشرعية المقابل لاعتصام الرحيل إذ خاطبني شاب كان يجلس في مقهى محاذ لاعتصام الشرعية قائلا : لقد أكثرتم من الاعتصامات ومن والاحتجاجات وأدخلتم البلاد في نفق مظلم. فبالله عليكم عفّوا عنّا واتركونا نعيش بسلام فاجبته :لماذا لا تسأل الطرف المقابل الذي لم يقبل أن تواصل المؤسسات المنتخبة العمل في كنف السلم الإجتماعيّة وأصر على التصعيد. عندئذ تشنّج وقال لي : جميعكم مخطئون وجميعكم تحبّون الدنيا وتلهثون وراء المناصب والكراسي والمصالح وجميعكم تمثلّون على الشعب. وفي سبيل تحقيق رغباتكم ومآربكم جيش كل طرف منكما جماعته لأجل التأثير على الناس ولأجل فرض وجهة نظره. فدعونا أيها السياسيون واتركونا نعيش في راحة بال.

هذا الكلام ذاته قد كنّا سمعناه من طرف أحد مواطنينا بالخارج عندما صرح عبر إحدى الفضائيات قائلا : نزلت ببلدي قصد قضاء إجازتي بين أهلي وعشيرتي وأخذ نصيب من الراحة والاستمتاع بالبحر وحرارة الشمس والدفء العائلي. فما وجدت غير الإضرابات والاعتصامات والخصومات والمواجهات والانفجارات والتجييش والتجييش المضاد بما أصابني بالذعر والخوف الشديد طيلة فترة إجازتي الصيفية. الكلام ذاته والمنطق ذاته والحجج ذاتها يستحضرها ويسوقها عامة الناس (لعلّهم يمثلون الأغلبية). فما مدى حقيقة تخوفات هذه الفئة وما حقيقة مآخذها على السياسيين ؟



هذا السلوك / الموقف أو هذا النوع من التفكير والتعامل مع الحدث هو في ظاهره رفع لراية المسؤولية والحرية ورفض جملي للاستبداد ورفض لسياسة التصدر للتحدث والنضال باسم الشعب دون تحمل الحد الأدنى من التبعات الأخلاقية والإنسانية ولكن في باطنه ينم عن قصر نظر هذه الفئة وعجزها عن تحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية.
ولتفكيك هذا الموقف لا بد من الإشارة إلى العناصر التالية :

1) الأنانية :
تتهم هذه الفئة كل السياسيين،غثهم وسمينهم، باستغلال السياسة لتحقيق مصالحهم ومآربهم الشخصية وتطالبهم (حكومة ومعارضة) بأن لا يمضوا في سياسة التجييش والتجييش المضاد حتّى يتسنّى لها العيش في أمن وأمان وراحة بال يتيح لها الحصول على نصيبها من بالراحة والاستجمام في ربوع تونسنا الحبيبة وشواطئها الجميلة. ويستشفّ من هذا الموقف أن هذه الفئة لا تفكر إلا في نفسها وفي راحتها و أنّها لم تحتج على التجييش والتجييش المقابل إلا عندما هدّد هذا الوضع مصالحها وعطل بعضها و ترتّب عنه أن منعها من العيش في راحة بال بما يتيح لها قضاء عطلة صيفية مريحة. لم يبلغ إلى علمنا أنّ هذه الفئة كانت قد احتجّت أيام حكم المخلوع بن علي. ولم نسمع لها صوتا أيام كان المناضلون من كل الطيف السياسي( بنسب متفاوتة ) يقضون أحكاما بالسجن بعشرات السنين في ظروف قاسية جدّا وغير انسانية. بل واصلت هذه الفئة صمتها واستمتاعها بالراحة والسباحة في البحر لعشرات السنين تحت عباءة الجلادين ومظلّة المجرمين.

2) الجبن :
إنّ هذا السلوك لهو مظهر من مظاهر الجبن. ذلك أن بعض الناس أو كثيرهم لا يستطيعون أن يصدعوا بآرائهم الحقيقية التي تشير إلى الداء مباشرة ولا يستطيعون أن يشيروا مباشرة وبدون مواربة إلى الفريق الظالم. ويكون ذلك من باب الخوف على مصالحهم. فمثلا بعض الفنانين عندما يسألونهم عن فرقهم الكروية المفضّلة يجيبون بأن فريقهم المفضل الوحيد هو الفريق القومي. وهو جواب ديبلوماسي يقصد من ورائه عدم خسارة البعض من جماهيرهم حسب اعتقادهم. كما أنّ الكثير من مثقفينا ومحللينا السياسيين ولمجرد مصلحة بسيطة لا يريدون أن يشيروا إلى الحقيقة مباشرة وبدون مواربة إلى الفريق الظالم. وإنما يحتجون على كل الناس دون تمييز لأحد على الآخر ويضعون كل الفرقاء في نفس السلة حتى يبرهنوا للعالم أنهم احتجوا وسجلوا موقفا سياسيا(ولكن بدون تبعات). فجبن أن يعطل الإنسان أغلى شيء وهبه الله إياه وأودعه فيه ،وهو العقل الحر القادر على الاختيار، في سبيل لعاعة من الدنيا. وكما قال الشاعر نزار قباني :
إختاري الحب.. أو اللاحب فجبنٌ ألا تختاري

3) التنصل من المسؤولية :
هذا السلوك هو أيضا تنصل من المسؤولية العظمى الملقاة على كل واحد منا. قال الله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا – الأحزاب الآية 72. يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه - الانشقاق – الآية 6 . فهذه المسؤولية تقتضي من كل واحد منا أن يصدع بالحقيقة في سبيل إعلاء كلمة الحق وحمل الأمانة بكل أمانة. فبعض الناس لا يريد أن يتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه بتعلّة أن السياسة هي أصل الداء ومنبع الشرور وأن السياسيين هم شر الناس يمارسون السياسة لأجل التمعش منها وقضاء مآربهم ومصالحهم الشخصية. ولذلك فهذا الصنف من الناس يريد إقناعنا أنه إنما يعتزل السياسة لتجنب الفتنة أوّلا ولتجنب الوقوع في حبائل هؤلاء السياسيين المخادعين ثانيا. في حين أنه عندما يعتزل العمل السياسي يترك الفرصة للبعض من السياسيين الفاسدين للتأثير على المشهد السياسي والسطو على إرادة الشعب، لا بل ومصادرتها والانفلات من المراقبة الشعبية الواسعة وتوجيه الشعب إلى حيث يريدون وحيث يشاؤون. فالانخراط في العمل السياسي وفي إدارة شؤون الناس هو في الأصل ليس عملا انتهازيا أو عملا مذموما وإنما هو ضرورة من ضرورات الحياة. وهو واجب شرعي يأجر الإنسان عليه إذا قام به على أحسن وجه ويأثم إن اعتزله وفسح المجال للفاسدين لإدارة شؤون الناس .لأن الملائكة في هذه الحالة سوف لن تتنزل علينا من السماء لتتكفل بإدارة شؤوننا السياسية إن نحن اعتزلنا السياسة. قال الله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ .

4) الظلم في الحكم على الناس والتصدر لإصدار الفتوى :
بعد كل هذا يستغل الكثير من الناس أعمال وجرائم القتل والإرهاب الجارية ليلصقها بكل السياسيين بدون تمييز وليجعل منها سببا كافيا ومقنعا لاعتزاله السياسة والسياسيين اعتبارا إلى أنّه يخاف الله ولا يرغب في التورط في هكذا أفعال ولو بمجرّد الانتماء. فلماذا يتصدر عامة الناس للفتوى في حين أنهم أبعد ما يكونون عنها. لماذا عندما يتعلق الأمر بمرض معين يقضي المرء الأيام والأسابيع و ربّما السنوات الطويلة وهو يتنقل بين الاطبّاء بحثا عن دواء شاف. ولكن عندما يتعلق الأمر بالمسائل الدينية وبالأصول الفقهية يمدك بسرعة البرق من عند نفسه بفتوى جاهزة ولا يتريث ولا يقضي الوقت الكافي بحثا عن الحلول الفقهية عند العلماء أهل الاختصاص. قال الله تعالى : وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ . الحجرات الآية 9. فالاعتزال في هذه الحال مرفوض بنص القرآن والانحياز إلى الحق وإلى الفئة الصالحة ومجاهدة ومقاتلة الفئة الباغية هو واجب شرعي. ومن الناس من يبحث عن أخطاء للفريقين ويريد أن يثبت بالدليل القاطع أن كل الفرقاء السياسيين مخطئون لكي يبرر صمته وحياده تجاه كل الفرقاء السياسيين. فأولا هناك فرق كبير بين الأخطاء اليومية عند ممارسة العمل السياسي اليومي وبين التوجهات العامة. وثانيا وحتى لو كانوا كلهم مخطئين فلا بد أن ننحاز إلى فريق،أقل أخطاء، حتى نمنع وقوع الفتنة ونتجنب الصمت القاتل.
وفي الأخير قد لا نلوم الشيطان على وسوسته لأنه خلق للوسوسة ولكن نلوم أنفسنا على طاعته والانقياد له. فبعض الناس يتفوّقون على شياطين الجن في المكر والخداع. وخطؤنا أننا تركناهم يصولون ويجولون ويمكرون آناء الليل وأطراف النهار. وكما قيل عن فرعون : يا فرعون آش إللي فرعنك : قال هم الذين فرعنوني . فلو خرجت هذه الفئة الصامتة عن صمتها وانحازت إلى الحق لما تجرأ على الشعب قلة قليلة من الناس وساموه سوء العذاب وفرضوا عليه الذل والهوان لعشرات السنين ولما فرضوا عليه دينا غير دينه.





Comments


9 de 9 commentaires pour l'article 69913

Norchane  (Tunisia)  |Vendredi 16 Août 2013 à 17:05           
La grande erreure c'est celle ci la gouvernance de la tunisie a ete trop personnalisee, la nahdha et les islamistes en general n'ont pas mis en pruiorite la resolution des problemes du terain flagrants et urgentes des problemes existentielles pour lesquels le peuple est mecontent mais elle a ramene et a essaye de parachute des problemeatiques qui lui sont propres et pour lesquels elle a milliter sauf que ce sont des priorites qui ne sont pas
ceux des tunisiens et memes pas ceux des egyptiens ni ceux de personnes ce sont des objectifs d'un courant islamistes parlesquels elle a reussit a convaincre les plus demunis et les plus ignorant


faire croire a un pauvre avec une famille de 2 femmes et 10 enfants vivant dans les cimetieres que morsi et l'islamisme les enera au paradis et que les autres c'est des koffar a combattre ce n'est pas difficile quant on est de braves manipulateurs formes par les sionistes

concernant la tunisie , c'est kif kif cote gouvernant islamiste il a parachute ses priorite ideologique suer nos priorites tunisienne et il a procedé a convaincre la partie defavorises ignorante et frutre du peuple , il a donc diviser le peuple selon sa vision a lui bon et mauvais musulman

bref il est vrai que c'est devenu une guerre entre les ideologies et c'est une guerre qui ne regarde pas le ,peuple d'ou la confusion et le desinterressement surtout que finalement le tunisien et la tunisienne ne vivertont que comme bon leur semble rien ne leur sera impose


Meinfreiheit  (Oman)  |Vendredi 16 Août 2013 à 13:28           
احببنا ام كرهنا عدد كبير من التونسيين هم من الواقفين على الربوة و على نفس المسافة من الذيت على حق و على باطل ....و ينتظر الفائز ليكون عبدا لديه .....

Godefroy  (France)  |Vendredi 16 Août 2013 à 12:09           
Il est peu crédible de flétrir l'image de tous les partis politiques, introduisant une espèce d'équivalence entre les propos des uns et actes des autres adossés à leurs propos.
ceux qui exercent le pouvoir ont, de facto, une responsabilité plus haute et leur incombe le devoir de tout faire pour sortir le pays de la crise.
au lieu de l' enfoncer.
les opposants ont la responsabilité, aussi haute, de proposer et d'exercer les prérogatives qui sont les leurs.
si leurs idées ne conviennent pas, elles sont combattues politiquement.
jusqu'alors, je ne perçois pas où l'on pour trouver matière à mettre sur le compte de la seule opposition les motifs de la crise.

Singra  (Tunisia)  |Vendredi 16 Août 2013 à 12:02           
كل انسان مسؤول عن افعالو
الكذب والمداهنة وقلب الحقائق سمة اغلب السياسين وخاصة الذين يصفون ارواحهم بالاحزاب الديمقراطية وهم اول من يكفرون بها .
زد على ذلك المورطون في تفقير وتهميش وتجويع وتهجير الشعب طيلة 60 سنة يتكلمو بالسم الشعب ويقلو الشعب فد .والله ما نعرف على انا شعب يتكلمو وهؤلاء لا يريدون لا انتخابات ولا توافق .شيئ واحد ايهمهم مصالحهم الخاصة وعدم محاسبتهم.

Samir74  (Tunisia)  |Vendredi 16 Août 2013 à 11:54           
L'article n'a rien de génial, il veut diviser le pays en deux 35% pour ennahda et 65% contre (en se référant à l'anc). or les tunisiens jugent sur le résultat celui qui sait stabiliser le pays et sait faire l'unanimité envers lui (au moins minimiser les contres lui) va etre choisi dans les prochaines élections. or jusqu'à ce jour les tunisiens ne voient personne ayant la carrure d'un homme d'état on ne voient que des partisant qui
cherchent la guerre civile en tunisie et le sénarios égyptien, la situation va dans ce sens car ce qu'a fait sissi pourra le faire ennhda (aucune différence entre islamistes ekhouen et les non ekhouen). donc le tunisien choit la situation neutre et prendre partie à la dernière minute (comme pour le cas de zaba).

Kairouan  (Qatar)  |Vendredi 16 Août 2013 à 11:34           
مقال صحفي ممتاز لمن يريد أن يري الأشياء على حقيقتها

MOUSALIM  (Tunisia)  |Vendredi 16 Août 2013 à 11:33           
هرب المخلوع ولم يهرب الخوف من قلوب البعض وخوفهم يدعو الى الحيرة فقد شهدنا خلال المحاولات الانقلابية الرعب والارتجاف الهيستيري للحكومة ورئيس الدولة وزعيم النهضة ورئيس المجلس التأسيسي في حين كان موقعنا يبث الطمأنينة والابتسامة دون جدوى فلا لوم على المواطن العادي أن يتخوف ويبالغ في الخوف وهو ما تطمح اليه المعارضة لاثناء الجميع من التوجه الى الصندوق والتعبير عن اختيارهم بكل حرية في من يحكمهم ....

Samir74  (Tunisia)  |Vendredi 16 Août 2013 à 11:27           
Comme j'ai pu comprendre, vous demandez à ce que chaque personne prend partie pour un parti malgré que ces partient ne cherchent que leur interret personnel. vous exigez le sénarios égyptien? pour moi le comportement des tunisiens est exemplaire et ce qui montre la grandeur du peuple tunisien.

Fawzi1  (France)  |Vendredi 16 Août 2013 à 11:19           
Vous dites vrai


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female