تحديات العودة الى الوراء في تونس

<img src=http://www.babnet.net/images/8/u-turn.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم نزار بولحية



في الوقت الذي يستمر فيه حكام مصر الجدد في التاكيد على انه لا سبيل للعودة الى الوراء وذلك في اشارة واضحة لعدم استعدادهم تقديم اي تنازل قد يسمح بشكل من الاشكال بعودة محتملة للرئيس محمد مرسي ليستكمل ما تبقى من عهدته الرئاسية يواصل المعارضون للسلطة في تونس وتحديدا لحركة النهضة دعواتهم لاسقاط النظام وحل المجلس التاسيسي وجميع السلط التي انبثقت عنه ما يعني نسفا بالكامل للخطوات المحدودة التي قطعتها البلاد منذ انتخابات اكتوبر2011 قصد بناء مؤسسات قارة ومستقرة والرجوع بها في المقابل الى الوراء اي الى المرحلة التي سبقت تلك الانتخابات و قامت على توافقات هشة وصعبة او ربما حتى الى ابعد من ذلك اي الى زمن بن علي الذي لم تعد تصفه وسائل الاعلام المحلية بالمخلوع بل تكتفي فقط بان تطلق عليه صفة الرئيس السابق.



التصلب الذي تبديه المعارضة الان يقابل على الطرف الاخر بقدر واسع من الثقة والهدوء .ومن الواضح ان الائتلاف الحاكم الذي تمكن عقب الازمة السياسية الحادة التي عصفت بالبلاد قبل ستة اشهر باغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد من الصمود وامتصاص الصدمة رغم التنازلات البسيطة التي اضطر لتقديمها انذاك والمتمثلة في تغيير شخص رئيس الحكومة وتعيين وزراء غيرمنتمين لحركة النهضة فى وزارات السيادة قد اكتسب قدرا من الخبرة والمهارة التي تسمح له بان يدير الازمة الحالية بهامش واسع للمناورة فيما استقر اداء المناوئيين للحكومةعلى حاله دون ادنى تطور لافت لا في الخطاب والاساليب او وهذا الاهم في البدائل العملية المقترحة على التونسيين الشيء الذي افرغ الحراك الظرفي بعد الاغتيال الثاني لسياسي اخر وهو محمد البراهمي ثم التطورات الامنية الخطيرة التي تلته فيما بعد كل نجاعة او قوة دفع حقيقية على الارض.
المجلس التاسيسي وحتى رئاسة الحكومة هي خط احمر بالنسبة للشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة و هي بذلك لا يمكن ان تكون الثمن المناسب لتوافقات قد تلبي في جانبها الاكبر مطالب المعارضين لكنها بالتاكيد سوف تفقد الحركة مواقعها الامامية في الخريطة السياسية التي تشكلت بفعل الانتخابات و قد تحولها ايضا بعد ذلك كما يتخوف الكثيرون من حزب شريك في السلطة الى العدو اللدود للماسكين الافتراضيين المقبلين للسلطة مثلما ظل الامر طيلة العقود التي سبقت هروب بن علي قبل ازيد من عامين.
كيف السبيل بعد كل ذلك اذن الى جسر الهوة التي تزداد عمقا بين الطرفين وهل مازال الامل ممكنا في ظل ارتفاع سقف مطالب هذا الجانب و الرد السريع برفع الخطوط الحمر من ذاك الجانب للوصول الى صيغة ترضي الجميع وتكفل الخروج السريع والامن من الازمة باقل التكاليف ووفق القاعدة الثمينة لا غالب ولا مغلوب.
المبادرات التي تدفع نحو خفض الاحتقان وجلب الحكومة والمعارضين الى جلسات حوار هادىء قد يخرج بنتائج عملية تسمح بتسريع المسار وتصحيح عثراته والمضي في اقصر الاجال نحو المصادقة على الدستور الجديد وانجاز انتخبات نزيهة
وشفافة بدات تنضج على نار هادئة رغم كل ما يبرز على السطح حتى الان من مواقف متصلبة .والاختراق الذي قام به رئيس المجلس التاسيسي باعلانه تعليقا للجلسات حتى الوصول الى جمع الفرقاء حول طاولة واحدة هو البداية الفعلية لتمهيد الطريق نحو تلك المساعي.بقي ان هناك عاملين مهمين قد يدفعان نحو تفكيك الازمة او مزيد النفخ فيها وهما موقف النقابات العمالية وتحديدا الاتحاد العام التونسي للشغل ثم التاثيرات الخارجية بدءا بدول الجوار وصولا الى الدول المهتمة بالشان التونسي وبالاساس فرنسا.
بالنسبة لاتحاد الشغل فما يصدر عنه حتى الان من مواقف رسمية يدل على قدر من الحرص في لا يقطع بالكامل شعرة معاوية بينه وبين النظام وان لا يتماهى مع جميع المطالب التي ترفعها احزاب المعارضة واهمها حل المجلس التاسيسي. لكن هناك مسالة مهمة يعلمها الجميع في تونس وهي ان تلك الاحزاب ليست لديها القدرة الكافية على حشد الشارع وانها سوف تحتاج الى ما يصفه احد قادة المنظمةالعمالية بماكينة الاتحاد وذلك في صورة ما اذا اختارت تصعيد احتجاجاتها.وعلى هذا المستوى بالذات فان مليونية دعم الشرعية التي نظمتها حركة النهضة بساحة القصبة كانت بمثابة الرسالة المزدوجة للانصار والخصوم على حد سواء بجهوزيتها متى اقتضت الضرورة لخيارالنزول الى الشارع ما يعني فرضية التصادم مع الاتحاد اذا ما انحاز بالكامل لمطالب المعارضين.اما فيما يتعلق بالمواقف الخارجية فيبدو ان السلطات الجزائرية باتت تدرك ان حالة انعدام الاستقرار وتفاقم الازمة السياسية لدى جارتها الصغرى قد تكون لها ارتدادت قوية مدمرة على اوضاعها الداخلية خصوصا اما م الغموض السائد حاليا بشان مستقبل البلد في مرحلة ما بعد بوتفليقة وهو ما قد يجعلها تتجاوز ظرفيا منطق الريبة والتوجس الذي ظل سائدا في علاقاتها مع حركة النهضة رغم انها تظل بالطبع غير مطمئنة لنجاح اي تجربة تسمح للاسلاميين بالاستمرار في السلطة. اما فرنسا التي صرح رئيسها الشهر الماضي في خطابه امام المجلس التاسيسي في تونس ان بلاده لا ترى تعارضا بين الاسلام والديمقراطية وانها مستعدة للتعامل مع اي طرف تفرزه صناديق الاقتراع فمن الواضح انها تجنبت هذه المرة ان تتدخل بصفة مكشوفة مثلما كان الامر بعد اغتيال شكري بلعيد في السادس من فبراير الماضي لما ادلى وزير داخليتها بتصريحات صحفية داعمة لمعارضة راى فيها الضحية لما اطلق عليه الفاشية الاسلامية.ويبدو الان ان باريس لم تعد تفضل لاعتبارات مختلفة ان تظهر في الصورة رغم انها تمسك عدة خيوط مهمة ولديها ارتباطات وثيقة وقديمة بالعناصر المحورية التي تقود التحركات الاحتجاجية في تونس وهي تدرك الى جانب كل ذلك مدى الضرر المباشر الذي سوف يلحق بمصالحها الاستراتيجية في تونس في صورة انفلات الوضع وخروجه عن السيطرة.
ويقدم المازق الذي وصلت اليه الامور في مصر من تعطيل لحركة الانتقال الديمقراطي واسقاط للشرعية اضافة الى ارباك الصديق قبل العدو نموذجا لما يمكن ان تنحدر اليه الاوضاع في صورة الفشل في تحقيق التوافق المطلوب . و ليست لتونس القدرة على تحمل ذلك كما ان عودتها الى الوراء لن تخدم سوى مافيا الخراب التي تمددت على كامل البلد والتي لا تهتم كثيرا ان كان الحكام اسلاميين ام علمانيين مادام وجودها مستمرا ومصالحها مؤمنة.
الوعي بذلك هو الغالب في تونس اما الاشكال الحقيقي فهو ان اصحاب المصالح الضيقة مستعدون لكل شيء بما في ذلك احراق البلد ودفعه نحو المجهول فقط من اجل ان تحمى تلك المصالح حتى وان رددوا باستمرار مع باقي التونسيين نشيدهم الوطني حماة الحمى...بحماسة لا نظير لها.







Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 69610

Jojojo  (Tunisia)  |Vendredi 9 Août 2013 à 16:41           
بلغنا القمة أم بلغنا القاع؟
اللحظة لحظة صراع و أي صراع ......في الساحات و الشوارع والحواري ....فتتعطل لغة الكلام ......و تتحرك العضلات.......و يغيب الفكر .....ذلك العضو الذي إستثمرنا فيه أكثر مقارنة ببقية الدول العربية....ولكن... الفكر خذلنا لأنه.....محلي...غيرمستورد......أتساءل ياقومي عن المستوى الذي بلغه هذاالفكر المحلي الصنع.....إنه مخيف.....ظلامي حداثي...إقصائي....
.....لماذا؟....ألهذا الحد بلغ الصراع؟...ألهذا الحد ضاقت الفضاءات؟.......إنه صراع وجود ....سيكون صراع وحشي...لا وجود إلا للون واحد....لفكر واحد....تلك هي ديمقراطية التغلب.....هل هو فعل الجينات الوراثية؟.......هل قدرنا أن نكون أوفياء للتخلف؟ .....هل بهذه النخبة سنعبر إلى بر الأمان؟.....لا أرى فيهم من يصلح لقيادة شعب يعاني أصلا من عدة عقد تراكمت .......هل لديكم الثقة في أي واحد من هؤلاء المعتصمين؟ ....هل سننقا د وراءهم كالقطيع؟ ...إنتفظ أيها الفكر
....كفاك نوما.....برهن عن وجودك....كن كوني الوجود.....مللت من الجينات الوراثية العربية....أورثتنا حب الدكتاتورية....العادلة........نتألم و نتلذذ....فهل سنخوض الإنتخبات المقبلة في خلال أربعة أشهر؟....أم سنترك العصمة بأيدي الإنقلابيين؟...هل سنطرد النواب المنتخبون؟ ....أم سنعين نخبة من الحكماء لاختيار أحسن و أسلم دستور؟.....هل نحن نختار لأنفسنا أم نترك الوصاية لنخبة من الحكماء بفكر مستورد؟......
بالمجلس التأسيسي أ م بدونه, مالفرق؟......
بالإنتخبات أم بدونه, مالفرق؟.........
هل هي دولة و مؤسسات أم عصابة تحكم؟

Meinfreiheit  (Oman)  |Vendredi 9 Août 2013 à 11:59           
اني ارى المشانق تتدلى ....

Srettop  (France)  |Vendredi 9 Août 2013 à 10:21           
للشرعية أساسان ، الإنتخاب الحر وتحديد المدة الزمنية والشرط الثاني لم يتوفر في المجلس التاسيسي. قيل إن المرحلة انتقالية والحال انها مستمرة والسؤال المطروح هو متى يتحول المؤقت إلى دائم وهل هناك مدة زمنية تنتهي اثرها الشرعية وفي نهاية الأمر ما يمنع هذا المجلس من المكوث عشرة سنوات أخرى مثلاً لو قرر ذلك؟ يبدو ان تونس أصبحت رهينة إرادة أعضاء التأسيسي بل الكتلة الأغلبية فيه لمدة نجهلها إذ لم يقع تحديدها. هل هذا سير إلى الأمام أم عودة لصيغة السلطة مدى
الحياة؟

RCDSniper  (Germany)  |Vendredi 9 Août 2013 à 09:02 | Par           
المجلس التأسيسي باقي وهذا الوحيد من يمثل الشعب. لا سبسي ولا غنوشي ولا الشابي. المجلس هو الأصل وإليه يعود الأمر رغم وجود ناس غير أكفاء و مندسين داخله فهم من الشعب الذي إنتخبهم و فوضهم للحكم خلال هذه المرحلة اﻹنتقالية.

Srettop  (France)  |Vendredi 9 Août 2013 à 08:17           
هل بدا إليك أن المجلس التأسيسي يتجه إلى الأمام؟


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female