إلى منكري سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم

بقلم حـاتـــــم الكـــــسيبي
لستم بالقرآنيين فذاك اسم لا يصلح لمُسمّى، وما تلوكونه عبر وسائل الإعلام المغرضة لا يعدو أن يكون سوى خزعبلات قديمة جديدة ابتدعها المستشرقون الملاحدة ونشروها في عوالمهم وثقافاتهم فأخذتموها عن جهل وقلّة دراية بدين أجدادكم، واخترتم مسلكا تخالونه يحفظ الدين و الحداثة في آن واحد، ولكنكم أخطأتم الطريق وتهتم في فيافي الجدل العقيم و السفسطائية.

إنما القرآني من تعلق قلبه و روحه بكتاب الله العزيز فحفظه عن ظهر قلب وطبقته جوارحه فالتزم حدوده واتبع حلاله وانصرف عن نواهيه. فالقرآني يرقى درجة عند كل آية يقرؤها يوم القيامة ويرتل ما وعاه صدره فينال المراتب العليا مع الصديقين والشهداء. أما تسميتكم التي اخترتموها فهي لا تعدو أن تكون إلاّ كمن يطلق على الفحم اسم البياض أو يسمي الأعمى بصيرا. كيف لكم أن تنكروا سنة رسول الله وقد جاءكم بالوحي وصحابته أهل محبته و أعضاده في الفتح وتركيز الدين، ففيهم المبشرون بالجنة كما أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وفيهم من أجرى الله على يديه الكرامات، فمعظمهم قوّامون صوّامون لا يدخرون جهدا في سبيل الله، فماذا فعلتم للإسلام حتى تقارنوا أنفسكم بهم وتسمحون لألسنتكم أن تنال منهم أو أن تقللوا من شأنهم؟
قد يلج منكرو سنّة محمد صلى الله عليه وسلم باب التشكيك في التاريخ و طول الأمد بين البعثة و تدوين السنّة، فيدّعون التحريف والتزوير. و لكنّ هذا الباب ضيّق لا يسمح بتمرير مثل هذه التّرهات بعد أن تعهد الله بحفظ الوحي و قد ارتضاه ليدوم إلى آخر الدنيا ولكافة البشر. فما بالك بصانع يبيعك آلة حديثة دون كتاب يساعدك على تشغيلها وتحديد مواطن الخلل إن قدّر لها أن تتعطب، ثم ما رأيك في قوم يحكمهم دستور أعد بكل تمحيص و تمعن ولكنهم أغفلوا إحداث القوانين المنظمة و المنبثقة عن ذلك الدستور. إنّما ينمّ هذا الجحود و الإنكار لسنّة خير الأنام على هروب من التكليف وانغماس في حيوانية الإنسان، فدون سنّة لا يمكن لنا أن نحسن الصلاة ولا الزكاة ولا الحج ولا غيرها من المناسك، فكل التفصيل جاءت به السنّة وبيّنته بكلّ وضوح وتدقيق. فقد يزعج التكليف بعض المنتسبين إلى دين الإسلام ويجعلهم في حرج القيام بالعبادات فيدرؤون تلك الغضاضة بأفكار لا أساس لها و بيان، فيقفون موقف التلميذ الغبي الساقط في الامتحان ويطالبون بآية واحدة من القرآن الكريم تنصّ صراحة عن سنة رسول الله. ولقد كرّمه ربّه وعصمه من المعاصي و الكذب والنفاق والرياء وكل الأمراض التي تصيبنا، فذكره بعديد الخصال ولعلّ الآية التالية دليل من الأدلّة العديدة التي تنزّه كلامه وأفعاله صلى الله عيه وسلم، قال تعالى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى . أمّا عن ورود لفظ سنّة في القرآن فيعتبر ذلك الطلب سفسطة بالغة البله و الحماقة، فكتاب الله ما كان في يوم من الأيام قاموسا للغة العربية، ولن تجد فيه أيضا عديد الكلمات كقانون و تاريخ و آلة و غيرها كثير و كثير. أما إن كان القصد بالسنّة اصطلاحا فيكفيكم كلام الله دليلا و حجّة، قال تعالى : مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم حين تنبأ بمقدمكم وأخبر عنكم منذ قرون مضت، فعن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه .
Comments
12 de 12 commentaires pour l'article 62759