حاضرون في الإعلام ..غائبون في الميدان

بقلم الأستاذ أبولبابة سالم
لو فتحنا الثلاّجة لوجدناهم , مفارقة عجيبة يعيشها الإعلام التونسي , نفس الوجوه تتجوّل بين مختلف المنابر الإعلامية بل منهم من يطوف صباحا مساء بين الإذاعات و التلفزات ثم تشاهده في الغد على صدر الصفحات الأولى في الصحف اليومية و الأسبوعية . أصاب الدكتور سالم لبيض في تشخيصه لواقع الإعلام التونسي , إنّه يحاول أن يصنع زعامات و قيادات لا أثر لها في الواقع بل البعض منهم لا يمثّل إلا نفسه و آخرون جاءت بهم الكسور الإنتخابية و نظام أكبر البقايا. من حقّهم الظهور و شرح مواقفهم و لكن ليس بتلك الكثافة حتّى كدنا أن نصدّق أّنّهم قوّة لا يستهان بها في الوقت الذي تغيب فيه تيّارات أخرى لها ثقلها ووزنها في الواقع كالتيّار القومي العروبي و بعض المستقلّين و الأكاديميين غير المتحزّبين . شكري بلعيد , سمير بالطيب , جوهر بن مبارك , عبد العزيز المزوغي , لزهر العكرمي , محسن مرزوق , أحلام الحمروني , بشرى بلحاج حميدة , نور الدين بن تيشة , هذه الأسماء استوطنت الإذاعات و مختلف المنابر بعد الثورة , فمن جاء بهم ؟ هل كانوا قادة الثورة ؟ من سمع بمحاربتهم للدكتاتورية ؟ بعضهم خاض الإنتخابات و خرج بهزيمة مذلّة و كان الأجدر به أن يستقيل إن كان يؤمن بالديمقراطية و التداول على المسؤولية في حزبه.
لو فتحنا الثلاّجة لوجدناهم , مفارقة عجيبة يعيشها الإعلام التونسي , نفس الوجوه تتجوّل بين مختلف المنابر الإعلامية بل منهم من يطوف صباحا مساء بين الإذاعات و التلفزات ثم تشاهده في الغد على صدر الصفحات الأولى في الصحف اليومية و الأسبوعية . أصاب الدكتور سالم لبيض في تشخيصه لواقع الإعلام التونسي , إنّه يحاول أن يصنع زعامات و قيادات لا أثر لها في الواقع بل البعض منهم لا يمثّل إلا نفسه و آخرون جاءت بهم الكسور الإنتخابية و نظام أكبر البقايا. من حقّهم الظهور و شرح مواقفهم و لكن ليس بتلك الكثافة حتّى كدنا أن نصدّق أّنّهم قوّة لا يستهان بها في الوقت الذي تغيب فيه تيّارات أخرى لها ثقلها ووزنها في الواقع كالتيّار القومي العروبي و بعض المستقلّين و الأكاديميين غير المتحزّبين . شكري بلعيد , سمير بالطيب , جوهر بن مبارك , عبد العزيز المزوغي , لزهر العكرمي , محسن مرزوق , أحلام الحمروني , بشرى بلحاج حميدة , نور الدين بن تيشة , هذه الأسماء استوطنت الإذاعات و مختلف المنابر بعد الثورة , فمن جاء بهم ؟ هل كانوا قادة الثورة ؟ من سمع بمحاربتهم للدكتاتورية ؟ بعضهم خاض الإنتخابات و خرج بهزيمة مذلّة و كان الأجدر به أن يستقيل إن كان يؤمن بالديمقراطية و التداول على المسؤولية في حزبه.

هم مجرّد ظواهر صوتية لا أثر لها في الواقع و ما يجمعهم هو كره حزب سياسي لا تقديم برنامج ينهض بالبلاد , إنّهم يحاولون خلق الفزّاعات و التخويف و إرباك الأوضاع للقضاء على خصم إيديولوجي غير عابئين بمصلحة البلاد . لقد سيطر رجال الأعمال على الإعلام و جنّدوا له نخبة استئصالية لمواصلة الحرب الإيديولوجية , يدرك أباطرة الإعلام جيّدا أنهم لا يمثّلون شيئا لكنّهم يعلمون أنّ لهؤلاء الخبرة و القدرة على الجدل لا تتوفّر عند من انتهت صلوحيتهم بعد 14 جانفي , هم يعلمون أنّهم لن يصلوا إلى السلطة بسبب مرجعياتهم الغريبة عن الشعب لكنّهم قادرون على إرباك الخصم و إضعافه حتى يحضر البديل الجاهز . يسعى المتنفّذون في الإعلام إلى خلق حالة من الإستقطاب الثنائي { مع النهضة / ضدّ النهضة } تماما كما كان يفعل بن علي لذلك نرى عودة أزلام المخلوع من الإعلاميين بقوّة إلى الساحة بعد أن تواروا عن الانظار بعد الثورة و منهم من كان ينتظر القصاص سريعا بسبب الجرائم التي ارتكبوها ضد المناضلين من المعارضة في سنوات الجمر لكن الحكومة المتردّدة و المرتبكة و البطيئة سمحت لهم بالعودة بل و المزايدة و تلك فضيحة أخرى و أنا لا ألوم سوى الحكومة . الخيار الثالث سيحدث توازنا في المشهد الإعلامي كما في المشهد السياسي , التيّار القومي له أنصاره في تونس من بعثيين و ناصريين و لهم تاريخ نضالي يمتد من عبد العزيز الثعالبي إلى صالح بن يوسف , شاركوا في الحركة الوطنية و في حرب فلسطين و ناضلوا في النقابات و لهم حضور محترم في الإتحاد العام التونسي للشغل , ليس له زعامات كبيرة لكن له كوادر وسطى نشيطة و هي ليست أقل ممّن استوطنوا المنابر الإعلامية اليوم , توجد أيضا شخصيات أكاديمية مستقلة لها مصداقيتها لدى الرأي العام و قادرة على تنويره و إفادته بعيدا عن التجاذبات السياسية و الحزبية كالأستاذ قيس سعيد مثلا . أليس غريبا أن نرى الصادق بلعيد حاضرا بقوّة وهو الذي اختار الإصطفاف السياسي ؟ أعتقد أن التونسيون يستحقّون إعلاما أفضل , إعلاما يتميّز بالمهنية و الحرفية و الحياد و الموضوعية , و حتى ضيوف البرامج الحوارية يجب أن يتمّ اختيارهم بدقّة و بين الكتل المتنافسة لا بين كتلة تحكم و أخرى ليس لها تمثيل حقيقي .
بعض الثورات العربية غيّرت قنوات بأكملها و ثورتنا لم تغيّر مذيعا واحدا, فهل قدرنا أن نعيش على الإستقطاب الثنائي ؟
كاتب و محلل سياسي
Comments
27 de 27 commentaires pour l'article 55962