المتباكين على صلاحيات الرّئيس و الإستبلاه السياسي

بقلم الأستاذ أبولبابة سالم
مازال في لاوعي البعض و لو كانوا معارضين أشاوس ضدّ الإستبداد حنين إلى صلاحيات الرّئيس في العهد البائد أو نظرة نمطيّة لصورة الرّئيس , فليس من السّهل تغيير ما ترسّب خلال ستين عاما بل قرون من الحكم المطلق و الصلاحيات التي قد تجعل رأس الدولة أشبه بالإله الذي يشرق على كلّ شيء . لقد حاول الرئيس الدكتور المنصف المرزوقي تغيير هذه الصورة و قد استفزّ ببساطته الكثيرين في تواضع دون وضاعة , وفتح القصر الرّئاسي الذي كان محرّما على بقية الشعب على مختلف ألوان الطيف السياسي و تجوّلت الكاميرا داخله ليكتشف التونسيون هذا المعلم الوطني و تحدّث موظّفوه و عمّاله بكل حريّة .
مازال في لاوعي البعض و لو كانوا معارضين أشاوس ضدّ الإستبداد حنين إلى صلاحيات الرّئيس في العهد البائد أو نظرة نمطيّة لصورة الرّئيس , فليس من السّهل تغيير ما ترسّب خلال ستين عاما بل قرون من الحكم المطلق و الصلاحيات التي قد تجعل رأس الدولة أشبه بالإله الذي يشرق على كلّ شيء . لقد حاول الرئيس الدكتور المنصف المرزوقي تغيير هذه الصورة و قد استفزّ ببساطته الكثيرين في تواضع دون وضاعة , وفتح القصر الرّئاسي الذي كان محرّما على بقية الشعب على مختلف ألوان الطيف السياسي و تجوّلت الكاميرا داخله ليكتشف التونسيون هذا المعلم الوطني و تحدّث موظّفوه و عمّاله بكل حريّة .

يبدو أنّ البعض نسي أو تناسى الدستور الصغير و تغافل البعض الآخر من المزايدين أنّنا في نظام مجلسي يكون فيه المجلس الوطني التأسيسي السلطة العليا في كل القرارات الهامة و المصيرية . و هذا المجلس تحكمه توازنات سياسية لأنّه تشكّل بعد انتخابات حرّة و نزيهة و شفافة أجمع كل العالم على أنّها اللبنة الأولى في أول تجربة ديمقراطية حقيقية يمارس فيها الشعب اختياره الحرّ لإنتخاب من يمثّله و يمنحه ثقته. لقد قال السيد محمد عبّو في الجلسات الأولى لهذا المجلس المنتخب أثناء مناقشة الدستور الصغير أنّ حزب المؤتمر من أجل الجمهورية قلق من نسبة 42 بالمائة من المقاعد التي تحصّلت عليها حركة النهضة و ردّ على الذين يعيبون على الرئيس المرزوقي قبوله بصلاحيات محدودة أنه توجد في عملية الشراكة السياسية تنازلات و لو كان لحزب المؤتمر نسبة أفضل في الإنتخابات لحسّن شروط التفاوض و تلك هي اللعبة الديمقراطية . لقد نادى الحزب الديمقراطي التقدمي أثناء الحملة الإنتخابية بنظام رئاسي معدّل على الطريقة الأمريكية أو الفرنسية و لكن الشعب لم يمنح ثقته لهذا البرنامج , و من المفارقات أن نرى حزب العمال الشيوعي كذلك يحتج على صلاحيات الرئيس وهو الذي دعا اثناء الحملة الإنتخابية إلى نظام برلماني مثله مثل حركة النهضة بدعوى القطع مع الإستبداد و الحكم الفردي . ألا يعلمون أن صلاحيات الرّئيس في النظام البرلماني محدودة و لنا أمثلة في تجارب بريطانيا و ألمانيا و تركيا , و لا ننسى أن من صلاحياته عندنا الإشراف على المؤسسة العسكرية حتّى لا يكون كل السلاح بيد الحكومة كما هو المسؤول عن السياسة الخارجية . للأسف الشديد , بالغ البعض في التهجّم على مقام رئيس الجمهورية ليس بكاء على صلاحياته بل لتصفية حسابات سياسية مع الدكتور المنصف المرزوقي الذي لقّنهم أقسى الدروس أثناء الحملة الإنتخابية , و البعض بدأ في حملته الإنتخابية مبكرا و صارت قضية البغدادي المحمودي كقميص عثمان فركب عليها البعض و شغلوا الناس و نسوا مشاكل تونس الحقيقية رغم أنّي أتضامن كليّا مع موقف رئاسة الجمهورية من الموضوع فإعلام الرئيس و موافقته ضرورية و متأكّدة لأنّه رأس الدولة و رمز وحدتها . ومن يريد توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية فما عليه إلا التصويت للدكتور المنصف المرزوقي في الإنتخابات القادمة حتّى يمتلك أوراقا قوية في المفاوضة , أمّا أن ينحدر البعض إلى السقوط و التردّي الأخلاقي كما نرى أنصار بعض الأحزاب المعارضة على صفحات الفيسبوك فذلك لا يدخل في إطار التنافس السياسي بل يكشف عن مستوى من يريدوا أن يحكموا تونس , فهل يعقل أنّ بعض الأحزاب التي لا يتجاوز عدد نوابها في المجلس الوطني التأسيسي أصابع اليد الواحدة تريد أن تفرض رؤيتها على الأغلبية ثمّ تواصل عويلها في وسائل الإعلام بدعوى الإقصاء و رفض مطالبها.لقد أثبتت نخبنا أنّها مازالت بعيدة عن نبض شعبها و خسرت مصداقيتها و لم تساهم في الفرصة التاريخية التي أهداها لها التونسيون في البناء الديمقراطي فطغت الحسابات الشخصية و صراع الزعامات و التعطّش للسلطة بأي ثمن على المشروع الكبير , و الحساب في الإنتخابات القادمة سيكون عسيرا و الأيام بيننا .
كاتب و محلل سياسي
Comments
26 de 26 commentaires pour l'article 51511