معركة القمامة بين النهضة و اتّحاد الشغل

بقلم عبد الرزاق قيراط،
وراء كلّ أزمة قمامة ''مافيا خطيرة'' هكذا علّمتنا أزمة النفايات التي عصفت بمدينة نابلي الإيطاليّة على امتداد أشهر بل سنوات. و اليوم يمكن توصيف الأزمة التي تحكم العلاقة بين حركة النهضة و اتّحاد الشغل بأزمة نفايات. و القمامة إذا تراكمت و انتشرت روائحها تسبّب الكثير من التشنّج و الغضب. كما وقع في نابلي حيث تراكمت لديهم آلاف الأطنان على طول الطرقات و الأنهج و الساحات. و كانت السلطات عاجزة عن إدارة الأزمة التي لم تكن أطرافها مقصورة على عمدة المدينة أو وزراء الحكومة فحسب، و إنّما كان الطرف الرئيسيّ المافيا المحلّيّة كامورا .
وراء كلّ أزمة قمامة ''مافيا خطيرة'' هكذا علّمتنا أزمة النفايات التي عصفت بمدينة نابلي الإيطاليّة على امتداد أشهر بل سنوات. و اليوم يمكن توصيف الأزمة التي تحكم العلاقة بين حركة النهضة و اتّحاد الشغل بأزمة نفايات. و القمامة إذا تراكمت و انتشرت روائحها تسبّب الكثير من التشنّج و الغضب. كما وقع في نابلي حيث تراكمت لديهم آلاف الأطنان على طول الطرقات و الأنهج و الساحات. و كانت السلطات عاجزة عن إدارة الأزمة التي لم تكن أطرافها مقصورة على عمدة المدينة أو وزراء الحكومة فحسب، و إنّما كان الطرف الرئيسيّ المافيا المحلّيّة كامورا .
ليس في بلادنا تواجد لمافيا كامورا و لكنّ لدى بعضنا تفكير مافيوزيّ خطير رغم أنّ الأحداث التونسيّة لا تنذر بحالة مزمنة كما وقع في إيطاليا، فأربعة أيام من إضراب عملة البلديّة مقدور على تحمّلها، و لكنّ الوقائع التالية تثبت أنّ عبارة الأزمة حقيقة لا مهرب منها و أنّ التفكير المافيوزي يقف وراءها.
بدأت الأزمة برمي القمامة أمام العديد من مقرّات اتحاد الشغل على خلفيّة دعوته إلى إضراب بلديّ على امتداد أربعة أيام، ما وضع قيادته في مواجهة مشكلتين بيئيّة و سياسيّة. فمن الناحية البيئيّة، أجبرت كوادر الاتحاد على الكنس أمام مقرّاتها التي تعرّضت لهجوم بالأكياس السوداء المليئة بالنفايات، هجوم أُعلن عنه قبل أيام على الشبكات الاجتماعيّة، ويبدو أنّ الأمر تجاوز المقترح الطريف إلى التطبيق الجدّي للتعبير عن احتجاج واضح ضدّ سياسات الاتحاد.

أما الأزمة السياسيّة فتخصّ المواجهة المفتوحة التي وضعت المنظّمة النقابيّة في معركة إعلاميّة مع حركة النهضة. فحرب البيانات و التصريحات تتتالى متضمّنة لاتهامات من الطرفين، فالاتحاد يتّهم النهضة بالوقوف وراء الهجمة التي تعرّضت له مقرّاته بينما تنفي الحركة تلك الأباطيل كما وصفتها و تعبّر عن استغرابها من تسرّع قيادات الاتحاد إلى مغالطة الرأي العام بها.
و اللافت في ما قاله السيّد حسين العباسي في وسائل إعلاميّة عدّة إصداره لحكم لا يخلو من الخطورة إذ يعتبر أنّ تونس تشهد انتكاسة للديمقراطيّة، مؤكّدا أنّ الاتحاد يتعرّض لمؤامرة باعتباره منظّمة كبيرة تقود المجتمع المدنيّ . و لم يفته أن يردّد في نهاية تصريحاته الإذاعيّة و التلفزيونيّة بلهجة لا تخلو من الحدّة أنّه لا أحد قادر على منع الاتحاد من القيام بدوره و تحقيق أهدافه .
في مقابل هذه اللهجة المتشنّجة المهدّدة، تمسّك العجمي الوريمي من حركة النهضة في ردوده على اتهامات العباسي بجملة من المبادئ تتعامل مع الاتحاد باعتباره شريكا أساسيّا في العمل من أجل إنجاح المسار الديمقراطيّ و جهود التنمية و الحفاظ على السلم الاجتماعيّة، رافضا أن تصبح المنظّمة أداة للعمل السياسيّ الموجّه ضدّ الحكومة في محاولة لعزلها أو جرّ البلاد إلى أزمات تضرّ بها. و عبّر الوريمي عن انزعاجه من معلومات تفيد أنّ الاتحاد يقوم فعلا بما يشبه الابتزاز السياسيّ بإعلانه عن إضرابات متتالية في قطاعات عدّة مع تعطيل ما يحدث من توافقات نتيجة الحوار مع الحكومة كما حدث مؤخّرا في شركة الكهرباء و الغاز حيث تمّ الاتفاق بين الحكومة و نقابيّيها و لكن سرعان ما ظهرت بوادر جديدة للتراجع بما يشبه التعجيز الذي يخدم غايات سياسيّة تقف خلفها الأحزاب التي حصلت على أصفار و فاصلة كما جاء على لسان عامر العريض. و سعيا إلى مزيد الطمأنة أكّد الوريمي أنّ الحكومة تحترم ما أُبرِم من اتفاقات رغم وعيها أنّها كانت بمثابة الألغام التي تركتها حكومة قايد السبسي لخليفتها.
و ليس خافيا اليوم أنّ حكومة قايد السبسي تعاملت بسخاء كبير في إمضاء محاضر الاتفاق مع نقابات الاتحاد في جلّ القطاعات، و كانت النتيجة أنّ الحكومة الحاليّة وجدت نفسها أمام تعهّدات ثقيلة و ملفّات لم تمرّ بوزارة الماليّة دراسةً و تمحيصًا ما يجبرها على التعامل معها بشيء من التروّي.
و في انتظار ما سيحدث في الأيام اللاحقة نتمنّى أن تنتهي هذه الأزمة بسرعة دون أضرار بيئيّة جسيمة، أمّا إذا تواصلت و تشعّبت أكثر فسيكون شكّنا في محلّه لنقول عن الداهية الذي خطّط لإشعالها: ياله من مافيا! .
Comments
110 de 110 commentaires pour l'article 46095